الجمعة، 30 نوفمبر 2012

لِبَاسٌ لَّكُمْ

لابد للمرء من لباس يواريه، وستر يستره ويحميه، وإلا لصعبت عليه الحياة في هذه الدنيا، ومن أجمل الألبسة التي امتن بها الله جل في علاه على بني البشر أن خلق لهم من أنفسهم أزواجاً، فجعل كلا الزوجين لباساً للآخر إذ يقول: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [سورة البقرة: 187]، فكما أن اللباس يستر فكذلك الزواج يفعل، فهو عفاف يستر صاحبه عن الحرام، وهو ستر بالنسبة لما يستر به الزوج زوجته، والزوجة زوجها، فلا يُعلمان أحداً بأسرار البيت، ولا يدري أحد بعيوبهما، والبيت التي تكشف أسراره كاللباس الممزق الذي لا يستر صاحبه، وفي كلمة اللباس نلمس حاجة المرأة للرجل وحاجة الرجل للمرأة فلا غنى لأحدهما عن الآخر، وكلاهما مكافئ للآخر في قضاء حاجة صاحبه، واللباس زينة يتزين به المرء، وكذلك الزواج هو زينة يجد فيها الإنسان لذته، وما يحتاجه من المنظر الحسن، والملبس الطيب الطاهر الذي يفتخر به، ويشكر ربه عليه، واللباس حماية يحمي البدن مما قد يضره، وكذلك الزواج يحمي صاحبه من أمراض الفتن وأدواء الشهوات، واللباس يتجدد ويتنوع، وكذلك الحياة الزوجية قد تتجدد وتتنوع من حيث التعامل، والمضاجعة: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [سورة البقرة: 223]، فلم يُستثنى من صور الاستمتاع الشرعي بالزوجة إلا إتيان الحائض والدبر.
ومن قول الله تعالى: {هن لباس لكم} نتعلم الأدب الرفيع في التعبير عن مرادنا بأفضل عبارة، وبأجمل لفظ إن وجد الحرج في التصريح، فنأتي بما يدل على المقصود، ويشير إلى المطلوب، فسبحان الله ما أعظم كتابه، وما أحسن شرعه، وما أعطر عبارته، شرع الزواج فجعله لباساً وستراً، وعفة وطهراً.

ليست هناك تعليقات: