السبت، 15 ديسمبر 2012

هل تلبس المرأة الحجاب في مجالس الذكر

السؤال: انتشر بين النساء في حلقات الوعظ لبسهن للحجاب ، بدعوى رؤية الملائكة لهن ، وأن الواحدة تستحي لرؤية الملائكة ؛ فهل هذا القول صحيح ؟ وماحكم قول مثل هذا الكلام ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا : جلوس المرأة عموما في مجالس النساء ينبغي أن يتسم بالاحتشام في الملبس ، والتأدب في القول ، وخاصة إذا كانت مجالس وعظ وتذكير ، أو كانت لمدارسة القرآن والعلوم الشرعية ونحو ذلك .
ولكن لا يشرع في حقهن التحجب بدعوى رؤية الملائكة لهن ، فيعاملن الملائكة معاملة الرجال الأجانب ، أو يكون ذلك منهن على سبيل الاستحياء ومزيد الاحتشام .
فإن هذا فعل لا دليل عليه ، وتشريع في دين الله بما لم يأذن به الله ، ولو صح ذلك : لكان ينبغي على المرأة أن تلبس الحجاب في بيتها أيضا ، لأن الملائكة لا تزال الملائكة تراها هناك .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل صحيح أن جلسات الذكر النسائية لا تحضرها الملائكة ، إذا كانت النساء كاشفات لشعورهن ( أي غير متحجبات ) ؟ فأجاب :
" لا أعلم لهذا أصلا ، ولهن أن يقرأن ويذكرن الله عز وجل ، وإن كن كاشفات رءوسهن ، إذا لم يكن عندهن أجنبي ، ولا يمنع ذلك من دخول الملائكة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (24 / 85)

وأما جلوس المسلمة في مجالس الذكر والوعظ والقرآن محتشمة في لباسها ، متأدبة في أقوالها ، عاقلة في أفعالها : فهذا أمر تحمد عليه ، وجدير بها أن تلزمه ؛ فإن التأدب ومراعاة الحشمة في مجالس الذكر والقرآن أمر مشروع مرغوب فيه .
قال النووي رحمه الله :
" يُستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقبل القبلة ، ويجلس متخشعاً بسكينة ووقار ، مُطرقاً رأسه ، ويكون جُلوسهُ وحده في تحسين أدبه ، كجلوسه بين يدي معلمه ، فهذا هو الأكمل . ولو قرأ قائماً أو مضطجعاً أو في فراشه ، أو على غير ذلك من الأحوال : جاز " انتهى .

"مختصر التبيان" (ص 17) .
والله أعلم"

موقع الأسلام سؤال وجواب
الرابط. http://islamqa.info/ar/ref/144805

الخميس، 13 ديسمبر 2012

صعوبة التكيف في الأشهر الأولى

الزواج رابطة قوية ، تجمع بين شخصين في الغالب لا يعرفان بعضهما ، وبين قلبين لم يتآلفا من قبل ، وجسمين لم يلتقيا، وطبيعتين تختلفان ، يضاف إلى ذلك انفصال الزوجين عن أسرتيهما ، وربما الابتعاد عنهم . هذه الظروف والأحوال ربما تُسبب عدم تكيف بين الزوجين في الأشهر الأربعة الأولى ، ما تلبث حتى تزول ، ويتآلف القلبان ، ويعرف كل منهما طبيعة الأخر ، وتسود بينهما المحبة والمودة والسكينة . إلا أن بعض الأزواج لا يستطيع التعامل مع الأشهر الأولى كما ينبغي ، فتحصل مشكلات عديدة ربما أدت إلى الطلاق .
وعدم التكيف له مظاهر وأسباب منها :
فمن المظاهر
1. رغبة احد الزوجين المتكررة بزيارة أهله .
2. كثرة الاتصالات على الأهل خصوصا من الزوجة .
3. كثرة بكاء الزوجة ، وحزنها الشديد على أهلها .
4. اضطراب النوم وقلة الشهية ، مع عدم الرغبة الجنسية ، خصوصا من الزوجة .
5. الرغبة في الخروج من المنزل ، لأتفه الأسباب .
ومن أسباب ذلك
1. نشوء أحد الزوجين في بيئة مغلقة ، أفقدته مهارات التواصل مع الآخرين .
2. مبالغة أسرة أحد الزوجين في التربية العاطفية ، خصوصا المرأة.
3. عيش أحد الزوجين في جو من الدلال الزائد ، والاتكالية المفرطة.
4. خوف الزوجة من المجهول ، خصوصا إذا كان الزوج صغيرا لا يعرف التعامل مع الزوجة.
5. جهل الزوجين أو أحدهما بحقوق الآخر ، الواردة في الدين الإسلامي .
6. جهل الزوجين بطبيعة أشهر الزواج الأولى ، وصعوبة التأقلم بسرعة بين الطرفين.
7. جهل بعض الزوجين بطبيعة الآخر ونفسيته .
8. حصول بعض الأخطاء المتكررة من احد الزوجين ، دون العمل على إصلاحها.
9. تدخل الشياطين في إفساد العلاقة الزوجية ، بتضخيم الأخطاء ، وتصعيد المشاكل .
الحلول
1. توعية الزوجين بأن ما يحصل من ضيق وتبرم سيزول قريبا ، وهو ناتج عن عدم الألفة والمحبة.
2. على كل من الزوجين أن يعرف خصائص صاحبه النفسية ، فالزوجة لابد أن تعرف طبيعة الرجل ، والزوج لا بد أن يعرف طبيعة المرأة .
3. على كل من الزوجين تعلم حقوق كل منهما على الآخر ، وذلك بدراسة الكتب المختصة في ذلك.
4. لا بد من تفهم الزوج لمعاناة زوجته ، خصوصا إذا كانت بعيدة عن أهلها ، وصبره عليها.
5. يحرص الزوج على التخفيف من معاناة زوجته ، عن طريق تكرار زيارتها لأهلها ، والاتصال المستمر بهم .
6. البعد عن العناد والتمسك بالرأي عند تضايق الطرف الآخر ، بل لا بد من المرونة ، والتنازل عن بعض الأمور حتى تسير عجلة الحياة.
7. يحرص الأهل على دعم الزوجين نفسيا ، حتى يتجاوزا هذه المرحلة .
8. تطهير البيت من المنكرات ، خصوصا المعازف والصور ، وجعل البيت عامراً بطاعة الله ، حتى لا يكون للشياطين مدخل على الزوجين.

الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

سؤال صعب

جاء شيخ كبير إلى مجلس الإمام الشافعى ، فسأله : ما الدليل والبرهان في دين الله ؟
فقال الشافعي : كتاب الله.
فقال الشيخ : وماذا أيضاً ؟
قال : سنة رسول الله
قال الشيخ : وماذا أيضاً ؟
قال : اتفاق الأمة
قال الشيخ : من أين قلت اتفاق الأمة؟
فسكت الشافعي ، فقال له الشيخ : سأمهلك ثلاثة أيام.
فذهب الإمام الشافعى إلى بيته، وظل يقرأ ويبحث في الأمر .. وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس.
قال له الشافعي : قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات ، حتى هداني الله إلى قوله تعالى : {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوفه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} .. فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا.
فقال الشيخ : صدقت !!



الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

كوني فخورة بزوجك

الفخر والمدح والثناء من الأخلاق التي تجمل الحياة الزوجية، وتعطيها طعماً طيباً، وكلما مدحت الزوجة زوجها على عمل قام به لأجلها أو لأجل أبنائها، أو في موقف وقفه من أجل العائلة زاد حبها في قلبه، فالمدح مكافأة نفسية لكلا الطرفين والحياة الزوجية تكون جافة إذا لم يتخللها المدح والثناء، والإنسان بفطرته يحب أن يمتدح إذا قام بعمل أو أدى حقا، كوني فخورة بزوجك أبي أبنائك، وشريك حياتك، فهذا من أهم الأسرار التي تربط الزوجين برباط أكبر من الحب الاحترام، فالرجل يتوقع من زوجته أن تفخر به، وأن تحرص على إظهار مميزاته وحسناته، وأن تتغاضى عن سيئاته، اغرسي قيم الاعتزاز في نفوس أبنائك تجاه والدهم، واجعليهم يعتقدون بأنه إن تعب فإنما يتعب من أجلهم، وإن غاب عن البيت فمشغول بتأمين احتياجاتهم.
عليك أيتها الزوجة أن تكوني فطنة، أكثري من مدح زوجك، أمامه وفي غيبته عند أولاده، في المجالس التي تجلسينها مع الآخرين.
فخرك بزوجك يكون سبباً في الحفاظ على مملكتك من التصدع وحدوث المشاكل، فكوني حسنة الخطاب إن رأيت منه ما تكرهين امتثالاً لقول الله: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً} [سورة البقرة:83]، نسأل الله أن يسعد كل زوجين.

السبت، 1 ديسمبر 2012

التقصير في حق الزوجة

جعل الإسلام لكل من الزوجين حقوقًا على الآخر، فأوجب على الزوجة حقوقا تجاه زوجها يجب عليها أن تقوم بها، وأن تؤديها كاملة، وأوجب على الزوج حقوقا تجاه زوجته يجب عليه أن يقوم بها، وأن يؤديها كاملة؛ ويحرم عليه التقصير فيها؛ لقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ }.
فإذا علم الزوج ماله من حقوق ، وما عليه من واجبات فإن سيؤدي ما عليه من حقوق، ويطلب ما له من واجبات ، وكذلك الزوجة إذا علمت ما لها من حقوق، وما عليها من واجبات؛ فإنها ستؤدي ما عليها من حقوق، وتطلب ما لها من واجبات ، فإن قصر أحدهما في حقوق الآخر؛ فينبغي عليه أن يلوم نفسه قبل أن يلوم الآخر في تقصيره ، ولا يطلب من الآخر شيئا هو مقصر فيه؛ لقوله: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف(2)] بل عليه أن يعطي الآخر حقه ثم بعد ذلك يطلب حقه..
وحقوق الزوجة على زوجها كثيرة؛ ومنها:
1- إعطاءها مهرها كاملا ، وعدم أخذه منها .
2- النفقة عليها بالمعروف ، دون إسراف ولا تقتير.
3- العدل في القسم إذا كان له أكثر من زوجة..
4- المعاشرة بالمعروف.
فيجب على الزوج أن يؤدي حقوق زوجته كاملة، وأن يحذر من التقصير فيها؛ لحديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ ، وَلَا تُقَبِّحْ ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ " .)[رواه أبو داود وصححه الألباني] والأدلة في هذا الباب كثيرة جدا..
مع أنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار: أن يكون أداء هذه الحقوق طاعة لله ولرسوله، وليس فيما فيه مخالفة لشرعه..

الجمعة، 30 نوفمبر 2012

لِبَاسٌ لَّكُمْ

لابد للمرء من لباس يواريه، وستر يستره ويحميه، وإلا لصعبت عليه الحياة في هذه الدنيا، ومن أجمل الألبسة التي امتن بها الله جل في علاه على بني البشر أن خلق لهم من أنفسهم أزواجاً، فجعل كلا الزوجين لباساً للآخر إذ يقول: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [سورة البقرة: 187]، فكما أن اللباس يستر فكذلك الزواج يفعل، فهو عفاف يستر صاحبه عن الحرام، وهو ستر بالنسبة لما يستر به الزوج زوجته، والزوجة زوجها، فلا يُعلمان أحداً بأسرار البيت، ولا يدري أحد بعيوبهما، والبيت التي تكشف أسراره كاللباس الممزق الذي لا يستر صاحبه، وفي كلمة اللباس نلمس حاجة المرأة للرجل وحاجة الرجل للمرأة فلا غنى لأحدهما عن الآخر، وكلاهما مكافئ للآخر في قضاء حاجة صاحبه، واللباس زينة يتزين به المرء، وكذلك الزواج هو زينة يجد فيها الإنسان لذته، وما يحتاجه من المنظر الحسن، والملبس الطيب الطاهر الذي يفتخر به، ويشكر ربه عليه، واللباس حماية يحمي البدن مما قد يضره، وكذلك الزواج يحمي صاحبه من أمراض الفتن وأدواء الشهوات، واللباس يتجدد ويتنوع، وكذلك الحياة الزوجية قد تتجدد وتتنوع من حيث التعامل، والمضاجعة: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [سورة البقرة: 223]، فلم يُستثنى من صور الاستمتاع الشرعي بالزوجة إلا إتيان الحائض والدبر.
ومن قول الله تعالى: {هن لباس لكم} نتعلم الأدب الرفيع في التعبير عن مرادنا بأفضل عبارة، وبأجمل لفظ إن وجد الحرج في التصريح، فنأتي بما يدل على المقصود، ويشير إلى المطلوب، فسبحان الله ما أعظم كتابه، وما أحسن شرعه، وما أعطر عبارته، شرع الزواج فجعله لباساً وستراً، وعفة وطهراً.

الخميس، 22 نوفمبر 2012

موظَّفٌ مُحبَط! -- تدني أداء الموظفين: فتش عن المدير!

- سألته عن خدمته في العمل فكانت عشرين سنه تقريباً..

هو إذن بيت للخبرة!

- أجاب: كلا؛ إنها سنة واحدة مكررة عشرين مرة!

- كيف تجد نفسك في المكتب؟

- أشعر بغياب الروح، وأنني كائن آلي، ولا انتمي لجو العمل إلا شكلاً فحسب!

- كيف؟

- أجاب: رحمة الله على أيامي الأولى! أتيت بحماس غريب، كنت أول من يحضر وآخر من ينصرف، وبعض أوراقي أحملها معي إلى المنزل حتى تضايقت زوجتي وطالبتني بالعدل!

كنت أشعر بالاحتساب والتعبد لله وأنا أنجز عملي وأقوم بواجبي، وأشعر باغتباط حين أرى وجوه المراجعين (المستفيدين) تتهلَّل بالبشر، ودعواتهم لي من سويداء قلوبهم..

زميلي كان ينظر إليَّ بإشفاق ويبتسم ويهمهم قائلاً: (بَشِّر الزرع بفلاح جديد!).

وكأنما كانت مهمته أن يفتح عيني على الجانب السلبي في الإدارة، وأن ينشر روح التخاذل والتشاؤم بين الزملاء!

أخيراً نجح؛ لا بكفاءته في الإقناع بل لأن بيئة العمل كانت إلى جانبه.

شعرت بعد وقتٍ وجيز أنني أنا الأول والأخير في عملي، فلا إشراف ولا رقابة، ولا أحد يتابعني؛ على أني لست مسؤولاً، وإنما موظف في بداية مشواره العملي وبحاجة إلى الإحساس بروح الفريق، وأن أجد مديري يتابع أدائي ويصحح ويضيف خبرته إلى اجتهادي!

لم يطلبني العمل لدورة تدريبية واحدة، ولا سعى لتطوير إمكانياتي وتزويدي بالتجارب والملحوظات؛ التي تُعزز شخصيتي ومسيري..

وجدت الخطأ يتكرر مني -عن غير قصد- وقد أضرّ مراجعاً، أو أحرمه من حقه، أو أظلمه.. ولا أجد من يقول لي: لماذا؟ فلا حسيب ولا رقيب! وكأنني أنا الموظَّف وأنا القانون.

المدير في برجه العاجي مشغول بنفسه وغير مكترث، وفي نهاية الأمر أحالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهت شفرة بينه وبيننا مؤداها: (اغفلوا عني وأغفل عنكم)؛ وكأنه يرى أن جو العمل وعلاقاته لا تكون مبنيَّة على المسؤولية والأداء بل على (الميانة) والزمالة وروح التساكت والتفويت!

نظرت إلى زميل سابق كسول ومُسوِّف، يتهرَّب من العمل، ولكنه حكواتي وصاحب نكتة، ويجيد صنع العلاقات، ويخدم الآخرين عبر هذه العلاقات، فوجدته يظفر بنصيب الأسد من الثناء، وخارج الدوام، والترقيات.. وهذا يُعرف لدينا بـ(الملكع)!

وزميل آخر خجول ويستحي من كلمة(لا)، ويتحمَّل أعمالاً ليست من مسؤوليته دون تضجُّر حتى أصبح معظم عمل الإدارة عليه.. لم يحصل هذا الزميل على محفِّزات كافية، ولا تمّ تقدير جهده الاستثنائي الذي غطى عيوبنا جميعاً.. حصل أخيراً على ترقية ولكنها غير كافية، ولا معبّرة عن حجم الجهد الذي كان ولا يزال يقوم به، ونحن جميعا نسميه بـ(الكرِّيف)!

كنت أحاول أن أكون كرِّيفاً، ولكن غياب الروح المحفِّزة داخل بيئة العمل وضعني أخيراً في زمرة (الملكعين)؛ خاصة وأن الزملاء ينظرون للكرِّيف نظرة إشفاق، وأحيانا أسمع كلمة: (مسكين)، (مضيع عمره)..

جرَّبت أن أتهاون وأُماطل فلم أجد فرقاً، جرَّبت أن أغيب فلم أجد مشكلة.

وأخيراً ماتت الروح في داخلي.. وحدها بقية من الإيمان والخوف أن يكون راتبي من حرام أطعم به أهلي وصبياني، فذلك يحملني على القيام بأعمال ضرورية دون أن أجد الحماس والدافعية للإنجاز والعطاء.

كثيراً ما ألتمس العذر لنفسي بمشاهدة مسؤولين أكبر مني وهم غير مكترثين للعمل، ولا ملتزمين بالحضور، ولا منضبطين بالنظام؛ الذي يشهرونه في وجوه المراجعين ليعفيهم من إنجاز المهمات، ويشغل المراجع بتوفير مطالب وتكاليف جديدة!

كان يضايقني التضارب في التوجيهات والأوامر بين المدير العام والمدير المباشر، والمبني غالباً على رؤية شخصية، أو مراعاة للعلاقة، وليس على نظام صارم حاسم ينفذ على الجميع.

المدير العام متسامح وطيب، وعادة يميل إلى تمرير الأشياء وتمشيتها، والمدير القريب لا يكترث، ويبدو كما لو كان يبحث عن مسوغات للمماطلة.

الراتب في نهاية الشهر ينزل لنا جميعاً دون فرق.

أخيراً وجدت نفسي حيث تراني غير مهتم بسمعة الإدارة ولا بالناس، وضعفت روحانيتي ورحمتي وتقديري لمعاناة المحتاجين..

لم أعد أشعر بالانتماء لعملي، ولا بأن هؤلاء الناس ناسي وأهلي.

أكثر ما يقلقني الخوف من القرش الحرام، ولذا أتصدَّق ببعض راتبي، وأعتمر، وأصلي النوافل بما فيها صلاة الضحى.. بينما العديد من المراجعين يصطفون أمام أبوابنا المغلقة!

لمتابعة جديد الشيخ سلمان العودة:

twitter: @salman_alodah

facebook.com/salmanalodah

د. سلمان بن فهد العودة
السبت 06 ذو القعدة 1433
الموافق 22 سبتمبر 09

----------------------
••••••••••••••••••••••••
----------------------


يمثل إشكالية كبيرة تعطل الإنجاز في المنظمات الحكومية

تدني أداء الموظفين: فتش عن المدير!
تحقيق شقران الرشيدي

دراسة سعودية: كثرة الغياب، وإشغال الوقت بأعمال أخرى، وترك مكان العمل بلا عذر.. مؤشر سلبي واضح على تدني إنتاجية الموظف الحكومي.
مدير عام البرامج العليا بمعهد الإدارة العامة د. عبد الرحمن الوزان: ضعف إنتاج الموظف مرتبط بثقافة المنظمة وقيمها المحفزة ورغبته الجادة في التميز.
مسئول التدريب والتطوير في مؤسـسة تكافل الراجحي للتأمين محمد الحسون: ضعف توجيه الأسرة وانتشار مفهوم العمل الحكومي يصرف الراتب سواء أنتجالموظف أم لم ينتج.
مسئول شئون الموظفين بالشئون الصحية بالمنطقة الشرقية يوسف العبد اللطيف: من واجب الموظف السعودي أن يطور نفسه وقدراته ويتأقلم في بيئة العمل بسرعة حتى يستطيع الحصول على مميزات أعلى وراتب أكبر.
محمد آل سليس : تسيب الموظفين يعطل مصالح الناس وثلة من الموظفين الفاشلين تصر على عدم تأدية عملها بالشكل الصحيح.

في روايته الشهيرة (يوميات نائب في الأرياف) يروي الأديب العربي الكبير توفيق الحكيم قصة موظف يعمل بأمانة وينجز عددا كبيرا من الملفات يوميا، فيبقى مكتبه نظيفا، لكنه غير مقدر ويشتكي من أن الموظفين الذين لا يشتغلون مثله يرتقون بسرعة في السلم الإداري ويحصلون على علاوات، أما هو فيبقى دائما كما هو، وعندما لاحظ أحد أصدقائه ذلك، قال له: يجب أن تغير خطتك، عليك أن تنجز اقل ما يمكن من الملفات يوميا، مثلا، أنجز خمسة ملفات بدلاً من خمسين. وبالفعل تراكمت الملفات على مكتبه، وأصبح من الضروري تعيين موظفين آخرين لانجاز العمل. ولما استمر الأمر كذلك، سأل الموظف رئيسه: ببساطة ألا يستدعي وجود هؤلاء الموظفين الجدد واحدا يرأسهم؟ فأجابه مباشرة: أنت مدير المكتب منذ الآن!.

مثل هذه القصة بما تحتويه من أبعاد نفسية، واجتماعية تتجسد ملامح مأساة ثقافية سلبية تكرست في بعض العقول والنفوس وأصبحت إرثاً اجتماعياً تعاني منه أغلب المرافق الحكومية في الوطن العربي، وفي المملكة بطبيعة الحال تبرز مثل هذه النماذج التي تحولت إلى نفوس محبطة تتفنن في تعطيل العمل، وتأخير الإنجاز، ونشر جو من التخاذل بين الزملاء بعد أن كانت محبة للعمل والإنتاج.. ومن المفارقات الغريبة أن مثل هؤلاء يرتقون سلم الترقيات في الوظيفة العامة في حين يهمل الموظف المنضبط والمنتج.. وهذا يطرح التساؤلات: ما هي أفضل الأساليب الملائمة للتعامل مع الموظفين غير المنتجين أو كما يقال (خارج الخدمة)؟ وكيف يمكن تحويلهم إلى مسار الإنتاج في أداء أعمالهم الوظيفية شأنهم شأن الآخرين؟..

لماذا هذا الموظف غير منتج دون غيره؟

حملنا تساؤلاتنا وطرحنها على طاولة د. عبد الرحمن الوزان مدير عام البرامج العليا بمعهد الإدارة العامة الذي بادر بطرح السؤال المهم، وهو: لماذا يكون الموظف غير منتج.. ما هي الأسباب؟ و يستطرد قائلاً: السبب في رأيي مرتبط بعاملين مهمين أولهما يتعلق بالمنظمة ذاتها، وطبيعة عملها ووضوح أهدافها وأدوارها، وما تحتويه من قيم عمل إيجابية، وثقافة محفزة للموظفين على مزيد من العطاء والإنتاج،. وثانيهما يتماس مع الموظف نفسه وطريقة تفكيره، ورغباته الذاتية في التطور والعطاء والإنتاج. ويضيف إن أردنا تناول هذين العاملين بشيء من التفصيل يمكن القول إن العامل الأول المرتبط ببيئة العمل في المنظمة وقد يكون أحد أسباب ضعف إنتاجية الموظفين ويعود لعدة نقاط يمكن إيجازها فيما يلي: 1-عدم فاعلية العملية الإشرافية أو ما يعرف في علم الإدارة بالـ(coaching) وهي عملية التوجيه والتدريب المتواصلة من خلال المشرف الإداري. 2- ضعف التدريب المباشر على المهارات المراد إتقانها بجانب التصحيح المستمر للأخطاء التي يقع فيها الموظف، ففي حالات كثيرة تتكرر الأخطاء بشكل متواصل دون تصحيح وتوجيه لها مما يجعل الموظف في حالة من الإحباط المتكرر وهذا ينعكس على الإنتاجية. 3- عدم وجود قنوات اتصال فاعلة بين الموظفين والمدراء أو المشرفين بشكل يسهم في التحفيز الكافي. 4- تعدد الأوامر التي يتلقاها الموظف من جهات مختلفة في منظمة العمل أو في الوحدة الإدارية مما يؤدى للازدواجية والتداخل ويربك الموظف. 5- إهمال الثناء من قبل المشرف على ما ينجزه الموظف من أعمال حتى ولو كانت صغيرة. 6- عدم العدالة في توزيع الأدوار والمهام والواجبات بين الموظفين، واستغلال الموظف المنتج بشكل مبالغ فيه وتحميله حجم عمل كبير وأكثر من غيره مما يحوله إلى موظف محبط وغير منتج بجانب تعزيز الجانب السلبي لدى غير المنتج أصلاً. أما بخصوص العامل الثاني المؤثر في تحويل الموظف إلى عامل غير منتج فيوضح د. عبد الرحمن الوزان أنه يعود للموظف ذاته من حيث ما يلي:1-مستوى التأهيل الذي يحمله لكي يستطيع القيام بالمهام المطلوبة. 2- الصفات والقدرات الشخصية كسرعة الاستجابة، والتركيز، والقدرة الإيجابية على التعامل مع محيط العمل ومعطياته والضغوط مهما كان مصدرها.3- عدم وضوح تقارير الأداء الخاصة بمتابعة الموظف وحجم إنجازه وجعل ذلك جزء من تقييم أداء السنوي. لكن ما هو الحل؟ يرى د. عبد الرحمن الوزان من خلال خبرته واطلاعه أن الحل في جعل الموظف غير المنتج محب للعطاء والعمل يمكن في عدة نقاط، من أبرزها ما يلي: 1-تعزيز الدور الإشرافي في المنظمة بشكل علمي سليم. 2-العمل على إشراك العاملين في المنظمة لاستيعاب أهمية الدور الذي يقومون به على مستوى وحداتهم الإدارية، وعلى مستوى المنظمة بشكل عام.3-العمل على إعطاء الموظفين مساحة أوسع في تحمل المسئولية وتطوير العمل، والتدريب على ذلك بشكل مستمر.4-تعزيز قيم العمل والشراكة الايجابية بين العاملين داخل التنظيم وجعلها جزء من الثقافة التنظيمية للجهاز أو المؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.

دراسة سعودية: تمثل مشكلة خطيرة

وتكشف دراسة قام بها د. سليمان بن محمد الحسين آل جبير، من كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن ضعف الإنتاجية والسلوكيات المعوقة للإنتاج تمثل مشكلة خطيرة للكثير من المؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتات الإنتاجية حيث قدرت بعض الدراسات العالمية أن ما بين 10% إلى 30% من المؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتات تعلن سنوياً إفلاسها بسبب تدني مستوى الإنتاجية بسبب تورط العاملين في ممارسات تقلل من الإنتاج. وكانت الدراسة قد أوضحت كذلك أنها استقصت آراء عينة تتكون من (142) مديراً سعودياً، وتبين أن المشرفين في القطاع الحكومي ينظرون إلى كثرة الغياب، وإشغال الوقت في أعمال غير الأعمال المناطة بالموظف، وترك مكان العمل من دون عذر.. كمؤثر سلبي على الإنتاجية أكثر من المشرفين في القطاع الخاص، والسبب أنهم لا يستطيعون التخلص بسهولة من الموظف الذي تظهر عليه مثل تلك الممارسات الخاطئة.

لكن ما هو رأي عدد من المشرفين والموظفين في هذا الموضوع، نتعرف على ذلك قمنا بلقاء عدد منهم..

العمل الحكومي يصرف الراتب عملت أم لم تعمل

يقول أ. محمد بن عبد الله الحسون، مسئول التدريب والتطوير في مؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة تكافل الراجحي للتأمين: إن وجود بعض الموظفين غير المنتجين أسبابه كثيرة قد يكون منها ضعف توجيه الأسرة تجاه العمل، ونظرة المجتمع السلبية لمن يعمل بجد، وترسخ نظرية أن العمل الحكومي يصرف الراتب سواء عمل الموظف أم لم يعمل، أما إذا عمل الإنسان في شركة أو مؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة خاصة ولم يجد توجيهاً مناسباً من المسئولين عن عمله فقد يكون التقصير والخلل في الموظف نفسه وفي ضعف إمكاناته. ويوضح الحسون أن سوق العمل المحلي مليء بالكفاءات الوطنية وكثير من السعوديين موظفون وعاملون ومشرفون أكفاء ومتميزين ويحققون معدلات تقييم عالية أكثر من غيرهم. لكن ما نراه أحياناً من بعض التقاعس والكسل بسبب وجود بعض المدراء غير المؤهلين لمهمة الإشراف على مجموعة من الموظفين لذا يهملون احتياجاتهم الوظيفية من التحفيز، والتدريب، والتقدير الجيد.

دورة تدريبية

ومن جانبه يقول مسئول إدارة شئون الموظفين، بالشئون الصحية بالمنطقة الشرقية، أ.يوسف العبد اللطيف: هذه مشكلة كبيرة نعاني منها في العديد من الدوائر الحكومية، ولابد من تشجيع الموظف بشكل مستمر حتى نضمن إنتاجه من خلال إعطائه دورات تدريبية مهمة في مجال عمله تطور من قدراته ومعلوماته ومن معرفته بجوانب العمل ومستجداته. ويطالب العبد اللطيف الموظف السعودي أن يطور نفسه ويتأقلم في بيئة العمل بسرعة حتى يستطيع الحصول على مميزات أعلى وراتب أكبر، ويضرب مثلاً أن في القطاع الخاص لا يستمر إلا الموظف المنتج لأن كل دقيقة تعنى بالنسبة للمؤسـسة ربح مادي وكل تعطيل أو تأخير لها يعنى خسارة مالية غير مرغوبة، وربما يكمن سر نجاح القطاع الخاص في قدرته على التخلص من العناصر غير المنتجة والتي تشكل عبئاً، وتحول دون تحقيق أهدافها. لكن في القطاع الحكومي – بحسب أ. العبد اللطيف- فإن العمل والإنتاج لا يعنى ربح مالي بل تأدية أدوار معينة لخدمة المواطنين، وبالتالي من يبرز وينتج فيه من الموظفين يرجع لسببين أولهما بيئة العمل الناجحة، وكذلك المسئولين ورغبتهم في تطوير العمل وتحقيق الانجازات السنوية، وثانيهما رغبة الموظف في التميز والعطاء وتحقيق طموحاته، أما الموظف غير المنتج فأعتقد أن على مديره المباشر وضعه في المكان المناسب لإبراز لإمكاناته وأدائه بما يضمن إنتاجيته، وأنا ألاحظ أن بعض الموظفين تغير أسلوب تفكيرهم وأصبحوا إيجابيين في العمل من خلال أخذهم دورات تدريبية تطور من ذواتهم.

عقولنا وثقافتنا

وفي ذات السياق يرى أ.عبد الله البراك، موظف في أحدى الجهات الخدمية الحكومية بالرياض: "أن السبب في ضعف إنتاجيتنا بشكل عام مقارنة بالعالم الآخر هو أننا في المجتمع زرعنا في عقولنا وثقافتنا أن من يعمل وينتج هو شخص غير مقدر و(كريف شغل) في حين أن من لا يعمل ويتحايل على القوانين والأنظمة، وينافق المدير، ويتملق المسئول، ويتهرب من المسئولية هو الشخص الذكي الفاهم المحترم (الملكع). وهنا – كما يقول البراك- المشكلة فمتى ما تغير هذا المفهوم في المجتمع نحو العمل والإقدام على التحديات الوظيفية، والإنجاز والعمل وفق مبدأ (تحليل الراتب) ووفق قيم أخلاقية عالية، وبتوجيهات شرعية ملزمة للإنسان في أن العمل شرف للإنسان وهو نوع من العبادة، وأن الإخلاص فيه يستحق الجزاء والثواب في الدنيا والآخر سيكون لدينا بيئة عمل محفزة على العمل. ويؤكد عبد الله البراك أنه ومتى ما وصل الموظف الحكومي إلى الشعور بوخز الضمير وبالذنب في أنه يتقاضى أجر شهري غير حلال لأنه لا ينجز عندها سيصبح لدينا موظفين منتجين.

يعطل مصالح الناس

ومن جانبه يرى أ.محمد آل سليس من مسئولي إدارة الرخص الطبية، بوزارة الصحة، أن المشكلة في ضعف الإنتاج تكمن في أن الموظف غير مدرك أنه في الأصل جرى تعيينه في الوظيفة العامة ليكون نقطة ايجابية للمنظمة يساعد على تحقيق أهدافها وتطلعاتها وينجز أعمالها، وبالتالي لم يأتي تعيينه في القطاع الحكومي لأنه إنسان يحتاج إلى راتب شهري يصرف منه، وإلا لأصبحت الوظائف الحكومية بمثابة أماكن توزيع الصدقات. ويؤكد أ.محمد أن التدريب والتحفيز المناسب والرقابة الصارمة سيقضي على تسيب الموظفين، وسيردع من يعطل مصالح الناس، وسيحد من تأجيل إنجاز المعاملات من دون داخل أروقة الدوائر الحكومية.

لابد من تحسين الاتصالات والعلاقات الإنسانية

ويطرح د. سليمان آل جبير، ضمن الدراسة التي ورد ذكرها آنفاً عدة توصيات تفيد في تحسين إنتاجية الموظفين، أبرزها تحسين وزيادة البرامج التدريبية مع ضرورة ملاءمتها مع احتياجات المتدربين، وكذلك تحسين الاتصالات والعلاقات الإنسانية داخل بيئة العمل، إلى جانب استعمال وسائل الرقابة الفعالة، وجعل عنصر الانتظام في العمل من العناصر الأساسية في تقييم أداء الموظف وترقيته. كما دعت الدراسة إلى تبني مبدأ التدوير الوظيفي لإكساب الموظفين خبرات جديدة، وتخفيف الملل من أداء أعمال محددة لفترة زمنية طويلة، مع العمل على مساعدة العاملين في حل مشكلاتهم الوظيفية والنفسية والاجتماعية وإزالة العقبات من طريقهم، وتشير الدراسة إلى أن الأجور التي تكفل للموظفين حياة مستقرة وتضمن دخلاً يفي بمتطلبات الحياة بعزة وكرامة، أمر يحقق زيادة الإنتاج كماً وكيفاً.

http://www.tanmia-idaria.ipa.edu.sa/Article.aspx?Id=269
معهد الادارة العامة - التنمية الادارية





غداً الجمعة هو يوم تاسوعاء والسبت العاشر من شهر محرم

تاسوعاء هو اليوم التاسع من شهر محرم (غداً) وهو يوم فاضل عزم النبي صلى الله عليه وسلم على صيامه مع عاشوراء إن أحياه الله عاما آخر ، قال النووي رحمه الله: * "يُسْتَحَبّ صوم التَّاسِع وَالْعَاشِر جَمِيعًا ; لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ الْعَاشِر , وَنَوَى صِيَام التَّاسِع" وهو قول جمهور العلماء . المجموع (6/383) ، المغني (3/178) ، مواهب الجليل(2/406)، حاشية ابن عابدين (2/375)، فتاوى اللجنة الدائمة (10/401.( وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عزم في آخر حياته على صيام اليوم التاسع مع العاشر، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ،قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ) فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه مسلم (1134). * و"ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ. الثَّانِي:أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ (حتى لا يفرد بالصيام) , كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ. الثَّالِثَ:الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ, وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ" المجموع (6/383). * وأقوى هذه الأوجههو مخالفة أهل الكتاب ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " لماّ قيل له قبيل وفاته: إِنَّهُ يَوْمٌ [عاشوراء] تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، أمر بمخالفتهم، بضم يوم آخر إليه، وعزم على ذلك، ولهذا استحب العلماء أن يصوم تاسوعاء وعاشوراء وبذلك علّلت الصحابة رضي الله عنهم"اقتضاء الصراط المستقيم (1/284)،مجموع الفتاوى (25/311) ، (21/170)، ورجحه ابن حجر في الفتح (4/245). * "فَعَلَى هَذَا [التعليل] ، لَوْ لَمْ يَصُمِ التَّاسِعَ مَعَهُ ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَصُومَ الْحَادِي عَشَرَ" روضة الطالبين للنووي( 2/ 387). * ومن كان عليه قضاء من رمضان فالأولى أن ينوي بصيام يوم تاسوعاء القضاء ، فيكون قد بادر بقضاء الواجب لأنه أهمّ، وحصّل مقصود الشرع وخالف اليهود. * ولا كراهة في ترك صوم التاسع وصوم عاشوراء وحده، قال شيخ الإسلام" :صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ ، وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ ". الفتاوى الكبرى(5/378). "فيجوز صيام يوم عاشوراء يوماً واحداً فقط ، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده ، وهي السُنَّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم " . اللجنة الدائمة ( 11/401)

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

الحث على صيام عاشورا والاحتياط له

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه [1]
أما بعد : فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم يوم عاشوراء ، ويرغب الناس في صيامه ؛ لأنه يوم نجا الله فيه موسى وقومه وأهلك فيه فرعون وقومه . فيستحب لكل مسلم ومسلمة صيام هذا اليوم شكراً لله عز وجل وهو اليوم العاشر من محرم ويستحب أن يصوم قبله يوماً أو بعده يوماً ؛ مخالفة لليهود في ذلك ، وإن صام الثلاثة جميعاً التاسع والعاشر والحادي عشر فلا بأس ؛ لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(( خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله ويوماً بعده ))[2] وفي رواية أخرى : (( صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده )) [3] . وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن صوم عاشوراء فقال :
((يكفر الله به السنة التي قبله)) [4] . والأحاديث في صوم عاشوراء والترغيب في ذلك كثيرة . ونظراً إلى أن يوم الاثنين الموافق 1 محرم من عام 1419هـ حسب التقويم يحتمل أن يكون هو أول يوم من شهر عاشوراء ( محرم ) 1419هـ إذا كان شهر ذي الحجة 29 يوماً فإن الأفضل للمؤمن في هذا العام أن يصوم الأربعاء الموافق 10/1 حسب التقويم ، ويصوم معه الخميس أو يصوم الخميس والجمعة ؛ لأن يوم الأربعاء يحتمل أن يكون العاشر إن كان شهر ذي الحجة ناقصاً ، ويحتمل أن يكون هو التاسع إن كان شهر ذي الحجة كاملاً ، ومن صام يوم الأربعاء أو الخميس والجمعة ، أو صام الثلاثة ، فقد وافق السنة ، لما في ذلك من الاحتياط لهذه السنة ، ولأن صوم ثلاثة أيام من كل شهر سنة معلومة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وللبيان والإيضاح جرى تحريره . وأسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يرضيه ، وأن يجعلنا جميعاً من المسارعين إلى كل خير إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

[1] كلمة وجهها سماحته ونشرت في جريدة الجزيرة العدد 9349
[2] رواه أحمد في مسند بني هاشم بداية مسند عبد الله بن العباس برقم 2155 ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى باب صوم قبل يوم عاشوراء برقم 4315
[3] رواه مسلم في الصيام باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر برقم 1162
[4] رواه الترمذي في الصوم باب ما جاء في الحث على صوم يوم عاشوراء برقم 752 ، وأبو داود في الصوم باب صوم الدهر تطوعاً برقم 2425 ، وابن ماجة في الصيام باب صيام يوم عاشوراء برقم 1738

موقع الشيخ عبدالعزيز بن باز
http://www.binbaz.org.sa/mat/8433&b=4&f=norefer

الأحد، 18 نوفمبر 2012

للمؤمن شأن ليس لغيره وله مشاعر وأحاسيس لا يشاركه فيها غيره،

حياته طيبة ، ونفسه راضية، وهو في الدنيا في جنة قبل جنة الآخرة يشعر المؤمن بالعزة التي سجلها الله في كتابه وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ المنافقون:8 ويشعر بأن الله أعطاه الكرامة التي بها يعلو ولا يُعلا، ويسود ولا يساد كما قال عز وجل:وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ ع...َلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاًالنساء:141 ويشعر المؤمن بأنه في ولاية الله البر الكريم ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْمحمد:11. يشعر المؤمن بأنه في معية الله الذي يكلؤه دوماً بعينه التي لا تنام سبحانه وتعالى، ويحرسه في كنفه الذي لا يرام ويمده بنصره الذي لا يقهر وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ الأنفال:19.. وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ الروم:47. ويشعر المؤمن بأنه في حماية الله القوي القدير يذود عنه ويرد عن صدره سهام المعتدين إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ الحج:38. كل هذه المعاني وغيرها لا يشعر بها على الإطلاق إلا المؤمن.

السبت، 17 نوفمبر 2012

قراءة مختصرة في العدوان على غزة

دأبت إسرائيل منذ قيامها على أن تكون في حالة تحفز دائم فلا تهدأ الأحداث إلا أشعلتها بإحداث استفزازات واغتيالات مستمرة ويمكن تفسير تصرفات إسرائيل المكرورة في العدوان من خلال رؤيتين: عامة لسياسة إسرائيل مع العرب وخاصة لحدث غزة بالأمس.

أما النظرة العامة للسياسة إسرائيل العدوانية فتكمن في تحقيق مصلحتين داخلية وخارجية:

أما الداخلية فتحفيز الأمن وعدم الاسترخاء، وتعويد الشعب اليهودي على حالة الحرب والاستعداد الدائم؛ لأن الاسترخاء يقضي على الكيان الغاصب؛ لكونه محاطا بأعدائه.

وأما الخارجي فجلب المصالح المادية والسياسية من الولايات المتحدة ودول اليورو عن طريق هذه الاستفزازات بالرضاوات والتسكيت ونحو ذلك؛ لعلم إسرائيل أن الدعم الأمريكي الأوربي استراتيجي لن يتوقف ولو كررت إسرائيل العدوان على جيرانها.

وأما الخاص بالحدث الحالي وهو العدوان على غزة بالأمس فهو متعلق بثلاثة أمور:

الأول: ترنح النظام السوري واقترابه من السقوط، وإسرائيل قبل أيام تحذر من جماعات مسلحة قرب الجولان، والهدف قد يكون صرف الرأي العام العربي والعالمي عن سوريا لتضع لمخابرتها موضع قدم كما فعلت مع العراق، أو لصفقة مع الأسد. وأتوقع أن ثمة اتصالات سرية بين الأسد وإسرائيل ولن أستغرب لو رأيت الأسد في تل أبيب .

الثاني: اختبار موقف القيادة المصرية الجديدة، وهذا محرج جدا لمصر وهو مثل بالون الاختبار، وله تعلق بالأول بمعنى لو كان أداء الإخوان إيجابيا في مصر لإسرائيل سلمت سوريا أيضا للإخوان.

الثالث: فوز أوباما وهذا مهم جدا..وفيه رسائل لأوباما، إن سياستنا لن تتغير حتى لو فزت بولاية ثانية، ودعمك سيصلنا رغم أنفك، وهو ما وقع البارحة من إجهاض أمريكا إدانة عربية ودولية لإسرائيل. ورسالة للعالم العربي مفادها: ستظل إسرائيل هي هي مع المتغيرات الجديدة في الربيع العربي، وستضل أمريكا وأوربا هي هي في دعمها لإسرائيل.
عمار بن عبد العزيز الحقيل

http://saaid.net/mktarat/flasteen/318.htm









الجمعة، 16 نوفمبر 2012

حكاية المتكلمة بالقرآن

قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر نبيه عليه الصلاة والسلام فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بسواد على الطريق فتميزت ذاك فإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف فقلت السلام عليك ورحمةالله وبركاته فقالت سلام قولا من رب رحيم قال فقلت لها يرحمك الله ما تصنعين في هذا المكان قالت ومن يضلل الله فلا هادي له فعلمت انها ضالة عن الطريق فقلت لها أين تريدين قالت سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فعلمت أنها قد قضت حجها وهي تريد بيت المقدس فقلت له أنت منذ كم في هذا الموضع قالت ( ثلاث ليال سويا ) فقلت ما أرى معك طعاما تأكلين قالت ( هو يطعمني ويسقين ) فقلت فبأي شيء تتوضئين قالت ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ) فقلت لها إن معي طعاما فهل لك في الأكل قالت ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) فقلت ليس هذا شهر رمضان قالت ( ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ) فقلت قد أبيح لنا الإفطار في السفر قالت ( وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ) فقلت لم لا تكلميني مثل ما اكلمك قالت ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) فقلت فمن أي الناس أنت قالت ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) فقلت قد أخطأت فاجعليني في حل قالت ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم ) فقلت فهل لك أن أحملك على ناقتي هذه فتدركي القافلة قالت ( وما تفعلوا من خير يعمله الله ) قال فانحت ناقتي قالت ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) فغضضت بصري عنها وقلت لها اركبي فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة فمزقت ثيابها فقالت ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) فقلت لها اصبري حتى أعقلها قالت ( ففهمناها سليمان ) فعقلت الناقة وقلت لها اركبي فلما ركبت قالت ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) قال فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح فقالت ( وأقصد في مشيك وأغضض من صوتك ) فجعلت أمشي رويدا رويدا وأترنم بالشعر فقالت ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن فقلت لها لقد أوتيت خيرا كثيرا قالت ( وما يذكر إلا أولو الألباب ) فلما مشيت بها قليلا قلت ألك زوج قالت ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء أن تبدلكم تسؤكم ) فسكت ولم اكلمها حتى أدركت بها القافلة فقلت لها هذه القافلة فمن لك فيها فقالت ( المال والبنون زينة الحياة والدنيا ) فعلمت أن لها أولاد فقلت وما شأنهم في الحج قالت ( وعلامات وبالنجم هم يهتدون فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت بها القباب والعمارات فقلت هذه القباب فمن لك فيها قالت ( واتخذ الله إبراهيم خليلا وكلم الله موسى تكليما يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) فناديت يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فإذا أنا بشبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا فلما استقر بهم الجلوس قالت ( فأبعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه ) فمضى أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يدي فقالت ( كلوا وأشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) فقلت الآن طعامكم علي حرام حتى تخبروني بأمرها فقالوا هذه أمنا لها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيسخط عليها الرحمن فسبحان القادرعلى ما يشاء فقلت ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) والله أعلم بالصواب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الخميس، 15 نوفمبر 2012

قال جل جلاله في سورة القصص : { فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤)}

فسقى موسى للمرأتين ماشيتهما, ثم تولى إلى ظل شجرة فاستظلَّ بها وقال: رب إني مفتقر إلى ما تسوقه إليَّ مِن أي خير كان, كالطعام. وكان قد اشتد به الجوع.

أيها القلب الحزين : إياك أن تنسى العلي ، كن مثل كليم الرحمن خرج خائفاً سافراً راجلاً ، اخضر جوعاً ، فنادى منكسراً { رَبِّ } ، فحذف ياء النداء { إِنِّي } لتأكيد المسكنة ، ولم يقل أنا ، { لِمَا } لأي شيء { أَنزَلْتَ إِلَيَّ} بصيغة الماضي لشدة يقينه بالإجابة فكأنها تحققت {مِنْ خَيْرٍ فَقِير} [القصص - ٢٤ ] فكان جزاءُ هذا الانكسار التام : أهلا ومالاً ونبوةً وحفظاً .


فَقَالَ في تلك الحالة، مسترزقا ربه رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ أي: إني مفتقر للخير الذي تسوقه إليَّ وتيسره لي. وهذا سؤال منه بحاله، والسؤال بالحال أبلغ من السؤال بلسان المقال، فلم يزل في هذه الحالة داعيا ربه متملقا. وأما المرأتان، فذهبتا إلى أبيهما، وأخبرتاه بما جرى.


معنى ذلك : أن موسى عليه الصلاة والسلام لما ساعد المرأتين في سقي غنمهما وانصرفتا إلى أهلهما وتولى هو إلى الظل وأحس بالحاجة دعا ربه أن يقضي حاجته ، فقال : رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ أي : ارزقني ما يسد حاجتي من طعام أو غيره ، فيسر الله أمره وجاءته إحدى المرأتين ، وقالت له : إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا . . . إلى آخره .

أَنَّ التَّعْرِيضَ بِهَا أَفْضَلُ مِنْ تَسْمِيَتِهَا
فَإِنَّهُ شِعَارُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ،
أَلَا تَرَى أَنَّ أَيُّوبَ قَالَ : ( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ )
فَعَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّحْ ، وَكَذَا مُوسَى عِنْدَ قَوْلِهِ :
( رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْـزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) .

الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

كيف يدعو نصرانياً إلى الإسلام وحوار جاد مع نصراني

الحمد لله
قبل الإجابة على هذا السؤال سرني وأعجبني من الأخ السائل اهتمامه بأمر الدعوة إلى الله ، مسخراً هذا التطور في علم الكمبيوتر في مهمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، فجزى الله السائل خير الجزاء ، وكتبه في عباده المصلحين ، وأما عن السؤال الذي تفضلت به فأجود طريقة لدعوة هذا الرجل وكل أحد هي ما دل عليه القرآن بقوله ( ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) العنكبوت / 44

وقوله ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) النحل / 125

وما أمر الله به نبيه بقوله ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله ...) آل عمران / 64

- خاطبه بنداء الفطرة المقتضي توحيد الله ، ومنافاة الفطرة والعقل لعقيدة التثليث .

- بيّن له منزلة عيسى عليه السلام وأمه عند المسلمين ، وأنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.

- بيّن له أن دين الله واحد من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام وأن الاختلاف يقع في الشرائع ، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وكتابه ناسخ لما قبله من الأحكام ، مصدق لما فيها من العقائد والأخبار الصحيحة .

- أجب عن تساؤلاته بهدوء ، وزوده إن لزم الأمر ببعض الكتب وأشرطة الفيديو للشيخ أحمد ديدات .

أجاب عليه فضيلة د. أحمد العبد لرحمن القاضي جامعة الإمام محمد بن سعود فرع القصيم
http://islamqa.info/ar/ref/14418

ويمكنك أن ترسل له السؤال رقم (2690) وعنوانه حوار جاد مع نصراني من الموقع .
¥•••¥
¥•••---•••---•••¥
¥•••---•••---•••---•••---•••¥
¥•••---•••---•••¥
¥•••¥
حوار جاد مع نصراني

كنت أتصفح موقعكم ولقد استمتعت بذلك حيث أنني طالبة نصرانية بمدرسة دينية وأرغب في تعلم المزيد. أريد أن أعرف رأيك فيما يلي هل هو صحيح؟
في الإسلام: الجنة عبارة عن خمر ونساء وغناء. وطريق الجنة يكون بالبعد عن هذه الأمور التي سوف يكافأ بها بالإضافة إلى الالتزام بأركان الإسلام الخمسة.
في الإسلام: لا يبدو أن هناك ضماناً بالنجاة والخلاص. فقط يقال اتبع هذه الطريقة خلال الحياة وستنال الخلاص والنجاة من الله. ليس هناك ضمان. أنا لا أحب أن أعيش كذلك بلا ضمان. أنا أعلم أن المسلمين لا يعتقدون بالخطيئة الأصلية ولكن بغض النظر عن كون الإنسان يولد مخطئاً أو لا ، ألا توافقني بأن الإنسان خطاء وكثير الخطأ؟ ماذا يفعل الإنسان تجاه خطئه ومعصيته؟ أنا أفهم التوبة لكن يبدو أنه لا يمكن لأحد أن يبلغ النجاة عند الله. ولهذا أرسل الله ابنه ليقتل على الصليب من أجلنا ، من أجل الخلاص من ذنوبنا الحاضرة والماضية والقادمة.
ليس هناك ضمان للنجاة في الإسلام، إن هذا أمر مرعب حقاً أن تعيش بلا ضمان للنجاة. أن تعيش حياتك ولا تدري هل عملت من الأعمال الصالحة ما يكفي لخلاصك يوم القيامة ولا تدري هل صليت بما فيه الكفاية أم لا …الخ إنه أمر مرعب حقاً.
لقد سألت العديد من زملائي المسلمين هل هم متأكدون من دخولهم الجنة أو النار بعد الموت ولكن لم أتلق منهم رداً بالإيجاب. إنه ليس هناك ضمانات في الإسلام لأنه ليس هناك اعتقاد في الخلاص بالإيمان بالمسيح ، إنما يعتمد الإسلام على فعل الشخص وأعماله.
أيضاً: لو أردت أن أصبح مسلمة فإنني لا أستطيع. إذا كان المسلمون يعتقدون أنهم المصطفون من بين الناس فلماذا لا ينشرون دينهم؟ هل يقتصر الأمر على أن تكون محظوظاً لأنك ولدت مسلماً؟
إذا أراد شخص أن يكون نصرانياً فإنه يستطيع ذلك. أي شخص يمكن أن يصبح نصرانياً في خلال ثوان. أنا لم أكن نصرانية عندما ولدت . إن النصارى يؤكدون أن عيسى المسيح هو الطريق الوحيد للرب.
عيسى المسيح قال بنفسه أنا الطريق أنا الحق أنا الحياة لا أحد سيصل إلى الأب من غير طريقي إنه لم يقل أنا أحد الطرق بل قال أنا الطريق
وقال أيضاً: أنا والأب واحد.
أنا لا أفهم كيف يكون أي شخص متعامياً عن هذه الحقائق إلا إذا لم يسمعوا بها من قبل.
أنا أرغب في رد وتعليق من قبلك.

http://islamqa.info/ar/ref/2690

موقع الإسلام سؤال وجواب

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

حليب الإبل لعلاج مرض السكري

تستخدم الإبل في أنشطة مربحة متعددة وقد يصبح بيع حليبها النافع لصحة البدن موردا إضافيا لمالكيها (الجزيرة) تستخدم الإبل في الدول العربية ومختلف أنحاء العالم كمصدر للحوم والدخل السياحي، حيث تستخدم في ترفيه السياح في المناطق والمعالم السياحية، إلا أن قليلا من الناس تنبهوا إلى الفوائد الصحية الحيوية لحليب الإبل الذي أشار باحثون متخصصون أنه قد يساعد في تخفيض معدل السكر في الدم وبالتالي يساعد في مقاومة مرض السكري.

ورغم أن التراث البدوي في مختلف أنحاء العالم قد ذكر هذه الحقيقة من قبل، إلا أن العلم لم يؤكدها إلا مؤخرا.

وقد أجري بحث في جامعة القاهرة بمصر استمر 16 شهرا على مرضى بالسكري من الفئة الأولى والمعتمدين على حقن الإنسولين، حيث تبيّن أن حليب الإبل ساعد على تخفيض معدل السكر في دمهم. وقد أجري بحث مشابه في مركز لأبحاث مرض السكري في الهند على مرضى بالسكري من الفئة الثانية، وأظهر البحث أن حليب الإبل خفّض معدل السكر في الدم.

وأشار مركز البحوث والعناية بمرضى السكري في الهند أن ثلاثة من أصل 12 مريضا تناولوا نصف لتر من حليب الإبل يوميا، قد توقفوا عن الحاجة لحقن الإنسولين.

وأوضح الباحث الهندي راجيندرا أغراوال بأن حليب الإبل يتميز بتركيز عال للإنسولين وأن هذا النوع من الحليب قد يساعد في تحسين عمل البنكرياس، وهو أمر حيوي لمرضى السكري.

وقد شجعت البحوث التي أجريت في القاهرة والهند علماء في جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية للتفكير في إجراء مزيد من البحث والاستفادة من ثروة المملكة من الجمال، وقالوا إن الإنسولين لدى الإبل محمي نتيجة مروره السريع عبر المعدة إلى الدورة الدموية مباشرة.

كما أفاد الباحثون من مركز التغذية الوطني في القاهرة بأنهم أجروا تحليلا للعناصر المعدنية لخمس أنواع من الحليب بينها حليب الإبل والإنسان، ووجدوا أن حليب الإبل يتفوق على كافة أنواع الحليب في كميات الحديد والزنك والنحاس.

المصدر: لوس أنجلوس تايمز

أرفض من أجـــل عيـــون إمــــــي

بسم الله الرحمٰن الرحيم
كانت هناك امرأة كبيرة بالسن ولها ولد واحد وهو من لها بالدنيا وكان زوجها متوفى منذ فترة ولادتها لهذا الولد الذي عاشت معه حياة العمر بعد وفاة زوجها إلى أن كبر هذا الولد وأصبح رجلاً يعتمد على نفسه فلاحظت أن ولدها ليس لديه نية للزواج وهو قد وصل إلى مشارف الثلاثين من العمر سألته : لماذا لا تود الزواج يا ولدي؟ قال : لا أريد أن أتزوج وأتركك مع زوجة قد لا تعتني بك قالت : يا ولدي إني أريدك أن تتزوج حتى أرى عيالك قبل أن أموت قال : أماه .. لماذا لا تزوجينني من فتاة تختارينها أنت؟ قالت : إن شاء الله .. غداً سنذهب إلى القرية التي يسكن فيها أهلي وهناك سأبدأ رحلة البحث عن فتاة تعجبك إن شاء الله تعالى ذهب الشاب مع أمه إلى القرية التي يسكن فيها أهلها وهناك مكثوا لمدة أيام إلى أن وجدت الأم فتاة أعجبتها فذهبت هي وولدها إلى أهل الفتاة فخطبوها فقال لهم أهل الفتاة : انتظروا لعدة أيام حتى يأتيكم الرد بالموافقة أو بالرفض بقي الشاب وأمه في هذه القرية لعدة أيام حتى يأتيهم الرد ولكن الرد تأخر فرجع الولد وأمه إلى قريتهم وبعد شهر تقريباً جاءهم الرسول ليخبرهم أن العائلة وافقت على تزوجيهم ولكن بشرط ... فما هو هذا الشرط؟ كان الشرط الوحيد هو أن يترك الولد أمه ويعيش مع الفتاة في منزل بمفردهم بعيداً عن أمه لأنه وصلت إلى هذه العائلة أنباء أن الأم تستثير المشاكل وتهوى النزاعات فرفـــــض هذا الشاب الشـــرط وقال بالفم المليان : لا وألف لا ... لن أترك أمي باي حال من الأحوال وطلب من المرسال العودة إلى دياره برفض هذا الشرط الغريب وإخبارهم بصرف النظر عن هذه الفتـــاة وأهلهـــا رجع المرسال إلى أهل الفتاة وأخبرهم بما حدث وأعلمهم بأن الشاب فضل أمه على بنتهم خيم الحزن والألم على هذا الشاب ولكنه احتسب عند الله عنايته بأمه وتفضيلها إياها على كل نساء الدنيا وكتب قصيدة لها يقول فيها

مسلوب الحشى مرسلـــي
مرسل كلام يسبب بفرقـــــــــــاه
قصده ابعد عن منزل هللي
فرقى الحنونه كيف برضــــاه
أمي لا شافت زولي تهلـي
ولا الوليف لاشاف زولي تحلاه
اسنتين وديدها سقمتلـــي
اركب على المتنين واقول يايـــــاه
امي بالدنيا عـــزالله ضلي
ولا الحبيب لابقى الضل يلقــــاه
ان كـــان قصدك بالتقلــي
انقلع يالمرسال انت ويــــــــــــاه

وصلت هذه القصيدة إلى والد الفتاة الذي سافر مع أحد أقاربه إلى قرية الشاب ليلتقي به فلما وصل إلى دارهم رحب به الشاب وأكرمه وقال له: بكل صراحة لم أكن أعرفك ولا أعرف أمك ولكنني أحببت أن أختبر شخصك في حب أمك ، فإن كنت ستبيع أمك من أجل ابنتي فأنت شـــاب غير صالح للزواج من ابنتي ولكنك نجحت في الاختبار وبعد موقفك في التضحية من أجل أمك فإنني أوافق على تزويجك من ابنتي لأنك شاب صالح وأصيــــل ومع نهاية هذه القصة أهدي المعاني الطيبة والنبيلة فيها إلى كل شاب وفتاة بارين بأمهما وأهديها إلى كل أم صابرة ومحتسبة من أجل أبنائها فعلاً من الجميل أن تكون لك أم تحبك وتحبها لكن الأجمل من هذا كله أن تضحي بكل ما هو غالي من أجلهــــا…

في صحيح الجامع : عن النبي صلى الله عليه وسلم: « احْذَرُوا الدُّنْيا فإِنَّها خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ »

مسند أحمد بن حنبل- فِي- الزهد عن / مصعب بن سعد مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم: « احْذَرُوا الدُّنْيا فإِنَّها خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ »
[ صحيح • انظر الحديث رقم -١٩٢- في صحيح الجامع ]
الشـــرح :
٢٤٦ - (احذروا الدنيا) أي الاسترسال في شهواتها والانكباب على ملاذها واقتصروا منها على الكفاف (فإنها خضرة) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين أي حسنة المنظر مزينة في العيون آخذة بمجامع القلوب (حلوة) بالضم أي حلوة المذاق صعبة الفراق قال في المطامح فيه استعارة مجازية ومعجزة نبوية فخضرتها عبارة عن زهرتها وحسنها وحلاوتها كناية عن كونها محببة للنفوس مزينة للناظرين وهو إخبار عن غيب واقع فإن قلت إخباره عنها بخضرتها وحلاوتها يناقضه إخباره في عدة أخبار بقذارتها وأن الله جعل البول والغائط مثلا لها؟ قلت لا منافاة فإنها جيفة قذرة في مرأى البصائر وحلوة خضرة في مرأى الأبصار فذكر ثم أنها جيفة قذرة للتنفير وهنا كونها حلوة خضرة للتحذير فكأنه قال لا تغرنكم بحلاوتها وخضرتها فإن حلاوتها في الحقيقة مرارة وخضرتها يبس. فلله در كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم ما أبدعه
(حم في) كتاب (الزهد عن مصعب) بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح العين المهملة وبموحدة (ابن سعد مرسلا) وهو ابن أبي وقاص أبو زرارة بضم الزاي وفتح الراء الخفيفة الأولى المدني ثقة نزل الكوفة لم يرمز له المصنف بشيء .

في صحيح الجامع

مسند أحمد بن حنبل عن / أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كَانَ أَكْثرُ مَا يَصُومُ الاثْنَيْنَ وَالخَمِيسَ فَقِيلَ لَهُ؟ فَقَالَ: الأَعْمَالُ تُعْرَضُ كُلَّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ إِلا المُتَهَاجِرَيْنِ فَيَقُولُ: أَخِّرُوهُمَا»
[ صحيح • انظر الحديث رقم -٤٨٠٤- في صحيح الجامع ]
الشـــرح :
٦٨٢٤ - (كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس) فصومهما سنة مؤكدة (فقيل له) أي فقال له بعض أصحابه لم تخصهما بأكثرية الصوم (فقال الأعمال تعرض) على الله تعالى هذا لفظ رواية الترمذي وعند النسائي على رب العالمين (كل اثنين وخميس فيغفر لكل مسلم إلا المتهاجرين) أي المسلمين المتقاطعين (فيقول) الله لملائكته (أخروهما) حتى يصطلحا وفي معناه خبر تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا وفي خبر آخر اتركوا هذين حتى يفيئا قال الطيبي: لا بد هنا من تقدير من يخاطب بقول أخروا أو اتركوا أو أنظروا أو ادعوا كأنه تعالى لما غفر للناس سواهما قيل اللهم اغفر لهما أيضا فأجاب بذلك اه. وما قدرته أولا أوضح وفيه رد على الحليمي في قوله اعتياد صومهما مكروه ولذلك حكموا بشذوذه وتسميتهما بذلك يقتضي أن أول الأسبوع الأحد وهو ما نقله ابن عطية عن الأكثر لكن ناقضه السهيلي فنقل عن العلماء إلا ابن جرير أن أوله السبت
(حم عن أبي هريرة) .

¥•••---•••---•••---•••---•••¥

مسند أحمد بن حنبل- صحيح الإمام مسلم- سنن الترمڈي عن / أبو قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ مَاضِيَةً وَمُسْتَقْبَلَةً وَصَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً»
[ صحيح • انظر الحديث رقم -٣٨٠٦- في صحيح الجامع ]
الشـــرح :
٥٠٥٥ - (صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية) يعني التي هو فيها (ومستقبلة) أي التي بعده يعني يكفر ذنوب صائمه في السنتين والمراد الصغائر فإن قيل: كيف يكفر ذنوب السنة التي بعده؟ قيل: يكفرها الصوم السابق كما يكفر ما قبله (وصوم عاشوراء) بالمد فاعولاء (يكفر سنة ماضية) لأن يوم عرفة سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ويوم عاشوراء سنة موسى فجعل سنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم تضاعف على سنة موسى في الأجر
(حم م د عن أبي قتادة الأنصاري) .

الأحد، 11 نوفمبر 2012

الداعية المجتهد

ذكرت لي أحد الأخوات موقفا جميلا قالت فيه : أن أحد إخوانها يحدثها أنه ركب مع صاحب له في سيارته وكانا واقفين عند احدى الاشارات بمدينة ما .. وكان أمامهما سيارة صغيره قديمه كتب علي زجاجها الخلفي جمله بعدد من اللغات فضحك صاحبي فسألته عن سبب ضحكه فقال : أتدري ما ترجمة الجملة المكتوبه علي السياره ؟
قلت : لا
قال : إنها تقول إن أردت أن تعرف شيئاً عن الاسلام فما عليك إلا أن توقفني !!
يقول : فاندهشت متعجبا فقلت : لابد من ايقافه .. فأوقفناه وسألناه فتبسم ضاحكا وقال : ربما ظننتم أني أتحدث عددا من اللغات والحق أني لا أتقن حتى العربيه فانا رجل عامي غير اني فكرت كيف انفع هذه الدعوه مع معرفتي بنفسي وقدراتها فاهتديت لهذه الفكره ..
يقول : ففتح لنا مؤخرة السياره فاذا هو قد قسمها الى اقسام وفي كل قسم مجموعه من الاشرطه والرسائل بلغات مختلفه تتحدث عن الاسلام .. فقال : اذهب في طريقي فمن اوقفني سالته عن لغته ؟ واعطيته شريطا وكتابا !!
هذا إنجاز فأين نحن من هذا الرجل ؟ ولك أن تتصور أجر هذا الرجل ومنزلته عند الله !!

الجودة

الجودة والإتقان مبدأ إسلامي قال الله تعلى : { صنع الله الذي أتقن كل شيء } سورة النحل آية 88 .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً ان يتقنه " وفي الوقت الحاضر أصبح نظام الجودة في التعليم سمة العصر الذي نعيشه يحتضن جميع جميع جوانب العملية التعليمية كالمنهج الدراسي والمعلم والطالب ومصادر التعلم والبيئة المدرسية والمجتمع المدرسي


الجودة:
أسلوب للإدارة الحديثة يلتزم قيمة لكل العملاء من خلال إيجاد بيئة يتم فيها تحسين وتطوير مستمر لمهارات الأفراد لتنظيم العمل وصبغ كل جانب من جوانب المنشأة ونشاطاتها بصبغة التفوق بأداء العمل الصحيح بشكل صحيح من المرة الأولى وكل مرة .
الجودة في التعليم:
هي عملية مستمرة لتطبيق مجموعة من المعايير والمواصفات التعليمية والتربوية اللازمة لرفع مستوى جودة وحدة المنتج التعليمي بمشاركة جميع أعضاء المؤسـسة التعليمية وفي جميع جوانب العمل التعليمي والتربوي بما يتناسب مع متطلبات المجتمع

.http://www.girlseduep.gov.sa/aljoda/

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

صور من النجاح

بسم الله الرحمن الرحيم

تهفو له الأرواح، تطلبه وتتسابق لتحققه، الكل يبحث عنه، يجتهد لحصاده، يتتبع خطواته، له طرق مختلفة، وصور متنوعة، من سلك طريقه ورغب فيه قلَّما يخطئ الوصول إليها.
همَّة عالية، ونفس توَّاقة، وقبل ذلك توفيق الله وتسديده.
له صور مميزة، وأخبار جميلة، وقصص رائعة.
إن تأمل صور الناجحين؛ ليست صورة الخلق؛ فقد فني بعضهم، ولكن صور تحكي سيرتهم، تطرق حياتهم، تلامس تعاملاتهم ، تغني عن الكثير من الدروس، والكثير من العبارات؛ فهي مواقف حصلتْ، وأقوال سُطرتْ.
إن تتبُّع سير الناجحين، يعطي النفس دفعة قوية نحو النجاح، ويربِّيها على طلب معالي الأمور، ويُشعِرها بعظمة النجاح، ويجعلها تعيش لذة النجاح قبل تحقيقه، ورغبة الفوز قبل بلوغه، ونحن نخوض الغمار ونتكلم عن النجاح، نرى أعظم صورة للنجاح لأعظم إنسان "محمد" - عليه الصلاة والسلام - قدوة الناجحين؛ فسيرته كتاب يسطر خطوات نحو النجاح بدقة متناهية، هذه القصة العظيمة تحتاج منا لوقفات وتطبيقات!
قراءة هَادِئة، نعيش بها مع سيرة الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ندرس حياته، نتأمل صفاته، نطبق توجيهاته، تلك التوجيهات النبوية التي تضيء لنا طرق الحياة، لنعيش في أرقى صور النجاح الدنيوي، والنجاح الدائم في الآخرة.

-من صور النجاح رجال صدقوا في عهدهم، وبذلوا أرواحهم، وأموالهم في سبيل الله، رجال كتبوا سطور النجاح مع بداية الدعوة، هم الجيل الأول في الإسلام.

- غلبتْه شهوته، وغرَّته نفسه، سار في طريق الهوى وتفنَّن في العصيان، لم يَرْدَعه خوف من الرحمن، أو حياء من بني الإنسان، مرَّت الشهور والأعوام وهو في غيِّه! ناصحه الكثير، ووعظه القريب والبعيد، دخل السجن أكثر من مرة في قضايا متعددة، ذاق الحرمان، وقسا عليه الإخوان، فجأة سمع بوفاة صديق! كأنما استيقظ من نوم عميق، تأمل حاله بعين البصيرة قبل البصر، وطرق الباب، وجاءه النداء الرباني: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]؛ فوجَّه شطر القبلة قلبَه قبل جسده، بعد أن طهر الجسد من الأدران، وطهر الروح من الآثام، ليعلن التوبة والندم، فيا أحبة أليس هذا أعظم نجاح؟!

- ترك وطنه، بما ينعم فيه من خيرات، بعد أن تلقى أعلى الشهادات، مارس عمله واستفاد من الخبرات؛ تركه لتبدأ رحلة الغربة، غربة عن الوطن، بُعْد عن الأحبة والرفاهية، بُعْد لا يُطِيقه إلا مَن ملك روح محلِّقة سامية، مَن يملك قلبًا مُلئ عزيمة وتضحية، حطَّ رِحالَه في أفريقيا - القارة السوداء - وضع القدم على أرض قاحلة، أرض جافة، نظر يَمْنة ويَسْرة، ليرى بؤس الحياة وحياة البؤس! صور بني الإنسان، يخيل لك أنها أشباح، جلد ترى منه العظم! شفاه قاسية، تبحث عن قطرة ماء، أرواح منهكة، وقلوب منكسرة، كسرتْها الدنيا بقسوتها، والبشر بجفائهم!

اتخذ القرار؛ ليكون الداعية والمربِّي، الداعم والمُنفِق، الوسيط في أعمال الخير، مثل رمز النجاح في العمل الخيري، رمز تعلم منه الكثير، واستفاد من خبرته الكثير، كأني به وقد أنشأ مدرسة العمل الخيري، ووضع خطوطها العريضة وعاش تفاصيلها بألم يحدوه أمل، السميط قصة نجاح، تكتب وتدون، تحكى وتقص!

-تزوَّد قليلاً من العلم، وكثيرًا من الأدب، كان البِرُّ بوالديه دَيْدَنَه، مرَّت الأيام والأيام حُبْلَى بالأحداث، حصل له حادث، أُدخِل المستشفى، أصابتْه إعاقة بسيطة، قُرِّر له تعويض مالي، لن يُغنِيه عن صحة فَقَدَ جزءًا منها! لكنه سلَّم الأمر لله ورضي، وهذا حال المؤمن يعيش في جنة الرضا، أخذ المال وسلمه لوالده! رغم حاجته ورغم مرضه، والده صاحب الدخل البسيط، شكر الابنَ على بره، واقترح عليه الدخول في عالم التجارة، وبدأت التجارة بسيطة، وهو ينعم بدعوات صادقة من أم وأب، مرَّت السنون ليكوِّن ثروة مالية ضخمة، وعَلاقات واسعة، بعدها بسنوات فَقَد والده فكأنه فقد روحه التي بين جَنْبَيه، خفَّف عنه الحزن وجودُ الأم في حياته، يقول: لا أخرج من المنزل حتى تدعو لي، فينشرح صدري! هنيئًا له؛ رسم صورة من صور النجاح.

-عَمِل في وظيفة بسيطة، بشهادة المتوسطة، مرَّت السنوات فوجد مَن يحفزه ويشجعه، التحق بالمدرسة الثانوية الليلية، كان يعمل في الصباح ويحمل الكتب المدرسية في المساء، لم يخجل ولم يكسل، أعرفه جيدًا، تفوَّق في الدراسة، وتخرَّج، تقدَّم للدراسة الجامعية فتم قبوله، لم يستمع للمثبِّطين، ومضى في طريقه بتفاؤل كبير، تخرَّج من الجامعة ، هو معلِّم الآن في إحدى المدارس، سطَّر قصة من قصص الكفاح والنجاح .

- وضعه المادي ممتاز، يمتلك المنزل الجميل والمركب الرائع، وله ذرية صالحة، اختار طريقًا من طرق النجاح، كان يطيل النظر في سجاد المسجد؛ علَّه يجد خيطًا رفيعًا أو شيئًا يقع؛ ليُزِيله ويرميه في سلة المهملات، في الطريق يطيل النظر؛ علَّه يجد شيئًا يعوق المشاة أو يعوق السيارات ليُزِيله ويَرْمِيه بعيدًا، كتب الله عليه الموت، وكلنا للموت سائرون، فكان أول ذكر له قول إمام المسجد: "رحمه الله، افتقدناه، كنتُ أراه يُزِيل الأذى من المسجد ومن الطريق؛ فهنيئًا له"، وأنا أقول: هنيئًا له؛ فقد كسر كبرياء النفس وعلوَّها، ولم يقل: ما فائدة عمال النظافة؟ وتمثَّل بأخلاق المسلم، نحسبه والله حسيبه.

صور النجاح كثيرة، تلك الصور التي تجعلنا نطرق الباب، وننتظر بقلوب متفائلة؛ علَّنا نلامس النجاح، نجاحًا في الدنيا لنعمر الأرض بكل خير، ونجاحًا دائمًا في الآخرة.

النجاح ليس صعبًا أو مستحيلاً، النجاح قريب جدًّا منك، لكن عليك أن تسعى نحو النجاح، حدِّد الهدف، وركز عليه، وكن متفائلاً وعلى ثقة بقدراتك، طوِّر نفسك باستمرار، وعالج أخطاءك، واستفد من تجاربك السابقة، وقبل ذلك استعن بالله، وألِحَّ في الدعاء،
وَعَليَّ أَنْ أَسْعَى وَلَيْسَ --- عَلَيَّ إدراكُ النَّجَاحِ
وقود النجاح طموح ورغبة عالية للتميز والتألق، تطلع لمعالي الأمور، ولتكن عالي الهمة، متوقد الحماس والعزيمة.
فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفاسفها)).

أحبتي:
ليكن همنا النجاح والتفكير فيه، وليكن نجاحنا مستمرًّا، تكتب فصوله بعد موتنا، نجاح يكون بصمةَ خيرٍ لنا نغرسها الآن، ونستظل بثمارها وحصادها في قبورنا ويوم نشورنا!
اللهم اجعل النجاح حليفنا، يسِّره لنا، وأسعد قلوبنا به.
أ. عبدالله بن محمد بادابود
تويتر : @ABADABOOD
A.Badabood@gmail.com

http://saaid.net/Doat/badabood/112.htm

صيد الفوائد

الأحد، 4 نوفمبر 2012

حكاية بنت تستأذن أمها في ممارسة الرذيلة

في ذات يوم دخلت الفتاة على امها وقالت لها:امى اريد منك السماح لي بممارسة الزنا سكتت الأم برهة من الزمن وهى تنظر الى ابنتها ثم ابتسمت وقالت : اريد منك ان تنفذى لى طلب بسيط قالت الأبنة : وما هو قالت الأم : ان تذهبى امام قصر بة مجموعة من الحراس ويعج بة اناس كثيرين وتقومي برمي نفسك فى الطريق لمدة اسبوع وتأتي وتقولي لي ما حدث وافقت الفتاة وذهبت الى حيث طلبت امها وجاءت فى اليوم الأول لأمها وقالت :لقد فعلت ما قلتى لي قالت الأم وماذا حدث قالت الفتاة : التف على الحراس والمارة في الطريق ولم يتركوني حتى اطمئنو على قالت الأم : عظيم كرري المحاولة ذهبت الفتاة وفى كل مرة تأتى وتسرد لأمها ماحدث إلى ان جاء اليوم الرابع جاءت الفتاة لأمها واخبرتها قائلة :لم يأتي احد لمساعدتي الا مجموعة قليلة من الناس ونظرو الى وتركوني وفي اليوم الخامس جاءت الفتاة الى امها تخبرها : لم يأتى احد لمساعدتي وتركوني كما انا ملقاة لا احد ينظر الى او يحاول ان يساعدني ابتسمت الأم قائلة : هكذا الحال يا بنيتي عند ممارسة الرذيلة سيأتي الناس اليكي ويلتفون حولك الى ان ينتهي الغرض الذي من اجلة التفو حولك وتصبحى كجرذ حقير ملئ بالأمراض بالأضافة الى غضب الله عليكي ويصب ربي عليكي سوء العذاب فى الدنيا والأخرة وتصبحين انسانة ضائعة كريهة لا يريد احد رؤيتك وتتمنين الموت فى كل لحظة ما رئيك يا بنيتي ما زلتي تريدين الوقوع فى الرذيلة
قالت الفتاة : وقد بللت دموعها وجنتيها واحتبست الكلمات فى حلقها من كثرة ما حققته من ذنب كبير واغضاب لله عز وجل لا ياأمى لن افعل ذلك ابداً واسائل الله ان يسامحني على ما قلت وما فكرت بة وان تسامحيني يا امي

الخميس، 1 نوفمبر 2012

قال جل جلاله في سورة الكهف آية ١٠ { إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (١٠)}

{ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (١٠)}
"سورة الكهف"

تفسير الميسر :
اذكر -أيها الرسول- حين لجأ الشبَّان المؤمنون إلى الكهف؛ خشية من فتنة قومهم لهم، وإرغامهم على عبادة الأصنام، فقالوا: ربنا أعطنا مِن عندك رحمة، تثبتنا بها، وتحفظنا من الشر، ويسِّر لنا الطريق الصواب الذي يوصلنا إلى العمل الذي تحب، فنكون راشدين غير ضالين.

تفسير الجلالين
اذكر { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ } جمع (فتى) وهو الشاب الكامل خائفين على إيمانهم من قومهم الكفار { فَقَالُواْ رَبَّنَا ءاتِنَا مِن لَّدُنكَ } من قبلك { رَحْمَةً وَهَيّىء } أصلح { لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا } هداية.

تفسير السعدي
ثم ذكر قصتهم مجملة، وفصلها بعد ذلك فقال: ( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ ) أي: الشباب، ( إِلَى الْكَهْفِ ) يريدون بذلك التحصن والتحرز من فتنة قومهم لهم، ( فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ) أي تثبتنا بها وتحفظنا من الشر، وتوفقنا للخير ( وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ) أي: يسر لنا كل سبب موصل إلى الرشد، وأصلح لنا أمر ديننا ودنيانا، فجمعوا بين السعي والفرار من الفتنة، إلى محل يمكن الاستخفاء فيه، وبين تضرعهم وسؤالهم لله تيسير أمورهم، وعدم اتكالهم على أنفسهم وعلى الخلق، فلذلك استجاب الله دعاءهم، وقيض لهم ما لم يكن في حسابهم، قال: ( فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ ) أي أنمناهم ( سِنِينَ عَدَدًا ) وهي ثلاث مائة سنة وتسع سنين، وفي النوم المذكور حفظ لقلوبهم من الاضطراب والخوف، وحفظ لهم من قومهم وليكون آية بينة.

تفسير ابن كثير
وقوله: ( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ) يخبر تعالى عن أولئك الفتية، الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه، فَهَرَبوا منهم فَلَجَؤُوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم، فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمته ولطفه بهم: ( رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ) أي: هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا ( وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ) أي: وقدر لنا من أمرنا هذا رشدا، أي: اجعل عاقبتنا رشدًا كما جاء في الحديث: "وما قضيت لنا من قضاء، فاجعل عاقبته رشدًا"، وفي المسند من حديث بُسْر بن أبي أرطاة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو: "اللهم، أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة".

تفسير القرطبي فيها ثلاث مسائل :
الأولى: قوله تعالى: { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ } رُوي أنهم قوم من أبناء أشراف مدينة دقيوس الملك الكافر، [يقال فيه: دقليوس] ويقال فيه دقينوس. وروي أنهم كانوا مطوّقين مسوّرين بالذهب ذوي ذوائب، وهم من الروم واتبعوا دين عيسى. وقيل: كانوا قبل عيسى، والله أعلم. وقال ابن عباس: إن ملكا من الملوك يقال له دقيانوس ظهر على مدينة من مدائن الروم يقال لها أفْسُوس. وقيل هي طرسوس وكان بعد زمن عيسى عليه السلام فأمر بعبادة الأصنام فدعا أهلها إلى عبادة الأصنام، وكان بها سبعة أحداث يعبدون الله سرًّا، فرفع خبرهم إلى الملك وخافوه فهربوا ليلاً، ومرُّوا براع معه كلب فتبعهم فآووا إلى الكهف فتبعهم الملك إلى فم الغار، فوجد أثر دخولهم ولم يجد أثر خروجهم، فدخلوا فأعمى الله أبصارهم فلم يروا شيئاً؛ فقال الملك: سُدُّوا عليهم باب الغار حتى يموتوا فيه جوعاً وعطشاً. وروى مجاهد عن ابن عباس أيضاً أن هؤلاء الفتية كانوا في دين ملك يعبد الأصنام ويذبح لها ويكفر بالله، وقد تابعه على ذلك أهل المدينة، فوقع للفتية علم من بعض الحواريين ـ حسبما ذكر النقاش أو من مؤمني الأمم قبلهم ـ فآمنوا بالله ورأوا ببصائرهم قبيح فعل الناس، فأخذوا نفوسهم بالتزام الدين وعبادة الله؛ فرفع أمرهم إلى الملك وقيل له: إنهم قد فارقوا دينك واستخفّوا آلهتك وكفروا بها، فاستحضرهم الملك إلى مجلسه وأمرهم باتباع دينه والذبح لآلهته، وتوعّدهم على فراق ذلك بالقتل؛ فقالوا له فيما روي: { رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } إلى قوله: { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ }. وروي أنهم قالوا نحو هذا الكلام وليس به، فقال لهم الملك: إنكم شبان أغمار لا عقول لكم، وأنا لا أعجل بكم بل أستأني فاذهبوا إلى منازلكم ودبّروا رأيكم وارجعوا إلى أمري، وضرب لهم في ذلك أجلاً، ثم إنه سافر خلال الأجل فتشاور الفتية في الهروب بأديانهم، فقال لهم أحدهم: إني أعرف كهفاً في جبل كذا، كان أبي يدخل فيه غنمه فلنذهب فلنختف فيه حتى يفتح الله لنا؛ فخرجوا فيما روي يلعبون بالصَّولجان والكرة، وهم يدحرجونها إلى نحو طريقهم لئلا يشعر الناس بهم. وروي أنهم كانوا مثقفين فحضر عيد خرجوا إليه فركبوا في جملة الناس، ثم أخذوا باللّعب بالصولجان حتى خلصوا بذلك. وروى وهب بن منبّه أن أول أمرهم إنما كان حواريّ لعيسى بن مريم جاء إلى مدينة أصحاب الكهف يريد دخولها، فأجّر نفسه من صاحب الحمام وكان يعمل فيه، فرأى صاحب الحمام في أعماله بركة عظيمة، فألقى إليه بكل أمره، وعرف ذلك الرجل فتيان من أهل المدينة فعرفهم الله تعالى فآمنوا به واتبعوه على دينه، واشتهرت خلطتهم به؛ فأتى يوماً إلى ذلك الحمام ولد الملك بامرأة أراد الخلوة بها، فنهاه ذلك الحواري فانتهى، ثم جاء مرة أخرى فنهاه فشتمه، وأمضى عزمه في دخول الحمام مع البغيّ، فدخل فماتا فيه جميعاً، فاتهم ذلك الحواريّ وأصحابه بقتلهما، ففروا جميعاً حتى دخلوا الكهف.
وقيل في خروجهم غير هذا. وأما الكلب فروي أنه كان كلبَ صيد لهم، وروي أنهم وجدوا في طريقهم راعياً له كلب فاتبعهم الراعي على رأيهم وذهب الكلب معهم؛ قاله ابن عباس. واسم الكلب حمران وقيل قطمير.
وأما أسماء أهل الكهف فأعجمية، والسند في معرفتها واه. والذي ذكره الطبري هي هذه: مكسلمينا وهو أكبرهم والمتكلم عنهم، ومحسيميلنينا ويمليخا، وهو الذي مضى بالورق إلى المدينة عند بعثهم من رقدتهم، ومرطوس وكشوطوش ودينموس ويطونس وبيرونس. قال مقاتل: وكان الكلب لمكسلمينا، وكان أسنّهم وصاحب غنم.
الثانية: هذه الآية صريحة في الفرار بالدين وهجرة الأهل والبنين والقرابات والأصدقاء والأوطان والأموال خوف الفتنة وما يلقاه الإنسان من المحنة. وقد خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم فاراً بدينه، وكذلك أصحابه، وجلس في الغار حسبما تقدم في سورة «النحل». وقد نص الله تعالى على ذلك في «براءة» وقد تقدم. وهجروا أوطانهم وتركوا أرضهم وديارهم وأهاليهم وأولادهم وقراباتهم وإخوانهم، رجاء السلامة بالدين والنجاة من فتنة الكافرين. فسكنَى الجبال ودخول الغيران، والعزلة عن الخلق والانفراد بالخالق، وجواز الفرار من الظالم هي سنة الأنبياء صلوات الله عليهم والأولياء. وقد فضّل رسول الله صلى الله عليه وسلم العزلة، وفضّلها جماعة العلماء لا سيما عند ظهور الفتن وفساد الناس، وقد نص الله تعالى عليها في كتابه فقال: { فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ }.
قال العلماء: الاعتزال عن الناس يكون مرّة في الجبال والشّعاب، ومرة في السواحل والرِّباط، ومرة في البيوت؛ وقد جاء في الخبر: «إذا كانت الفتنة فأخف مكانك وكفّ لسانك». ولم يخصّ موضعاً من موضع. وقد جعلت طائفة من العلماء العزلة اعتزال الشر وأهله بقلبك وعملك، إن كنت بين أظهرهم. وقال ابن المبارك في تفسير العزلة: أن تكون مع القوم فإذا خاضوا في ذكر الله فخض معهم، وإن خاضوا في غير ذلك فاسكت. وروى البغويّ عن ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم "
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نعم صوامع المؤمنين بيوتهم "
من مراسيل الحسن وغيره. وقال عقبة بن عامر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما النجاة يا رسول الله؟ فقال: " يا عقبة أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك "
وقال صلى الله عليه وسلم: " يأتي على الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغنمُ يتبع بها شَعَفَ الجبال ومواقع القطر يَفِرّ بدينه من الفتن "
خرّجه البخاري. وذكر عليّ بن سعد عن الحسن بن واقد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كانت سنة ثمانين ومائة فقد حلّت لأمتي العزبة والعزلة والترهّب في رؤوس الجبال "
وذكر أيضاً علي بن سعد عن عبد الله بن المبارك عن مبارك بن فضالة عن الحسن يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فرّ بدينه من شاهق إلى شاهق أو حجر إلى حجر فإذا كان ذلك لم تنل المعيشة إلا بمعصية الله فإذا كان ذلك حلّت العُزْبة. قالوا: يا رسول الله، كيف تحلّ العزبة وأنت تأمرنا بالتزويج؟ قال: إذا كان ذلك كان فساد الرجل على يدي أبويه فإن لم يكن له أبوان كان هلاكه على يدي زوجته فإن لم تكن له زوجة كان هلاكه على يدي ولده فإن لم يكن له ولد كان هلاكه على يدي القرابات والجيران. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: يعيِّرونه بضيق المعيشة ويكلّفونه ما لا يطيق فعند ذلك يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها ".
قلت: أحوال الناس في هذا الباب تختلف، فربّ رجلٍ تكون له قوّة على سكنى الكهوف والغيران في الجبال، وهي أرفع الأحوال لأنها الحالة التي اختارها الله لنبيّه صلى الله عليه وسلم في بداية أمره، ونص عليها في كتابه مخبراً عن الفتية، فقال: { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إَلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ }. وربّ رجل تكون العزلة له في بيته أخف عليه وأسهل؛ وقد اعتزل رجال من أهل بدر فلزموا بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم. وربَّ رجلٍ متوسّط بينهما فيكون له من القوّة ما يصبر بها على مخالطة الناس وأذاهم، فهو معهم في الظاهر ومخالف لهم في الباطن. وذكر ابن المبارك حدّثنا وهيب بن الورد قال: جاء رجل إلى وهب بن منبِّه فقال: إن الناس وقعوا فيما فيه وقعواٰ وقد حدّثت نفسي ألا أخالطهم. فقال: لا تفعل! إنه لا بدّ لك من الناس، ولا بدّ لهم منك، ولك إليهم حوائج، ولهم إليك حوائج، ولكن كن فيهم أصمَّ سميعاً، أعمى بصيراً، سَكوتاً نَطُوقاً. وقد قيل: إن كل موضع يبعد عن الناس فهو داخل في معنى الجبال والشِّعاب؛ مثل الاعتكاف في المساجد، ولزوم السواحل للرّباط والذكر، ولزوم البيوت فراراً عن شرور الناس. وإنما جاءت الأحاديث بذكر الشعاب والجبال واتباع الغنم ـ والله أعلم ـ لأن ذلك هو الأغلب في المواضع التي يعتزل فيها؛ فكل موضع يبعد عن الناس فهو داخل في معناه؛ كما ذكرنا، والله الموفق وبه العصمة.
وروى عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يعجب ربُّك من راعي غنم في رأس شظيّة الجبل يؤذِّن بالصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل انظروا إلى عبدي يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة "
خرجه النسائيّ.
الثالثة: قوله تعالى: { وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } لما فرُّوا ممن يطلبهم اشتغلوا بالدعاء ولجأوا إلى الله تعالى فقالوا: { رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } أي مغفرة ورزقاً. { وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } توفيقاً للرشاد. وقال ابن عباس: مخرجاً من الغار في سلامة. وقيل صواباً. ومن هذا المعنى أنه عليه السلام كان إذا حَزَبَه أمر فَزع إلى الصلاة.

تفسير البغوي :
ثم ذكر الله قصة أصحاب الكهف فقال: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) أي صاروا إليه واختلفوا في سبب مصيرهم إلى الكهف
فقال محمد بن إسحاق بن يسار: مرج أهل الإنجيل وعظمت فيهم الخطايا وطغت فيهم الملوك حتى عبدوا الأصنام وذبحوا للطواغيت وفيهم بقايا على دين المسيح متمسكين بعبادة الله وتوحيده فكان ممن فعل ذلك من ملوكهم ملك من الروم يقال له "دقيانوس" عبد الأصنام وذبح للطواغيت وقتل من خالفه وكان ينـزل قرى الروم ولا يترك في فدية نـزلها أحدا إلا فتنه حتى يعبد الأصنام ويذبح للطواغيت أو قتله حتى نـزل مدينة أصحاب الكهف وهي "أفسوس" فلما نـزلها كبر على أهل الإيمان فاستخفوا منه وهربوا في كل وجه وكان "دقيانوس" حين قدمها أمر أن يتبع أهل الإيمان فيجمعوا له واتخذ شرطا من الكفار من أهلها يتبعون أهل الإيمان في أماكنهم فيخرجونهم إلى "دقيانوس" فيخيرهم بين القتل وبين عبادة الأوثان والذبح للطواغيت فمنهم من يرغب في الحياة ومنهم من يأبى أن يعبد غير الله فيقتل فلما رأى ذلك أهل الشدة في الإيمان بالله جعلوا يسلمون أنفسهم للعذاب والقتل فيقتلون ويقطعون ثم يربط ما قطع من أجسامهم على سور المدينة من نواحيها وعلى كل باب من أبوابها حتى عظمت الفتنة فلما رأى ذلك الفتية حزنوا حزنا شديدا فقاموا واشتغلوا بالصلاة والصيام والصدقة والتسبيح والدعاء وكانوا من أشراف الروم وكانوا ثمانية نفر بكوا وتضرعوا إلى الله وجعلوا يقولون: ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا إن عبدنا غيره اكشف عن عبادك المؤمنين هذه الفتنة وارفع عنهم هذا البلاء حتى يعلنوا عبادتك فبينما هم على مثل ذلك وقد دخلوا في مصلى لهم أدركهم الشرط فوجدوهم وهم سجود على وجوههم يبكون ويتضرعون إلى الله فقالوا لهم: ما خلفكم عن أمر الملك؟ انطلقوا إليه ثم خرجوا فرفعوا أمرهم إلى "دقيانوس" فقالوا: تجمع الناس للذبح لآلهتك وهؤلاء الفتية من أهل بيتك يستهزؤون بك ويعصون أمرك! فلما سمع بذلك بعث إليهم فأتى بهم تفيض أعينهم من الدمع معفرة وجوههم بالتراب فقال لهم: ما منعكم أن تشهدوا الذبح لآلهتنا التي تعبد في الأرض وتجعلوا أنفسكم أسوة لسادات من أهل مدينتكم؟ اختاروا: إما أن تذبحوا لآلهتنا وإما أن أقتلكم. فقال مكسلمينا وهو أكبرهم: إن لنا إلها ملأ السموات والأرض عظمة لن ندعو من دونه إلها أبدا له الحمد والتكبير والتسبيح من أنفسنا خالصا أبدا إياه نعبد وإياه نسأل النجاة والخير فأما الطواغيت فلن نعبدها أبدا فاصنع بنا ما بدا لك وقال أصحاب مكسلمينا لدقيانوس مثل ما قال مكسلمينا فلما قالوا ذلك أمر فنـزع عنهم لبوسا كان عليهم من لبوس عظمائهم ثم قال: سأفرغ لكم فأنجز لكم ما أوعدتكم من العقوبة وما يمنعني أن أعجل ذلك لكم إلا أني أراكم شبانا حديثة أسنانكم فلا أحب أن أهلككم حتى أجعل لكم أجلا تذكرون فيه وتراجعون عقولكم ثم أمر بحلية كانت عليهم من ذهب وفضة فنـزعت عنهم ثم أمر بهم فأخرجوا من عنده.
وانطلق دقيانوس إلى مدينة سوى مدينتهم قريبا منهم لبعض أموره فلما رأى الفتية خروجه بادروا قدومه وخافوا إذا قدم مدينتهم أن يذكرهم [وأن يعذبهم] فائتمروا بينهم أن يأخذ كل رجل منهم نفقة من بيت أبيه فيتصدقوا منها ويتزودوا بما بقي ثم ينطلقوا إلى كهف قريب من المدينة في جبل يقال له بخلوس فيمكثون فيه ويعبدون الله حتى إذا جاء دقيانوس أتوه فقاموا بين يديه فيصنع بهم ما شاء فلما قال ذلك بعضهم لبعض عمد كل فتى منهم إلى بيت أبيه فأخذ نفقة فتصدق منها ثم انطلقوا بما بقي معهم واتبعهم كلب كان لهم حتى أتوا ذلك الكهف فلبثوا فيه.
قال كعب الأحبار: مروا بكلب فتبعهم فطردوه ففعل ذلك مرارا فقال لهم الكلب: يا قوم ما تريدون مني؟ لا تخشون جانبي أنا أحب أحباب الله فناموا حتى أحرسكم.
وقال ابن عباس: هربوا ليلا من دقيانوس وكانوا سبعة فمروا براع معه كلب فتبعهم على دينهم وتبعه كلبه فخرجوا من البلد إلى الكهف وهو قريب من البلد.
قال ابن إسحاق: فلبثوا فيه ليس لهم عمل إلا الصلاة والصيام والتسبيح والتكبير والتحميد ابتغاء وجه الله وجعلوا نفقتهم إلى فتى منهم يقال له: تمليخا فكان يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة سرا وكان من أحملهم وأجلدهم وكان إذا دخل المدينة يضع ثيابا كانت عليه حسانا ويأخذ ثيابا كثياب المساكين الذين يستطعمون فيها ثم يأخذ ورقة فينطلق إلى المدينة فيشتري لهم طعاما وشرابا ويتجالسلام عليكم ورحمة الله وبركات لهم الخبر هل ذكر هو وأصحابه بشيء ثم يرجع إلى أصحابه فلبثوا بذلك ما لبثوا ثم قدم دقيانوس المدينة فأمر عظماء أهلها فذبحوا للطواغيت ففزع من ذلك أهل الإيمان وكان تمليخا بالمدينة يشتري لأصحابه طعامهم فرجع إلى أصحابه وهو يبكي ومعه طعام قليل وأخبرهم أن الجبار قد دخل المدينة وأنهم قد ذكروا والتمسوا مع عظماء المدينة ففزعوا ووقعوا سجودا يدعون الله ويتضرعون إليه ويتعوذون من الفتنة ثم إن تمليخا قال لهم: يا إخوتاه ارفعوا رءوسكم واطعموا وتوكلوا على ربكم فرفعوا رءوسهم وأعينهم تفيض من الدمع فطعموا وذلك غروب الشمس ثم جلسوا يتحدثون ويتدارسون ويذكر بعضهم بعضا فبينما هم على ذلك إذ ضرب الله على آذانهم النوم في الكهف وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف فأصابه ما أصابهم وهم مؤمنون موقنون ونفقتهم عند رءوسهم.
فلما كان من الغد فقدهم دقيانوس فالتمسهم فلم يجدهم فقال لبعضهم: لقد ساءني شأن هؤلاء الفتية الذين ذهبوا لقد كانوا ظنوا أن بي غضبا عليهم لجهلهم ما جهلوا من أمري ما كنت لأحمل عليهم إن هم تابوا وعبدوا آلهتي فقال عظماء المدينة: ما أنت بحقيق أن ترحم قوما فجرة مردة عصاة قد كنت أجلت لهم أجلا ولو شاؤوا لرجعوا في ذلك الأجل ولكنهم لم يتوبوا فلما قالوا ذلك غضب غضبا شديدا ثم أرسل إلى آبائهم فأتى بهم فسألهم عنهم فقال: أخبروني عن أبنائكم المردة الذين عصوني [ووعدهم بالقتل] فقالوا له: أما نحن فلم نعصك فلم تقتلنا بقوم مردة قد ذهبوا بأموالنا فأهلكوها في أسواق المدينة ثم انطلقوا وارتقوا إلى جبل يدعى بخلوس؟ فلما قالوا له ذلك خلى سبيلهم وجعل لا يدري ما يصنع بالفتية فألقى الله في نفسه أن يأمر بالكهف فيسد عليهم وأراد الله أن يكرمهم ويجعلهم آية لأمة تستخلف من بعدهم وأن يبين لهم أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور فأمر دقيانوس بالكهف أن يسد عليهم وقال: دعوهم كما هم في الكهف يموتون جوعا وعطشا ويكون كهفهم الذي اختاروا قبرا لهم وهو يظن أنهم أيقاظ يعلمون ما يصنع بهم وقد توفى الله أرواحهم وفاة النوم وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف قد غشيهم ما غشيهم يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال.
ثم إن رجلين مؤمنين في بيت الملك دقيانوس يكتمان إيمانهما اسم أحدهما "يندروس" واسم الآخر "روناس" ائتمرا أن يكتبا شأن الفتية وأنسابهم وأسمائهم وخبرهم في لوح من رصاص ويجعلاهما في تابوت من نحاس ويجعلا التابوت في البنيان وقالا لعل الله أن يظهر على هؤلاء الفتية قوما مؤمنين قبل يوم القيامة فيعلم من فتح عنهم حين يقرأ هذا الكتاب [خبرهم] ففعلا وبنيا عليه فبقي "دقيانوس" ما بقي ثم مات هو وقومه وقرون بعده كثيرة وخلفت الملوك بعد الملوك.
وقال عبيد بن عمير كان أصحاب الكهف فتيانا مطوقين مسورين ذوي ذوائب وكان معهم كلب صيدهم فخرجوا في عيد لهم عظيم في زي عظيم وموكب وأخرجوا معهم آلهتهم التي يعبدونها وقد قذف الله في قلوب الفتية الإيمان وكان أحدهم وزير الملك فآمنوا وأخفى كل واحد منهم إيمانه فقالوا في أنفسهم نخرج من بين أظهر هؤلاء القوم لا يصيبنا عقاب بجرمهم فخرج شاب منهم حتى انتهى إلى ظل شجرة فجلس فيه ثم خرج آخر فرآه جالسا وحده فرجا أن يكون على مثل أمره من غير أن يظهر ذلك ثم خرج الآخر فاجتمعوا في مكان فقال بعضهم لبعض: ما جمعكم؟ وكل واحد يكتم صاحبه إيمانه مخافة على نفسه ثم قالوا: ليخرج كل فتى فيخلوا < 5-149 > بصاحبه ثم يفشي واحد سره إلى صاحبه ففعلوا فإذا هم جميعا على الإيمان وإذا كهف في الجبل قريب منهم فقال بعضهم لبعض: فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته, فدخلوا الكهف ومعهم كلب صيدهم فناموا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا وفقدهم قومهم فطلبوهم فعمى الله عليهم آثارهم وكهفهم فكتبوا أسماءهم وأنسابهم في لوح: فلان وفلان وفلان أبناء ملوكنا فقدناهم في شهر كذا في سنة كذا في مملكة فلان بن فلان ووضعوا اللوح في خزانة الملك وقالوا: ليكونن لهذا شأن ومات ذلك الملك وجاء قرن بعد قرن.
وقال وهب بن منبه: جاء حواري عيسى عليه السلام إلى مدينة أصحاب الكهف فأراد أن يدخلها فقيل له: إن على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له فكره أن يدخلها فأتى حماما قريبا من المدينة فكان يؤاجر نفسه من الحمامي ويعمل فيه ورأى صاحب الحمام في حمامه البركة وعلقه فتية من أهل المدينة فجعل يخبرهم خبر السماء والأرض وخبر الآخرة حتى آمنوا وصدقوه وكان شرط على صاحب الحمام أن الليل لي لا يحول بيني وبينه ولا بين الصلاة أحد وكان على ذلك حتى أتى ابن الملك بامرأة فدخل بها الحمام فعيره الحواري وقال: أنت ابن الملك وتدخل مع هذه؟ فاستحيا وذهب فرجع مرة أخرى فقال له مثل ذلك فسبه وانتهره ولم يلتفت إلى ذلك حتى دخلا معا فماتا في الحمام وأتى الملك فقيل له: قتل صاحب الحمام ابنك فالتمس فلم يقدر عليه وهرب فقال: من كان يصحبه؟ فسموا الفتية فالتمسوا فخرجوا من المدينة فمروا بصاحب لهم على مثل إيمانهم فانطلق معهم ومعه كلب حتى آواهم الليل إلى الكهف فدخلوه وقالوا: [نلبث هاهنا إلى الليل] ثم نصبح إن شاء الله تعالى فترون رأيكم فضرب الله على آذانهم فخرج الملك في أصحابه يبتغونهم حتى وجدوهم فدخلوا الكهف فلما أراد رجل منهم دخوله أرعب فلم يطق أحد أن يدخله فقال قائل منهم: أليس لو قدرت عليهم قتلتهم؟ قال: بلى قال: فابن عليهم باب الكهف [واتركهم فيه يموتون جوعا وعطشا ففعل.
قال وهب: فعبر زمان بعد زمان] بعدما سد عليهم باب الكهف ثم إن راعيا أدركه المطر عند الكهف فقال لو فتحت هذا الكهف وأدخلت غنمي فيه من المطر لكان حسنا فلم يزل يعالجه حتى فتح ورد الله عليهم أرواحهم من الغد حين أصبحوا.
وقال محمد بن إسحاق: ثم ملك أهل تلك البلاد رجل صالح يقال له: "بيدروس" فلما ملك بقي في ملكه ثمانيا وستين سنة فتحزب الناس في ملكه فكانوا أحزابا منهم من يؤمن بالله ويعلم أن الساعة حق ومنهم من يكذب بها فكبر ذلك على الملك الصالح فبكى وتضرع إلى الله وحزن حزنا شديدا لما رأى أهل الباطل يزيدون ويظهرون على أهل الحق ويقولون لا حياة إلا حياة الدنيا وإنما تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد فجعل "بيدروس" يرسل أن من يظن فيه خيرا وأنهم أئمة في الخلق فجعلوا يكذبون بالساعة حتى كادوا أن يحولوا الناس عن الحق وملة الحواريين فلما رأى ذلك الملك الصالح دخل بيته وأغلقه عليه ولبس مسحا وجعل تحته رمادا فجلس عليه فدأب ليله ونهاره زمانا يتضرع إلى الله تعالى ويبكي ويقول: أي رب قد ترى اختلاف هؤلاء فابعث إليهم آية تبين لهم [بطلان ما هم عليه] ثم إن الرحمن الرحيم الذي يكره هلكة العباد أراد أن يظهر الفتية أصحاب الكهف ويبين للناس شأنهم ويجعلهم آية وحجة عليهم ليعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيها ويستجيب لعبده الصالح بيدروس ويتم نعمته عليه وأن يجمع من كان تبدد من المؤمنين فألقى الله في نفس رجل من أهل ذلك البلد الذي فيه الكهف وكان اسم ذلك الرجل "أوليانوس" أن يهدم ذلك البنيان الذي على فم الكهف فيبني به حظيرة لغنمه فاستأجر غلامين فجعلا ينـزعان تلك الحجارة ويبنيان تلك الحظيرة حتى نـزعا ما على فم الكهف وفتحا باب الكهف وحجبهم الله عن الناس بالرعب فلما فتحا باب الكهف أذن الله ذو القدرة والسلطان محيي الموتى للفتية أن يجلسوا بين ظهراني الكهف فجلسوا فرحين مسفرة وجوههم طيبة أنفسهم فسلم بعضهم على بعض فكأنما استيقظوا من ساعتهم التي كانوا يستيقظون فيها إذا أصبحوا من ليلتهم ثم قاموا إلى الصلاة فصلوا كالذي كانوا يفعلون لا يرى في جوههم ولا ألوانهم شيء ينكرونه كهيئتهم حين رقدوا وهم يرون أن دقيانوس في طلبهم فلما قضوا صلاتهم قالوا ليمليخا صاحب نفقاتهم: أنبئنا ما الذي قال الناس في شأننا عشية أمس عند هذا الجبار؟ وهم يظنون أنهم رقدوا كبعض ما كانوا يرقدون وقد تخيل إليهم أنهم قد ناموا أطول مما كانوا ينامون حتى يتساءلوا بينهم فقال بعضهم لبعض كم لبثتم نياما؟ قالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم ثم قالوا: ربكم أعلم بما لبثتم وكل ذلك في أنفسهم يسير فقال لهم يمليخا: التمستم في المدينة فلم توجدوا وهو يريد أن يؤتى بكم اليوم فتذبحون للطواغيت أو يقتلكم فما شاء الله بعد ذلك فعل فقال لهم مكسلمينا: يا إخوتاه اعلموا أنكم ملاقوا الله فلا تكفروا بعد إيمانكم إذا دعاكم عدو الله.
ثم قالوا ليمليخا: انطلق إلى المدينة فتسمع ما يقال عليلنا بها وما الذي يذكر عند دقيانوس وتلطف ولا تشعرن بك أحدا وابتع لنا طعاما فائتنا به وزدنا على الطعام الذي جئنا به فقد أصبحنا جياعا ففعل يمليخا كما كان يفعل ووضع ثيابه وأخذ الثياب التي يتنكر فيها وأخذ ورقا [من نفقتهم التي كانت معهم والتي ضربت بطابع دقيانوس فكانت كخفاف الربع فانطلق يمليخا خارجا] فلما مر بباب الكهف رأى الحجارة منـزوعة عن باب الكهف فعجب منها ثم مر ولم يبال بها حتى أتى باب المدينة مستخفيا فصد عن الطريق تخوفا أن يراه أحد من أهلها فيعرفه ولا يشعر أن دقيانوس وأهله قد هلكوا قبل ذلك بثلثمائة سنة فلما أتى يمليخا باب المدينة رفع بصره فرأى فوق ظهر الباب علامة تكون لأهل الإيمان إذا كان الإيمان ظاهرا فيها فلما رآها عجب وجعل ينظر إليها مستخفيا وجعل ينظر يمينا وشمالا ثم ترك ذلك الباب فتحول إلى باب آخر من أبوابها فرأى مثل ذلك فجعل يخيل إليه أن المدينة ليست بالتي كان يعرف ورأى ناسا كثيرا محدثين لم يكن يراهم قبل ذلك فجعل يمشي ويتعجب ويخيل إليه أنه حيران ثم رجع إلى الباب الذي أتى منه فجعل يتعجب بينه وبين نفسه ويقول: يا ليت شعري ما هذا؟ أما عشية أمس كان المسلمون يخفون هذه العلامة ويستخفون بها وأما اليوم فإنها ظاهرة لعلي نائم؟ ثم يرى أنه ليس بنائم فأخذ كساءه فجعله على رأسه ثم دخل المدينة فجعل يمشي بين ظهري سوقها فيسمع ناسا يحلفون باسم عيسى ابن مريم فزاده فرقا ورأى أنه حيران فقام مسندا ظهره إلى جدار من جدر المدينة يقول في نفسه: والله ما أدري ما هذا أما عيشة أمس فليس على ظهر الأرض إنسان يذكر عيسى ابن مريم إلا قتل وأما الغداة فأسمعهم وكل إنسان يذكر اسم عيسى ولا يخاف أحدا ثم قال في نفسه: لعل هذه ليست بالمدينة التي أعرف والله ما أعرف مدينة قرب مدينتنا فقام كالحيران ثم لقي فتى فقال له: ما اسم هذه المدينة يا فتى؟ قال اسمها "أفسوس" فقال في نفسه: لعل بي مسا أو أمرا أذهب عقلي والله يحق لي أن أسرع الخروج منها قبل أن أخزى فيها أو يصيبني شر فأهلك ثم إنه أفاق فقال: والله لو عجلت الخروج من المدينة قبل أن يفطن بي لكان أيسر بي.
فدنا من الذين يبيعون الطعام فأخرج الورق التي كانت معه فأعطاها رجلا منهم فقال: بعني بهذه الورق طعاما فأخذها الرجل فنظر إلى ضرب الورق ونقشها فعجب منه ثم طرحها إلى رجل من أصحابه فنظر إليها ثم جعلوا يتطارحونها بينهم من رجل إلى رجل يتعجبون منها ثم جعلوا يتشاورون بينهم ويقول بعضهم لبعض: إن هذا أصاب كنـزا خبيئا في الأرض منذ زمان ودهر طويل فلما رآهم يمليخا يتشاورون من أجله فرق فرقا شديدا وجعل يرتعد ويظن أنهم قد فطنوا به وعرفوه وأنهم إنما يريدون أن يذهبوا به إلى ملكهم دقيانوس وجعل أناس آخرون يأتونه فيتعرفونه [فلا يعرفونه] فقال لهم وهو شديد الفرق منهم: افضلوا علي قد أخذتم ورقي فأمسكوها وأما طعامكم فلا حاجة لي به فقالوا له: من أنت يا فتى وما شأنك؟ والله لقد وجدت كنـزا من كنوز الأولين وأنت تريد أن تخفيه عنا فانطلق معنا وأرنا وشاركنا فيه نخف عليك ما وجدت فإنك إن لم تفعل نأت بك إلى السلطان فنسلمك إليه فيقتلك فلما سمع قولهم قال في نفسه قد وقعت في كل شيء كنت أحذر منه فقالوا: يا فتى إنك والله لا تستطيع أن تكتم ما وجدت فجعل يمليخا لا يدري ما يقول لهم وما يرجع إليهم وفرق حتى ما [وجد ما] يخبر إليهم شيئا فلما رأوه لا يتكلم أخذوا كساءه فطرحوه في عنقه ثم جعلوا يقودونه في سكك المدينة [صغيرهم وكبيرهم] حتى سمع به من فيها [فسألوه؟ ما الخبر؟] فقيل: هذا رجل عنده كنـز فاجتمع إليه أهل المدينة صغيرهم وكبيرهم فجعلوا ينظرون إليه ويقولون: والله ما هذا الفتى من أهل هذه المدينة وما رأيناه فيها قط وما نعرفه قط فجعل يمليخا لا يدري ما يقول لهم فلما اجتمع عليه أهل المدينة فرق فسكت فلم يتكلم وكان مستيقنا أن أباه وإخوته بالمدينة وأن حسبه ونسبه من أهل المدينة من عظماء أهلها وأنهم سيأتونه إذا سمعوا به فبينا هو قائم كالحيران ينتظر متى يأتيه بعض أهله فيخلصه من أيديهم إذ اختطفوه وانطلقوا به إلى رئيسي المدينة ومدبريها اللذين يدبران أمرها وهما رجلان صالحان اسم أحدهما "أريوس" واسم الآخر "طنطيوس" فلما انطلق به إليهما ظن يمليخا أنه ينطلق به إلى دقيانوس الجبار فجعل يلتفت يمينا وشمالا وجعل الناس يسخرون منه كما يسخرون من المجنون وجعل يمليخا يبكي ثم رفع رأسه إلى السماء فقال في نفسه اللهم إله السماء وإله الأرض أفرغ اليوم علي صبرا وأولج معي روحا منك تؤيدني به عند هذا الجبار وجعل يبكي ويقول في نفسه: فرق بيني وبين إخوتي يا ليتهم يعلمون ما لقيت ولو أنهم يعلمون فيأتوني فنقوم جميعا بين يدي هذا الجبار فإنا كنا تواثقنا لنكونن معا ولا نكفر بالله ولا نشرك به شيئا, فرق بيني وبينهم فلن يروني ولن أراهم أبدا وكنا تواثقنا أن لا نفترق في حياة ولا موت أبدا يحدث به نفسه يمليخا فيما أخبر أصحابه حين رجع إليهم حتى انتهى إلى الرجلين الصالحين "أريوس" و"طنطيوس" .
فلما رأى يمليخا أنه لا يذهب به إلى دقيانوس أفاق وذهب عنه البكاء فأخذ أريوس [وطنطيوس] الورق فنظرا إليها وعجبا منها ثم قال له أحدهما: أين الكنـز الذي وجدت يا فتى؟ فقال يمليخا: ما وجدت كنـزا ولكن هذا ورق آبائي ونقش هذه المدينة وضربها ولكن والله ما أدري ما شأني وما أقول لكم فقال أحدهما: فمن أنت؟ فقال يمليخا: أما أنا فكنت أرى أني من أهل هذه المدينة, فقالوا: ومن أبوك ومن يعرفك فيها فأنبأهم باسم أبيه فلم يجدوا أحدا يعرفه ولا أباه فقال له أحدهما: أنت رجل كذاب لا تنبئنا بالحق, فلم يدر يمليخا ما يقول لهم غير أنه نكس رأسه [وأطرق بصره] إلى الأرض فقال بعض من حوله: هذا رجل مجنون, وقال بعضهم: ليس بمجنون ولكنه يحمق نفسه عمدا لكي ينفلت منكم فقال له أحدهما ونظر إليه نظرا شديدا: أتظن أنا نرسلك ونصدقك بأن هذا مال أبيك ونقش هذا الورق وضربها أكثر من ثلثمائة سنة وإنما أنت غلام شاب أتظن أنك تأفكنا وتسخر بنا ونحن شمط كما ترى وحولك سراة أهل المدينة وولاة أمرها وخزائن هذه البلدة بأيدينا وليس عندنا من هذا الضرب درهم ولا دينار وإني لأظنني سآمر بك فتعذب عذابا شديدا ثم أوثقك حتى تعترف بهذا الكنـز الذي وجدته.
فلما قال ذلك قال لهم يمليخا: أنبئوني عن شيء أسألكم عنه فإن فعلتم صدقتكم عما عندي, قالوا: سل لا نكتمك شيئا قال لهم: ما فعل الملك دقيانوس؟ قالوا: لا نعرف اليوم على وجه الأرض ملكًا يسمى دقيانوس ولم يكن إلا ملك هلك منذ زمان ودهر طويل وهلكت بعده قرون كثيرة فقال يمليخا: إني إذا لحيران وما يصدقني أحد من الناس بما أقول لقد كنا فتية [على دين واحد وهو الإسلام] وإن الملك أكرهنا على عبادة الأوثان والذبح للطواغيت فهربنا منه عشية أمس فنمنا فلما انتبهنا خرجت لأشتري لهم طعاما وأتجا الأخبار فإذا انا كما ترون فانطلقوا معي إلى الكهف الذي في جبل بنجلوس أريكم أصحابي فلما سمع أريوس ما يقول يمليخا قال: يا قوم لعل هذه آية من آيات الله جعلها الله لكم على يدي هذا الفتى فانطلقوا بنا معه يرينا أصحابه.
فانطلق معه أريوس وأسطيوس وانطلق معهم أهل المدينة كبيرهم وصغيرهم نحو أصحاب الكهف لينظروا إليهم ولما رأى الفتية أصحاب الكهف يمليخا قد احتبس عنهم بطعامهم وشرابهم عن القدر الذي كان يأتي به ظنوا أنه قد أخذ فذهب به إلى ملكهم دقيانوس فبينما هم يظنون ذلك ويتخوفونه إذ سمعوا الأصوات وجلب الخيل مصعدة نحوهم فظنوا أنهم رسل الجبار دقيانوس بعث إليهم ليؤتى بهم فقاموا إلى الصلاة وسلم بعضهم على بعض وأوصى بعضهم بعضا قالوا انطلقوا بنا نأت أخانا يمليخا فإنه الآن بين يدي الجبار ينتظر متى نأتيه فبينما هم يقولون ذلك وهم جلوس بين ظهري الكهف لم يروا إلا أريوس وأصحابه وقوفا على باب الكهف.
وسبقهم يمليخا فدخل عليهم وهو يبكي فلما رأوه يبكي بكوا معه ثم سألوه عن شأنه فأخبرهم وقص عليهم النبأ كله فعرفوا عند ذلك أنهم كانوا نياما بأمر الله ذلك الزمان كله بأمر الله وإنما أوقظوا ليكونوا آية للناس وتصديقا للبعث وليعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيها.
ثم دخل على أثر يمليخا أريوس فرأى تابوتا من نحاس مختوما بخاتم من فضة فقام بباب الكهف ثم دعا رجلا من عظماء أهل المدينة ففتح التابوت عندهم فوجدوا فيه لوحين من رصاص مكتوبا فيهما: أن مكسلمينا ومخشلمينا ويمليخا ومرطونس وكشطونس ويبرونس وديموس وبطيوس وحالوش كانوا فتية هربوا من ملكهم دقيانوس الجبار مخافة أن يفتنهم عن دينهم فدخلوا هذا الكهف فلما أخبر بمكانهم أمر بالكهف فسد عليهم بالحجارة وإنا كتبنا شأنهم وخبرهم ليعلمه من بعدهم إن عثر عليهم فلما قرأوه وعجبوا وحمدوا الله الذي أراهم آية البعث فيهم ثم رفعوا أصواتهم بحمد الله وتسبيحه ثم دخلوا على الفتية إلى الكهف فوجدوهم جلوسا بين ظهرانيهم مشرقة وجوههم لم تبل ثيابهم فخر أريوس وأصحابه سجودا وحمدوا الله الذي أراهم آية من آياته ثم كلم بعضهم بعضا وأنبأهم الفتية عن الذي لقوا من ملكهم دقيانوس [من إكراههم على عبادة الأوثان والذبح للطواغيت وإخفاء إيمانهم عنه وهربهم إلى الكهف] ثم إن أريوس وأصحابه بعثوا بريدا إلى ملكهم الصالح بيدروس أن عجل إلينا لعلك تنظر إلى آية من آيات الله جعلها الله في ملكك وجعلها آية للعالمين لتكون لهم نورا وضياء وتصديقا للبعث فاعجل إلى فتية بعثهم الله عز وجل وقد كان توفاهم منذ أكثر من ثلثمائة سنة فلما أتى الملك الخبر رجع إليه عقله وذهب همه فقال: أحمدك الله رب السموات والأرض وأعبدك وأسبح لك تطولت علي ورحمتني فلم تطفئ النور الذي كنت جعلته لآبائي للعبد الصالح اسطنطينوس الملك.
فلما نبأ به أهل المدينة ركبوا إليه وساروا معه حتى أتوا مدينة أفسوس فتلقاهم أهل المدينة وساروا معه حتى صعدوا نحو الكهف فلما رأى الفتية بيدروس فرحوا به وخروا سجدا على وجوههم وقام بيدروس فاعتنقهم وبكى وهم جلوس بين يديه على الأرض يسبحون الله ويحمدونه ثم قال الفتية لبيدروس: نستودعك الله [إيمانك وخواتيم أعمالك] والسلام عليك ورحمة الله حفظك الله وحفظ ملكك ونعيذك بالله من شر الإنس والجن فبينما الملك قائم إذ رجعوا إلى مضاجعهم فناموا وتوفى الله تعالى أنفسهم وقام الملك إليهم فجعل ثيابهم عليهم وأمر أن يجعل كل رجل منهم في تابوت من ذهب فلما أمسى ونام أتوه في المنام فقالوا له: إننا لم نخلق من ذهب ولا من فضة ولكنا خلقنا من تراب وإلى التراب نصير فاتركنا كما كنا في الكهف على التراب حتى يبعثنا الله منه فأمر الملك حينئذ بتابوت من ساج فجعلوا فيه وحجبهم الله حين خرجوا من عندهم بالرعب فلم يقدر أحد على أن يدخل عليهم فأمر الملك فجعل على باب الكهف مسجدا يصلى فيه وجعل لهم عيدا عظيما وأمر أن يؤتى كل سنة.
وقيل: إن يمليخا لما حمل إلى الملك الصالح قال له الملك: من أنت قال: أن رجل من أهل هذه المدينة وذكر أنه خرج أمس أو منذ أيام وذكر منـزله وأقواما لم يعرفهم أحد وكان الملك قد سمع أن فتية فقدوا في الزمن الأول وأن أسماءهم مكتوبة على اللوح بالخزانة فدعا باللوح وقد نظر في أسمائهم فإذا هو من أولئك القوم وذكر أسماء الآخرين فقال يمليخا هم أصحابي فلما سمع الملك ذلك ركب ومن معه من القوم فلما أتوا باب الكهف قال يمليخا: دعوني حتى أدخل على أصحابي فأبشرهم فإنهم إن رأوكم معي أرعبتموهم فدخل فبشرهم فقبض الله أرواحهم وأعمى عليهم أثرهم فلم يهتدوا إليهم وذلك قوله عز وجل: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) أي: صاروا إلى الكهف, يقال: أوى فلان إلى موضع كذا أي: اتخذه منـزلا إلى الكهف وهو غار في جبل بنجلوس واسم الكهف: "خيرم" .

(فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) ومعنى الرحمة: الهداية في الدين. وقيل: الرزق (وَهَيِّئْ لَنَا) يسر لنا (مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) أي: ما يلتمس من رضاك وما فيه رشدنا وقال ابن عباس: رشدا أي مخرجا من الغار في سلامة.
والله اعلم .