- سألته عن خدمته في العمل فكانت عشرين سنه تقريباً..
هو إذن بيت للخبرة!
- أجاب: كلا؛ إنها سنة واحدة مكررة عشرين مرة!
- كيف تجد نفسك في المكتب؟
- أشعر بغياب الروح، وأنني كائن آلي، ولا انتمي لجو العمل إلا شكلاً فحسب!
- كيف؟
- أجاب: رحمة الله على أيامي الأولى! أتيت بحماس غريب، كنت أول من يحضر وآخر من ينصرف، وبعض أوراقي أحملها معي إلى المنزل حتى تضايقت زوجتي وطالبتني بالعدل!
كنت أشعر بالاحتساب والتعبد لله وأنا أنجز عملي وأقوم بواجبي، وأشعر باغتباط حين أرى وجوه المراجعين (المستفيدين) تتهلَّل بالبشر، ودعواتهم لي من سويداء قلوبهم..
زميلي كان ينظر إليَّ بإشفاق ويبتسم ويهمهم قائلاً: (بَشِّر الزرع بفلاح جديد!).
وكأنما كانت مهمته أن يفتح عيني على الجانب السلبي في الإدارة، وأن ينشر روح التخاذل والتشاؤم بين الزملاء!
أخيراً نجح؛ لا بكفاءته في الإقناع بل لأن بيئة العمل كانت إلى جانبه.
شعرت بعد وقتٍ وجيز أنني أنا الأول والأخير في عملي، فلا إشراف ولا رقابة، ولا أحد يتابعني؛ على أني لست مسؤولاً، وإنما موظف في بداية مشواره العملي وبحاجة إلى الإحساس بروح الفريق، وأن أجد مديري يتابع أدائي ويصحح ويضيف خبرته إلى اجتهادي!
لم يطلبني العمل لدورة تدريبية واحدة، ولا سعى لتطوير إمكانياتي وتزويدي بالتجارب والملحوظات؛ التي تُعزز شخصيتي ومسيري..
وجدت الخطأ يتكرر مني -عن غير قصد- وقد أضرّ مراجعاً، أو أحرمه من حقه، أو أظلمه.. ولا أجد من يقول لي: لماذا؟ فلا حسيب ولا رقيب! وكأنني أنا الموظَّف وأنا القانون.
المدير في برجه العاجي مشغول بنفسه وغير مكترث، وفي نهاية الأمر أحالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهت شفرة بينه وبيننا مؤداها: (اغفلوا عني وأغفل عنكم)؛ وكأنه يرى أن جو العمل وعلاقاته لا تكون مبنيَّة على المسؤولية والأداء بل على (الميانة) والزمالة وروح التساكت والتفويت!
نظرت إلى زميل سابق كسول ومُسوِّف، يتهرَّب من العمل، ولكنه حكواتي وصاحب نكتة، ويجيد صنع العلاقات، ويخدم الآخرين عبر هذه العلاقات، فوجدته يظفر بنصيب الأسد من الثناء، وخارج الدوام، والترقيات.. وهذا يُعرف لدينا بـ(الملكع)!
وزميل آخر خجول ويستحي من كلمة(لا)، ويتحمَّل أعمالاً ليست من مسؤوليته دون تضجُّر حتى أصبح معظم عمل الإدارة عليه.. لم يحصل هذا الزميل على محفِّزات كافية، ولا تمّ تقدير جهده الاستثنائي الذي غطى عيوبنا جميعاً.. حصل أخيراً على ترقية ولكنها غير كافية، ولا معبّرة عن حجم الجهد الذي كان ولا يزال يقوم به، ونحن جميعا نسميه بـ(الكرِّيف)!
كنت أحاول أن أكون كرِّيفاً، ولكن غياب الروح المحفِّزة داخل بيئة العمل وضعني أخيراً في زمرة (الملكعين)؛ خاصة وأن الزملاء ينظرون للكرِّيف نظرة إشفاق، وأحيانا أسمع كلمة: (مسكين)، (مضيع عمره)..
جرَّبت أن أتهاون وأُماطل فلم أجد فرقاً، جرَّبت أن أغيب فلم أجد مشكلة.
وأخيراً ماتت الروح في داخلي.. وحدها بقية من الإيمان والخوف أن يكون راتبي من حرام أطعم به أهلي وصبياني، فذلك يحملني على القيام بأعمال ضرورية دون أن أجد الحماس والدافعية للإنجاز والعطاء.
كثيراً ما ألتمس العذر لنفسي بمشاهدة مسؤولين أكبر مني وهم غير مكترثين للعمل، ولا ملتزمين بالحضور، ولا منضبطين بالنظام؛ الذي يشهرونه في وجوه المراجعين ليعفيهم من إنجاز المهمات، ويشغل المراجع بتوفير مطالب وتكاليف جديدة!
كان يضايقني التضارب في التوجيهات والأوامر بين المدير العام والمدير المباشر، والمبني غالباً على رؤية شخصية، أو مراعاة للعلاقة، وليس على نظام صارم حاسم ينفذ على الجميع.
المدير العام متسامح وطيب، وعادة يميل إلى تمرير الأشياء وتمشيتها، والمدير القريب لا يكترث، ويبدو كما لو كان يبحث عن مسوغات للمماطلة.
الراتب في نهاية الشهر ينزل لنا جميعاً دون فرق.
أخيراً وجدت نفسي حيث تراني غير مهتم بسمعة الإدارة ولا بالناس، وضعفت روحانيتي ورحمتي وتقديري لمعاناة المحتاجين..
لم أعد أشعر بالانتماء لعملي، ولا بأن هؤلاء الناس ناسي وأهلي.
أكثر ما يقلقني الخوف من القرش الحرام، ولذا أتصدَّق ببعض راتبي، وأعتمر، وأصلي النوافل بما فيها صلاة الضحى.. بينما العديد من المراجعين يصطفون أمام أبوابنا المغلقة!
لمتابعة جديد الشيخ سلمان العودة:
twitter: @salman_alodah
facebook.com/salmanalodah
د. سلمان بن فهد العودة
السبت 06 ذو القعدة 1433
الموافق 22 سبتمبر 09
----------------------
••••••••••••••••••••••••
----------------------
يمثل إشكالية كبيرة تعطل الإنجاز في المنظمات الحكومية
تدني أداء الموظفين: فتش عن المدير!
تحقيق شقران الرشيدي
دراسة سعودية: كثرة الغياب، وإشغال الوقت بأعمال أخرى، وترك مكان العمل بلا عذر.. مؤشر سلبي واضح على تدني إنتاجية الموظف الحكومي.
مدير عام البرامج العليا بمعهد الإدارة العامة د. عبد الرحمن الوزان: ضعف إنتاج الموظف مرتبط بثقافة المنظمة وقيمها المحفزة ورغبته الجادة في التميز.
مسئول التدريب والتطوير في مؤسـسة تكافل الراجحي للتأمين محمد الحسون: ضعف توجيه الأسرة وانتشار مفهوم العمل الحكومي يصرف الراتب سواء أنتجالموظف أم لم ينتج.
مسئول شئون الموظفين بالشئون الصحية بالمنطقة الشرقية يوسف العبد اللطيف: من واجب الموظف السعودي أن يطور نفسه وقدراته ويتأقلم في بيئة العمل بسرعة حتى يستطيع الحصول على مميزات أعلى وراتب أكبر.
محمد آل سليس : تسيب الموظفين يعطل مصالح الناس وثلة من الموظفين الفاشلين تصر على عدم تأدية عملها بالشكل الصحيح.
في روايته الشهيرة (يوميات نائب في الأرياف) يروي الأديب العربي الكبير توفيق الحكيم قصة موظف يعمل بأمانة وينجز عددا كبيرا من الملفات يوميا، فيبقى مكتبه نظيفا، لكنه غير مقدر ويشتكي من أن الموظفين الذين لا يشتغلون مثله يرتقون بسرعة في السلم الإداري ويحصلون على علاوات، أما هو فيبقى دائما كما هو، وعندما لاحظ أحد أصدقائه ذلك، قال له: يجب أن تغير خطتك، عليك أن تنجز اقل ما يمكن من الملفات يوميا، مثلا، أنجز خمسة ملفات بدلاً من خمسين. وبالفعل تراكمت الملفات على مكتبه، وأصبح من الضروري تعيين موظفين آخرين لانجاز العمل. ولما استمر الأمر كذلك، سأل الموظف رئيسه: ببساطة ألا يستدعي وجود هؤلاء الموظفين الجدد واحدا يرأسهم؟ فأجابه مباشرة: أنت مدير المكتب منذ الآن!.
مثل هذه القصة بما تحتويه من أبعاد نفسية، واجتماعية تتجسد ملامح مأساة ثقافية سلبية تكرست في بعض العقول والنفوس وأصبحت إرثاً اجتماعياً تعاني منه أغلب المرافق الحكومية في الوطن العربي، وفي المملكة بطبيعة الحال تبرز مثل هذه النماذج التي تحولت إلى نفوس محبطة تتفنن في تعطيل العمل، وتأخير الإنجاز، ونشر جو من التخاذل بين الزملاء بعد أن كانت محبة للعمل والإنتاج.. ومن المفارقات الغريبة أن مثل هؤلاء يرتقون سلم الترقيات في الوظيفة العامة في حين يهمل الموظف المنضبط والمنتج.. وهذا يطرح التساؤلات: ما هي أفضل الأساليب الملائمة للتعامل مع الموظفين غير المنتجين أو كما يقال (خارج الخدمة)؟ وكيف يمكن تحويلهم إلى مسار الإنتاج في أداء أعمالهم الوظيفية شأنهم شأن الآخرين؟..
لماذا هذا الموظف غير منتج دون غيره؟
حملنا تساؤلاتنا وطرحنها على طاولة د. عبد الرحمن الوزان مدير عام البرامج العليا بمعهد الإدارة العامة الذي بادر بطرح السؤال المهم، وهو: لماذا يكون الموظف غير منتج.. ما هي الأسباب؟ و يستطرد قائلاً: السبب في رأيي مرتبط بعاملين مهمين أولهما يتعلق بالمنظمة ذاتها، وطبيعة عملها ووضوح أهدافها وأدوارها، وما تحتويه من قيم عمل إيجابية، وثقافة محفزة للموظفين على مزيد من العطاء والإنتاج،. وثانيهما يتماس مع الموظف نفسه وطريقة تفكيره، ورغباته الذاتية في التطور والعطاء والإنتاج. ويضيف إن أردنا تناول هذين العاملين بشيء من التفصيل يمكن القول إن العامل الأول المرتبط ببيئة العمل في المنظمة وقد يكون أحد أسباب ضعف إنتاجية الموظفين ويعود لعدة نقاط يمكن إيجازها فيما يلي: 1-عدم فاعلية العملية الإشرافية أو ما يعرف في علم الإدارة بالـ(coaching) وهي عملية التوجيه والتدريب المتواصلة من خلال المشرف الإداري. 2- ضعف التدريب المباشر على المهارات المراد إتقانها بجانب التصحيح المستمر للأخطاء التي يقع فيها الموظف، ففي حالات كثيرة تتكرر الأخطاء بشكل متواصل دون تصحيح وتوجيه لها مما يجعل الموظف في حالة من الإحباط المتكرر وهذا ينعكس على الإنتاجية. 3- عدم وجود قنوات اتصال فاعلة بين الموظفين والمدراء أو المشرفين بشكل يسهم في التحفيز الكافي. 4- تعدد الأوامر التي يتلقاها الموظف من جهات مختلفة في منظمة العمل أو في الوحدة الإدارية مما يؤدى للازدواجية والتداخل ويربك الموظف. 5- إهمال الثناء من قبل المشرف على ما ينجزه الموظف من أعمال حتى ولو كانت صغيرة. 6- عدم العدالة في توزيع الأدوار والمهام والواجبات بين الموظفين، واستغلال الموظف المنتج بشكل مبالغ فيه وتحميله حجم عمل كبير وأكثر من غيره مما يحوله إلى موظف محبط وغير منتج بجانب تعزيز الجانب السلبي لدى غير المنتج أصلاً. أما بخصوص العامل الثاني المؤثر في تحويل الموظف إلى عامل غير منتج فيوضح د. عبد الرحمن الوزان أنه يعود للموظف ذاته من حيث ما يلي:1-مستوى التأهيل الذي يحمله لكي يستطيع القيام بالمهام المطلوبة. 2- الصفات والقدرات الشخصية كسرعة الاستجابة، والتركيز، والقدرة الإيجابية على التعامل مع محيط العمل ومعطياته والضغوط مهما كان مصدرها.3- عدم وضوح تقارير الأداء الخاصة بمتابعة الموظف وحجم إنجازه وجعل ذلك جزء من تقييم أداء السنوي. لكن ما هو الحل؟ يرى د. عبد الرحمن الوزان من خلال خبرته واطلاعه أن الحل في جعل الموظف غير المنتج محب للعطاء والعمل يمكن في عدة نقاط، من أبرزها ما يلي: 1-تعزيز الدور الإشرافي في المنظمة بشكل علمي سليم. 2-العمل على إشراك العاملين في المنظمة لاستيعاب أهمية الدور الذي يقومون به على مستوى وحداتهم الإدارية، وعلى مستوى المنظمة بشكل عام.3-العمل على إعطاء الموظفين مساحة أوسع في تحمل المسئولية وتطوير العمل، والتدريب على ذلك بشكل مستمر.4-تعزيز قيم العمل والشراكة الايجابية بين العاملين داخل التنظيم وجعلها جزء من الثقافة التنظيمية للجهاز أو المؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.
دراسة سعودية: تمثل مشكلة خطيرة
وتكشف دراسة قام بها د. سليمان بن محمد الحسين آل جبير، من كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن ضعف الإنتاجية والسلوكيات المعوقة للإنتاج تمثل مشكلة خطيرة للكثير من المؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتات الإنتاجية حيث قدرت بعض الدراسات العالمية أن ما بين 10% إلى 30% من المؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتات تعلن سنوياً إفلاسها بسبب تدني مستوى الإنتاجية بسبب تورط العاملين في ممارسات تقلل من الإنتاج. وكانت الدراسة قد أوضحت كذلك أنها استقصت آراء عينة تتكون من (142) مديراً سعودياً، وتبين أن المشرفين في القطاع الحكومي ينظرون إلى كثرة الغياب، وإشغال الوقت في أعمال غير الأعمال المناطة بالموظف، وترك مكان العمل من دون عذر.. كمؤثر سلبي على الإنتاجية أكثر من المشرفين في القطاع الخاص، والسبب أنهم لا يستطيعون التخلص بسهولة من الموظف الذي تظهر عليه مثل تلك الممارسات الخاطئة.
لكن ما هو رأي عدد من المشرفين والموظفين في هذا الموضوع، نتعرف على ذلك قمنا بلقاء عدد منهم..
العمل الحكومي يصرف الراتب عملت أم لم تعمل
يقول أ. محمد بن عبد الله الحسون، مسئول التدريب والتطوير في مؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة تكافل الراجحي للتأمين: إن وجود بعض الموظفين غير المنتجين أسبابه كثيرة قد يكون منها ضعف توجيه الأسرة تجاه العمل، ونظرة المجتمع السلبية لمن يعمل بجد، وترسخ نظرية أن العمل الحكومي يصرف الراتب سواء عمل الموظف أم لم يعمل، أما إذا عمل الإنسان في شركة أو مؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة خاصة ولم يجد توجيهاً مناسباً من المسئولين عن عمله فقد يكون التقصير والخلل في الموظف نفسه وفي ضعف إمكاناته. ويوضح الحسون أن سوق العمل المحلي مليء بالكفاءات الوطنية وكثير من السعوديين موظفون وعاملون ومشرفون أكفاء ومتميزين ويحققون معدلات تقييم عالية أكثر من غيرهم. لكن ما نراه أحياناً من بعض التقاعس والكسل بسبب وجود بعض المدراء غير المؤهلين لمهمة الإشراف على مجموعة من الموظفين لذا يهملون احتياجاتهم الوظيفية من التحفيز، والتدريب، والتقدير الجيد.
دورة تدريبية
ومن جانبه يقول مسئول إدارة شئون الموظفين، بالشئون الصحية بالمنطقة الشرقية، أ.يوسف العبد اللطيف: هذه مشكلة كبيرة نعاني منها في العديد من الدوائر الحكومية، ولابد من تشجيع الموظف بشكل مستمر حتى نضمن إنتاجه من خلال إعطائه دورات تدريبية مهمة في مجال عمله تطور من قدراته ومعلوماته ومن معرفته بجوانب العمل ومستجداته. ويطالب العبد اللطيف الموظف السعودي أن يطور نفسه ويتأقلم في بيئة العمل بسرعة حتى يستطيع الحصول على مميزات أعلى وراتب أكبر، ويضرب مثلاً أن في القطاع الخاص لا يستمر إلا الموظف المنتج لأن كل دقيقة تعنى بالنسبة للمؤسـسة ربح مادي وكل تعطيل أو تأخير لها يعنى خسارة مالية غير مرغوبة، وربما يكمن سر نجاح القطاع الخاص في قدرته على التخلص من العناصر غير المنتجة والتي تشكل عبئاً، وتحول دون تحقيق أهدافها. لكن في القطاع الحكومي – بحسب أ. العبد اللطيف- فإن العمل والإنتاج لا يعنى ربح مالي بل تأدية أدوار معينة لخدمة المواطنين، وبالتالي من يبرز وينتج فيه من الموظفين يرجع لسببين أولهما بيئة العمل الناجحة، وكذلك المسئولين ورغبتهم في تطوير العمل وتحقيق الانجازات السنوية، وثانيهما رغبة الموظف في التميز والعطاء وتحقيق طموحاته، أما الموظف غير المنتج فأعتقد أن على مديره المباشر وضعه في المكان المناسب لإبراز لإمكاناته وأدائه بما يضمن إنتاجيته، وأنا ألاحظ أن بعض الموظفين تغير أسلوب تفكيرهم وأصبحوا إيجابيين في العمل من خلال أخذهم دورات تدريبية تطور من ذواتهم.
عقولنا وثقافتنا
وفي ذات السياق يرى أ.عبد الله البراك، موظف في أحدى الجهات الخدمية الحكومية بالرياض: "أن السبب في ضعف إنتاجيتنا بشكل عام مقارنة بالعالم الآخر هو أننا في المجتمع زرعنا في عقولنا وثقافتنا أن من يعمل وينتج هو شخص غير مقدر و(كريف شغل) في حين أن من لا يعمل ويتحايل على القوانين والأنظمة، وينافق المدير، ويتملق المسئول، ويتهرب من المسئولية هو الشخص الذكي الفاهم المحترم (الملكع). وهنا – كما يقول البراك- المشكلة فمتى ما تغير هذا المفهوم في المجتمع نحو العمل والإقدام على التحديات الوظيفية، والإنجاز والعمل وفق مبدأ (تحليل الراتب) ووفق قيم أخلاقية عالية، وبتوجيهات شرعية ملزمة للإنسان في أن العمل شرف للإنسان وهو نوع من العبادة، وأن الإخلاص فيه يستحق الجزاء والثواب في الدنيا والآخر سيكون لدينا بيئة عمل محفزة على العمل. ويؤكد عبد الله البراك أنه ومتى ما وصل الموظف الحكومي إلى الشعور بوخز الضمير وبالذنب في أنه يتقاضى أجر شهري غير حلال لأنه لا ينجز عندها سيصبح لدينا موظفين منتجين.
يعطل مصالح الناس
ومن جانبه يرى أ.محمد آل سليس من مسئولي إدارة الرخص الطبية، بوزارة الصحة، أن المشكلة في ضعف الإنتاج تكمن في أن الموظف غير مدرك أنه في الأصل جرى تعيينه في الوظيفة العامة ليكون نقطة ايجابية للمنظمة يساعد على تحقيق أهدافها وتطلعاتها وينجز أعمالها، وبالتالي لم يأتي تعيينه في القطاع الحكومي لأنه إنسان يحتاج إلى راتب شهري يصرف منه، وإلا لأصبحت الوظائف الحكومية بمثابة أماكن توزيع الصدقات. ويؤكد أ.محمد أن التدريب والتحفيز المناسب والرقابة الصارمة سيقضي على تسيب الموظفين، وسيردع من يعطل مصالح الناس، وسيحد من تأجيل إنجاز المعاملات من دون داخل أروقة الدوائر الحكومية.
لابد من تحسين الاتصالات والعلاقات الإنسانية
ويطرح د. سليمان آل جبير، ضمن الدراسة التي ورد ذكرها آنفاً عدة توصيات تفيد في تحسين إنتاجية الموظفين، أبرزها تحسين وزيادة البرامج التدريبية مع ضرورة ملاءمتها مع احتياجات المتدربين، وكذلك تحسين الاتصالات والعلاقات الإنسانية داخل بيئة العمل، إلى جانب استعمال وسائل الرقابة الفعالة، وجعل عنصر الانتظام في العمل من العناصر الأساسية في تقييم أداء الموظف وترقيته. كما دعت الدراسة إلى تبني مبدأ التدوير الوظيفي لإكساب الموظفين خبرات جديدة، وتخفيف الملل من أداء أعمال محددة لفترة زمنية طويلة، مع العمل على مساعدة العاملين في حل مشكلاتهم الوظيفية والنفسية والاجتماعية وإزالة العقبات من طريقهم، وتشير الدراسة إلى أن الأجور التي تكفل للموظفين حياة مستقرة وتضمن دخلاً يفي بمتطلبات الحياة بعزة وكرامة، أمر يحقق زيادة الإنتاج كماً وكيفاً.
http://www.tanmia-idaria.ipa.edu.sa/Article.aspx?Id=269
معهد الادارة العامة - التنمية الادارية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق