الخميس، 25 أكتوبر 2012

في صحيح الجامع : "مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ "

مسند أحمد بن حنبل- الأدب المفرد للبخاري- سنن أبي داوود- الحاكم
عن /حدرد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
« مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ »
[ صحيح • انظر الحديث رقم -٦٥٨١- في صحيح الجامع ]
الشرح :
٩٠٦٩ - (من هجر أخاه) في الإسلام (سنة) أي بغير عذر شرعي (فهو كسفك دمه) أي مهاجرته سنة توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في الإثم لا في قدره ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به ومذهب الشافعي أن هجر المسلم فوق ثلاث حرام إلا لمصلحة كإصلاح دين الهاجر أو المهجور أو لنحو فسقه أو بدعته ومن المصلحة ما جاء من هجر بعض السلف لبعض فقد هجر سعد بن أبي وقاص عمار بن ياسر وعثمان عبد الرحمن بن عوف وطاوس ووهب بن منبه والحسن وابن سيرين إلى أن ماتوا وهجر ابن المسيب أباه وكان زياتا فلم يكلمه إلى أن مات وكان الثوري يتعلم من ابن أبي ليلى ثم هجره فمات ابن أبي ليلى فلم يشهد جنازته وهجر أحمد بن حنبل عمه وأولاده لقبولهم جائزة السلطان وأخرج البيهقي أن معاوية باع سقاية من نقد بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال معاوية: لا أرى به بأسا فقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخبرني عن رأيك لا أساكنك بأرض أنت فيها أبدا
(حب خد) في الأدب (ك) في البر والصلة (عن حدرد) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي: سنده صحيح وفي خبر أبي داود " من هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار " قال العراقي: سنده صحيح .

أحاديث لا تصح في الأضحية للألباني

عن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك . قالت يا رسول الله ألنا خاصة أهل البيت أو لنا وللمسلمين قال بل لنا وللمسلمين.

ورواه أبو القاسم الأصبهاني عن علي ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب أما إنه يجاء بلحمها ودمها توضع في ميزانك سبعين ضعفا . قال أبو سعيد يا رسول الله هذا لآل محمد خاصة فإنهم أهل لما خصوا به من الخير أو للمسلمين عامة قال لآل محمد خاصة وللمسلمين عامة .المصدر ضعيف الترغيب والترهيب للألباني

* أمرت بيوم الأضحى عيدا جعله الله عز وجل لهذه الأمة قال الرجل أرأيت إن لم أجد إلا أضحية أنثى أفأضحي بها قال لا ولكن تأخذ من شعرك وأظفارك وتقص شاربك وتحلق عانتك فتلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل (قال الشيخ الألباني : ضعيف سنن النسائي).

* عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بيوم الأضحى عيدا جعله الله لهذه الأمة . قال له رجل يا رسول الله أرأيت إن لم أجد إلا منيحة أنثى أفأضحي بها ؟ قال لا ولكن خذ من شعرك وأظفارك وتقص من شاربك وتحلق عانتك فذلك تمام أضحيتك عند الله . رواه أبو داود والنسائي ضعيف مشكاة المصابيح.

* يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه وقولي ( إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ) قال عمران بن حصين قلت يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة وأهل ذاك أنتم أم للمسلمين عامة قال لا بل للمسلمين عامة (السلسله الضعيفه).

محمد الغامدي - صيد الفوائد

http://www.saaid.net/mktarat/hajj/151.htm

احكام عيد الأضحى

أخي الحبيب: نحييك بتحية الإسلام ونقول لك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ونهنئك مقدماً بقدوم عيد الأضحى المبارك ونقول لك: تقبل الله منّا ومنك، ونرجوا أن تقبل منا هذه الرسالة التي نسأل الله - عز وجل - أن تكون نافعة لك ولجميع المسلمين في كل مكان.

أخي المسلم: الخير كل الخير في اتباع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمور حياتنا، والشر كل الشر في مخالفة هدي نبينا صلى الله عليه وسلم لذا أحببنا أن نذكرك ببعض الأمور التي يستحب فعلها أو قولها في ليلة عيد الأضحى المبارك ويوم النحر وأيّام التشريق الثلاثة، وقد أوجزناها لك في نقاط هي:

التكبير:
يشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة، قال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي اَيَّامٍ مَعْدُودَات} [البقرة:203]، وصفته أن تقول: ((الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاّ الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)) و جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات، إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره.

ذبح الأضحية:
ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله صلى عليه وسلم: «من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح» [رواه البخاري ومسلم]، ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «كل أيام التشريق ذبح»، انظر: (السلسلة الصحيحة برقم 2476).

الاغتسال والتطيب للرجال:
ولبس أحسن الثياب بدون إسراف ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام. أمّا المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب، فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أمام الرجال.

الأكل من الأضحية:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته. (زاد المعاد 1/ 441).

الذهاب إلى مصلى العيد ما شياً إن تيسر:
والسنة الصلاة في مصلى العيد إلاّ إذا كان هناك عذر من مطر مثلاً فيصلى في المسجد لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.

الصلاة مع المسلمين واستحباب حضور الخطبة:
والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية أن صلاة العيد واجبة لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر} [الكوثر:2] ولا تسقط إلاّ بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحيَّض والعواتق، وتعتزل الحيَّض المصلى.

مخالفة الطريق:
يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

التهنئة بالعيد:
لثبوت ذلك عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

واحذر أخي المسلم من الوقوع في بعض الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس والتي منها:

- التكبير الجماعي بصوت واحد، أو الترديد خلف شخص يقول التكبير.

- اللهو أيّام العيد بالمحرمات كسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام، واختلاط الرجال بالنساء اللاتي لسن من المحارم، وغير ذلك من المنكرات.

- أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن يضحي من أراد الأضحية لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

- الإسراف والتبذير بما لا طائل تحته، ولا مصلحة فيه، ولا فائدة منه لقول الله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا اِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين} [الأنعام: 141].

وختاماً: لا تنس أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم، وزيارة الأقارب، وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب منها، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم، نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممّن عمل في هذه الأيام - أيام عشر ذي الحجة - عملا ًصالحاً خالصاً لوجهه الكريم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

حديث : من مضى عليه خمس أعوام ولم يحج قادر هو محروم

مسند أبي يعلي- صحيح ابن حبان عن /
أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
إنّ الله تَعَالَى يَقُولُ:«إنّ عَبْداً أصْحَحْتُ لهُ
جِسْمَهُ وَوَسَّعْت علَيْهِ فِي مَعيشَتِه تَمْضِي عليْهِ خَمْسَةُ أعْوَامٍ لَا يَفِدُ إلَيَّ لمَحْرُوم»
[ صحيح • انظر الحديث رقم -١٩٠٩- في صحيح الجامع ]
الشرح :
١٩٣٠ - (إن الله يقول إن عبدا) مكلفا (أصححت له جسمه ووسعت عليه في معيشه) أي فيما يعيش فيه من القوت وغيره (تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي) أي لا يزور بيتي وهو الكعبة (لمحروم) أي يقضي عليه بالحرمان من الخير أو من مزيد الثواب وعموم الغفران بحيث يصير كيوم ولدته أمه لدلالته على عدم حبه لربه وعادة الأنجاب زيارة معاهد الأحباب وأطلالهم وأماكنهم وخلالهم وأخذ بقضية هذا الحديث بعض المجتهدين فأوجب الحج على المستطيع في كل خمسة أعوام وعزى ذلك إلى الحسن قال ابن المنذر: كان الحسن يعجبه هذا الحديث وبه يأخذ فيقول يجب على الموسر الصحيح أن لا يترك الحج خمس سنين اه. وقد اتفقوا على أن هذا القول من الشذوذ بحيث لا يعبأ به قال ابن العربي: قلنا رواية هذا الحديث حرام فكيف بإثبات الحكم به وقال البيهقي: ورد هذا موقوفا ومرسلا جاء عن أبي هريرة بسند ضعيف
(ع حب عن أبي سعيد) الخدري وفيه صدقة بن يزيد الخراساني ضعفه أحمد وقال ابن حبان لا يجوز الاشتغال بحديثه ولا الاحتجاج به وقال البخاري منكر الحديث ثم ساق له في الميزان هذا الخبر وفي اللسان قال البخاري عقبه هذا منكر وكذا قال ابن عدي اه ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة بلفظ إن الله تعالى يقول إن عبدا أصححت له بدنه وأوسعت عليه في الرزق ثم لم يفد إلي بعد أربعة أعوام لمحروم قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح اه وبه يعرف أن اقتصار المصنف على الطريق الذي آثره غير جيد .

بناتي ستري من النار

كان رجل يرزق بالبنات فكانت عنده ستا ً من البنات وكانت زوجته حاملا ً فكان يخشى أن تلد بنتا ً وهو يرغب بالولد ... فعزم في نفسه على طلاقها إن هي جاءت ببنت ! ونام تلك الليلة . فرأى في نومه كأن القيامة قد قامت .. وحضرت النار : فكان كلما أخذوا به إلى أحد أبواب النار وجد إحدى بناته تدافع عنه ، وتمنعه من دخول النار ، حتى مر على ستة أبواب من أبواب جهنم ، وفي كل باب تقف إحدى البنات لتحجزه من دخول النار سوى الباب السابع ... فانتبه مذعورا وعرف خطأ ما نواه وما عزم عليه ، فندم على ذلك واستغفر ودعا ربه وقال : اللهم ارزقنا السابعة .

26516 (المجلد : 44 الصفحة : 134)

حَدَّثَنَا قُرَّانُ بْنُ تَمَّامٍ أَبُو تَمَّامٍ الْأَسَدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيِّ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ : يَا بُنَيَّ، أَلَا أُحَدِّثُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلَى، يَا أُمَّهْ. قَالَتْ : سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ : " مَنْ أَنْفَقَ عَلَى ابْنَتَيْنِ، أَوْ أُخْتَيْنِ، أَوْ ذَوَاتَيْ قَرَابَةٍ يَحْتَسِبُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا، حَتَّى يُغْنِيَهُمَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ يَكْفِيَهُمَا كَانَتَا لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ". 


2104 (المجلد : 4 الصفحة : 15)

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ فِطْرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا فِطْرٌ ، عَنْ شُرَحْبِيلَ أَبِي سَعْدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : " مَنْ كَانَتْ لَهُ أُخْتَانِ، فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُمَا مَا صَحِبَتَاهُ دَخَلَ بِهِمَا الْجَنَّةَ ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ : " تُدْرِكُ لَهُ ابْنَتَانِ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا مَا صَحِبَتَاهُ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ ". 


2631 ( 149 ) (المجلد : 8 الصفحة : 38)

حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا ؛ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ ". وَضَمَّ أَصَابِعَهُ.

 

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

بالصور: مراكز بيانات جوجل التي تحفظ كل معلومات العالم

جميع خدمات جوجل من مقاطع فيديو على اليوتيوب ورسائل بريد ومواقع وصفحات تؤرشف وتعيش هنا.

الأحد، 21 أكتوبر 2012

عجزت أنا يا بوي بالصوت أعزيكـ

لو الدمع يرجعك يابوي لابكيـك .. لوألدي [ رحمـه اللـه ] .َ

شيلة يابوي ليتك حي وتشوف حالي

حديث : يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه

سنن أبي داوود عن / عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم:« يَا أَسْمَاءُ! إِنَّ المَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ المَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا شَيْءٌ إِلاَّ هذا وهذا - وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ - »
[ حسن • انظر الحديث رقم -٧٨٤٧- في صحيح الجامع ]

•••---•••---•••---•••---•••

[شرح عون المعبود لسنن ابي داود]
حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني قالا حدثنا الوليد عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد قال يعقوب ابن دريك عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه قال أبو داود هذا مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها
الشروح
هي ما تتزين به المرأة من حلي أو كحل أو خضاب والمراد مواضعها .
( قال يعقوب بن دريك ) : أي قال يعقوب بن كعب في روايته عن خالد بن دريك بزيادة لفظ ابن دريك بعد خالد ، ودريك بضم الدال وفتح الراء مصغرا ( وعليها ثياب رقاق ) : بكسر الراء جمع رقيق ( فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ) : أي حال كونه معرضا ( إذا بلغت المحيض ) : أي زمان البلوغ ، وخص المحيض للغالب ( لم يصلح ) : بفتح الياء وضم اللام ( أن يرى ) : بصيغة المجهول أي يبصر ( منها ) : أي من بدنها وأعضائها .
والحديث فيه دلالة على أنه ليس الوجه والكفان من العورة ، فيجوز للأجنبي أن ينظر إلى وجه المرأة الأجنبية وكفيها عند أمن الفتنة مما تدعو الشهوة إليه من جماع أو ما دونه .
أما عند خوف الفتنة فظاهر إطلاق الآية والحديث عدم اشتراط الحاجة ، ويدل على تقييده بالحاجة اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساق قاله ابن رسلان - ص 127 -
ويدل على أن الوجه والكفين ليستا من العورة قوله تعالى في سورة النور ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها .
قال في تفسير الجلالين وهو يعني ( ما ظهر منها ) الوجه والكفان فيجوز نظره للأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد الوجهين [ أي للشافعية ، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله ] .
والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة ورجح حسما للباب انتهى .
وقد جاء تفسير قوله إلا ما ظهر منها بالوجه والكفين عن ابن عباس رضي الله عنه أخرجه ابن أبي حاتم والبيهقي وأخرجه إسماعيل القاضي عن ابن عباس مرفوعا بسند جيد .
قال المنذري : في إسناده سعيد بن بشير أبو عبد الرحمن النصري ، نزيل دمشق مولى بني نصر وقد تكلم فيه غير واحد .
وذكر الحافظ أبو بكر أحمد الجرجاني هذا الحديث ، وقال لا أعلم رواه عن قتادة غير سعيد بن بشير ، وقال مرة فيه عن خالد بن دريك عن أم سلمة بدل عائشة .

السبت، 20 أكتوبر 2012

في صحيح الجامع « إِذا تَوَضَّأَ أحَدُكم فأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عامِداً إِلَى المَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فإنَّهُ فِي صَلاَةٍ »

مسند أحمد بن حنبل- سنن أبي داوود-
سنن الترمڈي عن / كعب بن عجرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم:« إِذا تَوَضَّأَ
أحَدُكم فأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عامِداً
إِلَى المَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فإنَّهُ
فِي صَلاَةٍ »
[ صحيح انظر الحديث رقم -٤٤٢- في
صحيح الجامع ]
الشرح :
٥٣٧ - (إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه) أي أتى به تاما كاملا غير طويل ولا قصير بل متوسط بينهما ذكره القاضي -[٣٢٢]- (ثم خرج) من محله (عامدا إلى المسجد) أي قاصدا لمحل الجماعة يقال عمد للشيء قصد له (فلا يشبكن بين أصابع يديه) ندبا أي لا يدخل أصابع إحداهما في أصابع الأخرى لما فيه من التشبيه بالشيطان أو لدلالته على ذلك أو لكونه دالا على تشبيك الأحوال قال ابن العربي: وقد شاهدت ممن يكره رؤيته ويقول فيه نظير في تشبيك الأحوال والأمور ومثل تشبيكها تفقيعها كما في حديث آخر (فإنه في صلاة) أي في حكم من فيها والتشبيك من هيآت التصرفات الاختيارية والصلاة تصان عن ذلك مع أن التشبيك جالب للنوم وهو مظنة للحديث فلذلك كره تنزيها. قال العراقي: وهل يتعدى النهي عن التشبيك إلى تشبيكه بيد غيره أو يختص بيد نفسه لأنه عبث؟ كل محتمل ويظهر أن تشبيكه بيد غيره إذا كان لنحو مودة أو ألفة لا يكره وقد رفع حديث التشبيك مسلسلا بجمع من الحفاظ ثم إن مفهوم الشرط ليس قيدا معتبرا حتى إنه إنما ينهى عن التشبيك من توضأ فأحسن وضوءه بل من توضأ فأسبغ الواجب وترك المندوب فهو مأمور بذلك وكذا من خرج من بيته غير متوضئ ليتوضأ في طريقه أو عند المسجد لأنه قاصد للصلاة في المسجد وفائدة ذكره الشرط أن الآتي بصفات الكمال من توضئه قبل خروجه من بيته وإحسانه للوضوء وذهابه للمسجد أنه لا يأتي بما يخالف ما ابتدأ به عبادته من العبث في طريقه إلى المسجد بتشبيك اليدين بغير ضرورة بل ينبغي أن يواظب على صفات الكمال في خروجه ودخوله المسجد وصلاته وخروجه منه حتى يرجع إلى بيته ليكون آخر عبادته مناسبا لأولها والنهي عن التشبيك في الصلاة لا يتقيد بكونه في المسجد بل لو صلى في بيته أو سوقه فكذلك لتعليله النهي عن التشبيك في الصلاة إذا خرج من بيته بأنه في صلاة فإذا نهى من يكتب له أجر المصلي لكونه قاصدها فحالة الصلاة الحقيقية أولى بترك العبث سواء كانت الصلاة بالمسجد وغيره
(حم د ت) في الصلاة من حديث أبي ثمامة الخياط (عن كعب بن عجرة) بفتح العين (الذي في القاموس بضم العين) المهملة وسكون الجيم البلوى حليف الأنصار أو منهم تأخر إسلامه قال أبو ثمامة أدركني كعب متوجها إلى المسجد مشبكا بين أصابعي فقال إن رسول الله قال فذكره وصححه ابن خزيمة وابن حبان قال ابن حجر في إسناده اختلاف ضعفه بعضهم لأجله وقال الذهبي في التنقيح رواه جماعة عن المعتز عن أبي ثمامة وهو لا يعرف إلا بهذا الحديث وفيه نكارة وفي الميزان خبره عن كعب ولذلك رمز المؤلف لضعفه .

الجمعة، 19 أكتوبر 2012

حكاية لانتصار الشيطان…

الوجوه الصامتة ملجمة بالهدوء والوقار الإجباري؛ فالصدمة مفاجئة و مذهلة والأنفس تكاد لا تُصدق ما حدث بكل هذه السرعة.
الجالسون يشعرون أن الشيطان هو الذي يجلس على رقابهم، فنبضات القلوب تتسارع، وكأنها دفقات مطر على نافذة زجاجية تُنذر بقدوم عاصفة رهيبة، والضباب الدخاني الصادر من نرجيلة الأخ الأكبر محمود يزيد الجو رعبا، وكأن الغرفة مجلس لمشعوذ وليس لعائلة.
بعد نصف ساعة من الصمت. تكلم محمود موجهاً كلامه إلى وجوه أخوته الذين لم يرفعوا أعينهم عن الأرض
اسمعوا جميعا لن يذهب دم والدي هدراً برصاصة شاب تافه تمسح جريمته عطوة صلح.
المهندس نزار الأوسط عمراً قال بصوت خافت :
لقد قُتل أبي غدراً، و لو أننا حكّمنا عقولنا، ما قتل أبي من أجل خلاف على قطعة أرض. يا ليتنا تنازلنا عنها نهائياً وظل أبي حياً، البارحة جاءت مجموعة من رجال القرية وطلبوا حقن الدماء. ولقد عاهدناهم بأن لا نرتكب أي ردة فعل، حتى يُحّل الأمر، والقاتل الآن في السجن ولن نرضى بالتنازل عن محاكمته .
محمود يحمر وجهه ويحتد صوته :
أهذا ما علمتك إياه الجامعات، الجبن، والسكوت على دم والدك الذي قضى عمره كله من أجلنا، وقُتل بلحظة غدر حاقدة تريد أن تكافئه بأن تنهي ضياع عمره بفنجان قهوة ودية ونقود
هذا ليس من علم الجامعات يا محمود إنه حكم الله.
وكيف سنسير أمام الناس في الشارع، ورؤوسنا تحت الأرض والعار سيلاحقنا في عيونهم .
نرضي الله ، ورضا الناس لا يعنيني.أنا أعيش في الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة،وتحصل الكثير من الجرائم يوميا، وتتولى المحاكم معاقبة المجرمين ،وليس الناس. فلم يتسبب في قتل والدي سوى كلام الناس. لقد تحول البشر إلى شياطين تعشق رؤية الفتنة، و يا ليت والدي لم يستمع لأولئك الشياطين .
أخرس ألم يتبق إلا أن تتهم والدك لتخفي جبنك.
حسنية الأخت الكبرى وقد اصفر وجهها
ماذا تقصد يا محمود ، الثأر
وماذا غير الثأر، أتريدين مني توزيع الحلوى
يا ويلي، ضاع والدي يا أخي، ولا نريد أن يُحرق قلبي بواحد آخر في السجن أو على حبل المشنقة. الثأر طريقة طويلة وشائكة ؛ أنه مثل وحش سَيفترس الجميع واحداً وراء الآخر.
اسمعي يا حسنية أنت سوف تغادرين منذ الصباح الباكر إلى بيت زوجك، فلقد انتهى العزاء، ولم نعد بحاجة لمساعدتك . المرحلة القادمة تحتاج إلى رجال ينظر بسخرية نحو نزار) هذا إذا تبقى أصلا رجال، فأنتم النساء مصدر التخاذل.
نزار الذي ازداد حنقه
إذن يا أخي اذهب أنت واقتل رجلاً من بيت أبي عدنان، أنا وأخي لؤي وقبل أن أعود للولايات المتحدة سوف ننهي النزاع مع الجماعة، دون أن نتنازل عن محاكمة القتل، وسينال جزاءه الذي يستحقه.
لا، اذهب من الآن مستهترا الثأر يجب أن ينفذ خلال يوم .
حسنية تولول وتبكي وتقول
ضاعت العائلة من أجل قطعة أرض. لعن الله المال والأراضي.
يقذف محمود خرطوم النرجيلة ويصرخ
اخرجوا غراب البين هذه من الغرفة .
نزار يهم بالمغادرة وينهي جازماً بموقفه
أنا لا أريد الحصول على أي ميراث، ولا أريد بطولة الثأر .سوف أغادر غداً صباحا،عائداً إلى أولادي، قبل أن تُرمل الزوجة وييتم الولد، من أجل هذه المعتقدات البالية التي ما زالت راسخة في عقولكم العفنة و التي لم يطهرها العلم!
مع ستمائة قلعة ومن قال لك أننا نريدك، أنت لا تستطيع أصلا حمل مسدس، و بماذا ستقتل قتلة والدك أصلاً، بقلم أم بمسطرة رسم ولكنك لن تغادر قبل أن تُشارك بالثأر أو تتنازل عن حق والدك، الذي خذلته في قبره.
سوف أتنازل لك الآن عن كل ما تريد.فلا تعنيني الأموال إذا كانت نهايتي داخل السجن أو تحت تراب المقبرة.
استفرد محمود بأخيه الصغير لؤي الشاب اليافع الذي اقترب من العشرين عاما، ولا يعرف من هذه الحياة ومكائدها شيئاً؛ ولم يكمل دراسته الابتدائية.
لذلك أخرجه والده من المدرسة، وأجبره بالعمل في المزرعة، وقضى سنين عمره التالية، بين المواشي وأشتال الزراعة والنوم.
في فترة الظهيرة من ذلك اليوم المشؤوم، أحضر محمود طعاماً شهياً ولذيذاً للؤي، في إحدى الجلسات النادرة التي يتحدث فيها محمود مع لؤي.
اسمع يا أخي شرف العائلة وشرف أبيك بيدك أنت الآن.
أنا وكيف تضع هذا الحمل بيدي أنا
لقد شاهدت كيف فعل أخوك المهندس، يهرب من القرية ويتنازل حتى عن إرث والده، وذلك لأنه جبان، علم في داخل نفسه أنه لن يطفئ غضب والده الميت، لأنه جبان، ولا يخاف العار؛ فالجبناء يعشقون الذل ويهابون الشجاعة.
أنت تعرف أن أخي نزار ليس جباناً ولكنه، حكَّم عقله واختار ما وجده مناسبا.
محمود يتمتم دون أن يسمعه أخوه والله يا بهيم صرت تحلل بعد ما طلعت من الزريبة .
لا تدافع عنه، ولا تغرك كلماته القادمة من المدينة. يجب أن نثأر لدم والدنا، ونمسح العار الذي سيلحق بولد الولد إن لم نسرع لأخذ الثأر، قبل وصول الجاهة غداً.
أتريد أنت يا أخي محمود أن تقتل واحداً من أبناء أبي عدنان إياك أن تقدم على فعل كهذا، أنت الوحيد الذي يدير مصالح والدي المرحوم، ولا تنس أبناءك من سيعيلهم.
ها قد قلتها يا لؤي أنا لا أستطيع، ولكنك أنت تستطيع.
ماذا تقول أأقتل أنا لم أذبح ولو خروفاً في حياتي فكيف أقتل إنسانا
إطلاق الرصاص لا يحتاج لأي شجاعة، وأنا سأقول أنها لحظة غضب من شاب صغير تهور، بعدما فقد والده، ولم أكن مطلعاً على حماسة شبابه، وسوف أجعل المحامي يبرر الحادث، بفورة دم وأسعى بعدها لإخراجك من السجن،ولن تقضي أكثر من عام ونصف. ثم تخرج مرفوع الرأس لأبد الآبدين
حاول لؤي التصدي للفكرة، و لكن محمود استغل حداثة سنه، وقلة خبرته في الحياة فغسل دماغًه، بإقناعه وإغوائه عبر الحصة الكبيرة من أملاك الوالد،مستغلا حب لؤي الجارف لأبيه المتوفى ، حتى أنه أقنع لؤي أن والده الآن حي في السماء، يلعن أبناءه ليلاً نهاراً إن لم يأخذوا بثأره.
الشيطان بدوره جَّند كل أتباعه في تلك الساعات، حتى ينمو الشر ولا تضيع جريمة قتل أخرى.
في ذلك اليوم ذهب لؤي لرؤية حبيبته، التي كانت تعمل هي وأمها المطلقة معهم في المزرعة، أخبرها أنه سوف يغيب من عام إلى عامين، وسيعود بعدها ثرياً يمتلك مالا كثيراً دونما أن يعيش في جلباب والده المغدور ، وسيعوضها عن كل لحظة عناء. أقسمت حبيبته على المصحف أنها سترفض أي عريس قادم، حتى انقضاء العامين، ضمته لصدرها وكان حدسها الأنثوي يُخبرها أن هذه آخر لحظاتها معه؛ لأنها لم تره مرتبكاً مثل هذه اللحظات من قبل، والقسم سيبقي عهداً ،ولن يعيد حبيباً مرتبطٍاً بعهد.
في فجر اليوم التالي خرج لؤي من البيت ملثماً وقد جهز مسدساً أعطاه إياه محمود، الذي قبله فوق جبينه وهو يردد: الله يبيض وجهك بيضت وجهنا يا بطل
كان أقارب أبي عدنان وأولاده يعيشون في حالة لا مبالاة، لأن اليوم هو عطوة الصلح وسينتهي أمر الثأر ولم يسمع أحد من أهل القرية أن أولاد أبي محمود المسالمين يريدون الأخذ بالثأر، لذلك لم يجد لؤي صعوبة في تفريغ ثلاث رصاصات، في صدر خلدون ابن أخ أبي عدنان، الذي شاءت الأقدار أن يكون عائداً من صلاة الفجر.
الشيطان لف عباءته وغادر لقد انتهت مهمته. عاد لؤي بعدها إلى البيت، وجلس خائفاً، بعدما أدرك خطورة جريمته.
علمت الشرطة باتصال هاتفي من محمود الذي أبلغهم بفقدان مسدسه حالماً سمع صوت الرصاص متزامنا مع غياب أخيه.
وصل رجال الشرطة بسرعة وأعلنوا منع التجوال في القرية ، وما هي سوى دقائق حتى ألقوا القبض على لؤي.
لم يفهم لؤي ما الذي يعنيه أخيه محمود بقوله :
سود وجهنا ….الصلحة كانت اليوم .

الخميس، 18 أكتوبر 2012

اعمال يوم الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد:
فإن الله عز وجل قد فضل يوم الجمعة على سائر الأيام.
وفيما يلي نقدم من السنن والأحكام والآداب المتعلقة به ومما لا غنى للمسلم عنه:
1- معناها:
سميت جمعة لاجتماع الناس فيها حيث يكثرون ويجتمعون فيها وكان يوم الجمعة في الجاهلية يسمى يوم العروبه وتنطق كلمة جمعة بضم الميم وفتحها كما حكاه الفراء والواحدي وغيرهما.

2- فضلها:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة» [رواه مسلم].

3- تأكد غسل يوم الجمعة على كل بالغ من الرجال:
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم» [صححه الألباني].
وروى أبو هريرة - رضي الله عنه- فقال : بينما عمر يخطب الناس يوم الجمعة دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فناداه: "أية ساعة هذه؟"، فقال: "إني شغلت اليوم فلم أنقلب لأهلي حتى سمعت النداء فلم أزد على أن توضأت"، قال عمر: "والوضوء أيضا، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل".
قال شيخ الإسلام في (الاختيارات) بمشروعية الغسل يوم الجمعة ووجوبه حال تغير رائحة الجسد.

4- الطيب والسواك يوم الجمعة:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غسل يوم الجمعة على كل محتلم، وسواك، ويمس من الطيب ما قدر عليه» [رواه مسلم].

5- فضل التهجير (التبكير) يوم الجمعة:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول؛ فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر، ومثل المهجر الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة» [رواه مسلم].
ويبدأ وقت التهجير بعد طلوع الشمس وذهاب وقت النهي.

6- الإنصات يوم الجمعة إلى الخطبة:
عن أبي -رضي الله عنه- أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت» [رواه البخاري].
وفي هذا الحديث النهي عن جميع أنواع الكلام حال الخطبة فما دام سمي الأمر بالمعروف حال الخطبة لغوا فغيره من الكلام من باب أولى.

7- صلاة تحية المسجد:
عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما- قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال له: «ياسليك، قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما» [رواه مسلم].
ومعنى أن يتجوز فيهما أن يخففهما.
وليس للجمعة سنة قبلية بل يصلي ما كتب له ركعتين أو أربع أو أكثر من ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «ثم يصلي ماكتب له» [رواه مسلم].

8- ساعة الإجابة يوم الجمعة:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: «فيه ساعة، لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي، يسأل الله شيئا، إلا أعطاه إياه» [رواه مسلم].

وهي ساعة خفيفة اختلف في تحديدها ولكن أرجى ما تكون بين جلوس الإمام إلى أن تقضي الصلاة كما في الحديث أبي موسى عند مسلم، وقيل: هي آخر ساعة من يوم الجمعة، وهو الراجح كما ذكر سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله-، وزاد: ولكن ينبغي الاجتهاد في كلتا الحالتين.

9- الصلاة بعد الجمعة:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا» [رواه مسلم].

10- التغليظ على من ترك الجمعة:
عن عبدالله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهنا سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين» [رواه مسلم].
قوله «ودعهم» أي تركهم وفيه أن الجمعة فرض عين على الرجال، وقوله «ليختمن» أي: الطبع والتغطية والعياذ بالله.

11- بعض السنن والآداب التي ينبغي التحلي بها:
1- استحباب الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة» [قال الألباني حسن لغيره].

2- استحباب قراءة سورة الكهف في يومها لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه وبين البيت العتيق» [صححه الألباني].

3- لا ينبغي للمسلم أن يحجز مكانا بعصا ونحوه بل عليه التبكير للصلاة والجلوس حيث ينتهي به الصف، ولا يتخطى الرقاب، ولا يفرق بين اثنين.

4- لا يجوز حال الخطبة العبث بيده أو برجله أو غير ذلك؛ بقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن مس الحصى فقد لغا» [رواه مسلم].

5- يستحب التنظف والتزين يوم الجمعة وأن يمس المسلم الطيب بدنه وثوبه.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحه وسلم..


موقع وذكر الإسلامي

تنبيه النسوة لبعض مخاطر مجالس الرقية…

في هذا الزمان كثرت الأمراض و الكثير الكثير منها إما نفسية أو مما حق القول فيه من تلبس جان أو إصابة عين إنسان أو عمل ساحر شيطان. فطَرق الناس من أجل ذلك الأستطباب من هذه العوارض كل طريق, و بحثوا عن كل سبيل من أجل أن يقر قرارهم, و من أجل أن ينعموا ببقية أيامهم هادئة صافية لا يكدرها كدر تلك الأوجاع.
فكأن الناس في البحث عن العلاج مذاهب شتى و طرق متنوعة، و كان العلاج الناجع و الطب المضمون بإذن رب العالمين هو الرقية الشرعية التي أرشد إليها رب العالمين و أخذت بالانتشار و التوسع بعد أن كان لها أثر بين الناس, و بعد أن لامست وتر الأرواح قبل أن تبرئ بإذن الله الأجسام.
و مع هذا الطلب المتزايد للرقاة الشرعيين كان الرقاة على أشكال عدة :

• فخرج من يتلبس بلبسهم و يقلد قراءتهم و يمسح على نفسه مسحة الصلاح. و هم أبعد الناس عن ذلك. بل هم الداء كله, و الخبث أجمعه, و المرض بعينه.فمنهم المشعوذ, و منهم الساحر, و منهم الطبيب الشعبي الذي أتخذ المرضى المحتاجين باباً للتعلم, و منهم من كانت الرقية هي طريقة لمآرب أخرى.
• و لكن هل هذا حكم بالعموم و قول على الجميع؟ ..بالطبع لا..فالكثير و لله الحمد لديه خير عظيم فهو يرقي الناس لله و بالله. و هم يقدمون جهدهم, و أوقاتهم في سبيل الله. كل ذلك و هم ينتظرون دعوة مضطر, أو تفريج هم مكروب, أو كشف بلاء عن مريض. فهؤلاء أجرهم على الله و نسأل الله لهم الثبات و التوفيق و الرشاد و السداد.
• و لكن قد يكون من الصنف الأخير أناس يقدمون كل ماسبق أعلاه, و لكن تأخذ منهم الرقية الوقت الكثير فشغلتهم عن أهليهم, و عن أعمالهم فلهم أن يأخذوا من نصيب الدنيا بمقدار, لا يكلف المحتاج, و يسد الراقي عن الحاجة لمن حوله.
و في هذا الموضوع سوف أطرق باب التوعية بالقدر الذي أعرفه, و سوف أنبه على بعض النقاط التي مرت علي من بعض المرضى أو الرقاة الذين لهم خبرة في هذا المجال, فأقول مستعيناً بالله..

١- على المريض أن يبحث على أكثر من طريق من أجل العلاج فيبدأ بتشخيص المرض من المستشفيات حيث الأطباء و المختبرات فإن كان المرض عضوي و له علاج فالنجاح بإذن الله يبدأ من هناك, و لكن هذا لا يعني أن المصاب بمرض عضوي أن ينسى الرقية فهي الخير كله.
٢- على المريض المصاب بأحد الأمراض التي تحتاج إلى رقية أن يبدأ الرقية على نفسه, فكل من يقرأ القرآن, و مطلع على الأحاديث الواردة من السنة النبوية فهو جدير بالقراءة على نفسه, فلن تجد أخلص من نفسك على نفسك, و لن تجد أكثر حرصاً على الشفاء أكثر ممن عانى من مرارة الألم.
٣- على المريض الطالب للرقية أن يتجه إلى الله بكامل قلبه, و أن يكون متيقناً بالإجابة بعد الدعاء مباشرة, و متوكلاً على الله حق التوكل.
٤- البعض من المرضى يقول أقرأ الرقية فإن أفادت فبها, و إن لم تفد فهي لم تضر, و هذه بداية الضرر حيث أن الله سبحانه و تعالى يقول : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) وقوله تعالى:( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) فهذا يقين و لكن يحتاج لأيمان, فكيف بالمرء يطلب الرقية من الله و يدعوه و هو لم يوقن بالإجابة, و لم يؤمن بما نزله في كتابه.
٥- لا يخلو رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما لذا فالتنبه للخلوة مع الرقاة أمر مهم. و لا نقل أن هؤلاء أهل ثقة فالحديث لم يستثني أحد من الناس.
٦- على المحرم أن يكون نبيهاً متنبهاً فلا ترده الثقة أو مظهر الصلاح للراقي على أن يجعل له الحرية الكاملة مع محارمه, بل يمنع كل مانهى الشرع عنه من الملامسة, أو تجالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته مواضع الألم مباشرة.
٧- على المرأة أن تأخذ معها من المحارم من يكون كبيراً, حريصاً , عاقلاً , فالطفل الصغير, أو المحرم الغافل, لا يمكن أن يمنع الضرر ممن في نفوسهم مرض.
٨- مهما أعجب الناس و زادوا من الثناء و المدح على بعض الرقاة, فلا نغتر و ننزلهم لمرتبة البراءة من زلات النفس, بل بيننا و بينهم ما أمر الله به ورسوله – صلى الله عليه و سلم- , فالناس بينهم اختلاف فالفهم, و الحرص, و الابتعاد عن الشبه, و المتشابهات. لذا فحديث الناس عن قارئ لا يجعلنا بيقين أنه نقي الباطن, و أنه صافي النية و السريرة.
٩- بعض ممن يدعون الرقية فنجدهم يتمتمون بكلام غير مفهوم, أو يطلبون مطالب غريبة, من ذبح و نحر لنوع معين من الحيوانات في أمكان محددة, أو نحس منهم التقليل, و الامتهان للتوحيد, و القرآن, فهؤلاء ممن تلبس بهم الشيطان فأضحوا دعاة ظلال.
١٠- بعض ممن يدعون الرقية الشرعية و هم أبعد الناس عنها, فنجدهم يطلبون أسم أم المريض, أو لديهم طلاسم و أوراق بكتابات غير مفهومة, أو يلبسون السلاسل و الخواتم الغريبة, فهؤلاء هم الداء بعينه, فهم أبواق الشيطان و دعاة الكفر و الطغيان.
١١- بعض النساء تتساهل بالحديث مع الرقاة, و تحدثه عن كل صغيرة و كبيرة في حياتها, و تشكي إليه و كأنه العارف بكل شكوى, المنقذ من كل مشاكل الحياة, فيكون من بعض الرقاة أن يقدمون الحلول بالرغم عن نقص في الخبرة, أو عدم علم بأساليب الحلول التربوية, أو الطرق النفسية, فيقدمون المشورة على ظلال, و يهدمون أكثر مما يبنون, و يعقدون أكثر مما يحلون, فالرقاة و إن أعطاهم الله بعض من فضله في جانب الرقية, و لكن ليسوا سواء في المعرفة في الحلول الاجتماعية ,و المشاكل التربوية. لذا فلا نطرح مشاكلنا إلا لمن لديه حل يقيني لهمومنا, و من لديه خبرة و معرفة بكيفية فك طلاسم مصاعب الحياة التي تمر بنا. و لكن قد يكون الحل الأمثل بأن يتواصل مع زوجها و أن يبين الخطأ في المشكلة التي هو فيها. أو يدلها على بعض المتخصصين في هذا المجال.
١٢- بعض النساء يفقدن العطف و الحنان ممن حولهن فتجد في بعض الرقاة لطفاً و رحمة, فتميل نفسها إليه و تجد إعجاباً بطريقة علاجه و أسلوب حديثه, و تأوي إلى ركنه. و لا تعلم أنها تغرق في بحر من المشاكل النفسية, و الأحلام الوردية. و لكن هي أحلام في غير محلها, و برأيي أن هذا الخطأ مشترك بين المريض و الراقي. حيث أن الراقي يجب أن لا يلين الطرف لمن هم بمثل هذه الحالة, و لا يفسدها على نفسها أو على زوجها و الوعيد شديد من رب العالمين لمن كان هذا وضعه.
١٣- بعض النساء تليّن القول للرقاة, و قد تخضع له بالقول, فتمازحه, أو تضحك معه, أو قد تحدثه بما أمر الله بستره مع زوجها, و هذا أمر فيه مفاسد عظيمة و تمادي خطير, و وقوع في أول مسالك الرذيلة سواءً الرذيلة الحسية أو الرذيلة العاطفية و التي تبعد الفتاة عن واقعها وتعيّشها في أحلام وردية, مما يجعلها تبحر من نهر إلى بحر, ثم إلى محيط له أول و ليس له آخر, ظلمة من فوقها ظلمة . و إن كان الخطأ من الفتاة فإنني أحمل الراقي أيضاً بعض الحمل, فهو فتح قنوات بينه و بين الفتاة بشكل سهل لها أن تتمادى, و أعطاها فرصة أن تحدثه عن كل صغيرة و كبيرة في حياتها, و الأصل أن يكون الراقي على قدر من الهيبة و أن يكون من يرقيهم هم بعداد أهله من حيث حفظ عرضهم والخوف عليهم و إعانتهم على حفظ أسرارهم, و أعلم أن الشيطان قد يفتح لهم – الراقي و المرقي عليه – كل باب و يزين لهم عملهم, إما بأن يجعل ذلك من باب المحبة لله, أو من باب العطف عليها, أو من باب تقديم الاستشارة و المساعدة لها,و يخطي من حيث أراد أن يصيب. و لقد حدثني أحد الأخوة ممن هم يعملون في مجال الطب, فقال أن النظام الطبي في الكثير من الدول يمنع عقد النكاح بين ا لطبيب والمريضة خلال مدة العلاج و بعدها بفترة, و ذلك لأن المريض يكون متعاطفاً و مائلاً بشكل كامل مع من كان سبباً في شفاءه بعد الله.
١٤- البعد عن الرقاة الذين يعالجون في أماكن مهجورة, أو في بيوت خالية من الناس, أو التواعد في أوقات خاصة.
١٥- البعد عن دخول الراقي لوحده لبيت المريضة, أو إلى غرفة المريضة في المستشفى, خاصة لمن كانت هي بمحل فقدان الوعي. ففي ذلك خلوة و مفسدة.
١٦- البعد عن التزين, و التبرج من قبل النساء, و لبس كل لباس ساتر, و أنصح بلبس البنطال تحت الثياب لمن تخشى على نفسها التكشف.
١٧- عدم الركون و الاستجابة لكل متطلبات الراقي فبعض الرقاة – هداهم الله – لديهم خطوط الحلال واسعة, و قد صنعتها أيديهم ببعد عن الشريعة الحقة.و لتكن المرأة قوية الشخصية لا توافق إلا على ما يتوافق مع الدين و الشرع, و ترفض كل أمر هو محل شك أو ريبة. فهي تطلب الشفاء من رب العالمين و رضاه هو بداية الشفاء الحقيقي .
١٨- الأصل بالناس حسن الظن, و لكن قد يكون هناك بعض التصرفات من بعض الرقاة – هداهم الله – تدعوا للشك و الريبة, فلذا فعلينا أن لا نأمل الجانب و لا أن نشك بكل الناس. لأن الكثير ممن تلبسوا بثوب الرقية و ممن يستخدمون السحر و الشعوذة قد وجدوا أن أقرب الطرق للوصول للناس هو أن يكونوا بمظهر الطبيب المعالج, و الرجل الصالح, و المداوي الناصح.
١٩- القنوات الفضائية, و محلات العطارة, أصبحت تبحث عن الفائدة المادية, و الربح السريع, فمن الممكن أن تجد المرأة بضائع تروج بشكل عزائم و رقى, و هي أعمال يقصد بها استغلال المحتاجين من المرضى.
٢٠- على المريضة أن تبدأ بالعلاج مع الثقات, و أن تستمر مع من ترتاح و تأمن الجانب لديه, و ممن عرف بالصلاح و التقوى, و أن لا يأخذها الأستطباب بطرق كل يوم باب.
٢١- قد تتأثر المرأة من الرقية الجماعية, و تتألم لمنظر من يتألم, و تصاب بدوخة و دوار, و تحس بتعب, فتعتقد أو يعتقد الراقي المداوي أنه ممسوسة, أو متأثرة بهذه الرقية, و إنما هي قد راعها منظر النساء اللاتي أصبن في تلك القراءة.
٢٢- من أصيب بالعين له قراءة تخصه غير من أصيب بالسحر و المس, لذا فحري بالمريض أن يبحث عن المتميزين في الجانب الذي يشكوا منه.
٢٣- قد يدخل الوسواس في نفس المريض الذي يكثر الذهاب للرقاة, فتبدأ تتهيأ له بعض الأعراض التي يسمع عنا لدى المرضى فتنقلب حاله كدراً. فعلى المريض التنبه لهذا الأمر.
٢٤- بعض المرضى يزداد ألمه مع القراءة, و قد يكون من الأفضل أن لا يكثر من القراءة و ذلك لأنه قد يحرك ماسكن من المس.
٢٥- من المفترض أن يحافظ المسلم على كافة الأوراد اليومية من أذكار المساء و الصباح, و الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم, و الدعاء بخشوع و يقين, و الاستغفار في كل حين, و ذلك من أجل الشفاء, و من أجل سد مداخل الشيطان في اليوم و الليلة.
٢٦- بعض الرقاة يطلب من المريض أن يترك كل علاج, و على المريض أن يستشير طبيبة قبل الأقدام على هذه الخطوة.
٢٧- بعض الرقاة يتوقع أن المريض هو مصاب بأحد الأمراض فيركز الرقية على هذا النوع, بينما هو مصاب إما بمرض عضوي, أو مرض آخر, إما مس, أو سحر, أو عين.
٢٨- في الغالب أن الناس يدفعون للرقاة مبالغ خيالية من أجل الرقية, و لو فكروا قليلاً في هذا الأمر و دفعوا لهم قدر عملهم لكان هذا أفضل. فمن المنطق أن الطبيب العام يكشف بخمسين "٥٠" ريال, و الطبيب المتخصص يكشف بـمائة "١٠٠" ريال, و الاستشاري بمائة وخمسين "١٥٠" ريال, مثلها أو قريب منها. فالمفترض أن تكون الرقية بهذه الحدود.
٢٩- بعض الناس يصدق ما يقال عن بعض الرقاة الذين يرقون من خلال سماعة الهاتف, و بأرقام دولية فهؤلاء هم أقرب للدجل من الرقية, و هم أقرب للسحر و الشعوذة.
٣٠- بعض الناس يكون لديه إما مس أو سحر أو عين. فتجده يكتشف ذلك بالصدفة, و ذلك عندما يكون مرافقاً لمريض و يبدأ الراقي بالقراءة, فيجد أن المرافق بدأ بالتثاؤب, أو تتساقط من عينيه الدموع, أو يغم عليه.
٣١- من وجد في نفسه تنقل مكان المرض, و عدم وجود تشخيص طبي محدد, و وخز في أطراف الجسم, أو تنميل في الأطراف, أو شرود في الذهن, أو تثاؤب عند القراءة, أو نفور من القرآن و مجالس الذكر, أو ضيق في الصدر بدون سبب, أو كره للذهاب إلى الرقاة, و الأنزعاج منهم, أو قلق أو بغض لزوج, أو أبناء, أو زوجة , أو بيت, أو عمل, أو دراسة أو أي مما يملك و بدون مسبب, فهذا حري أن يكون مصاب بأحد الأمراض إما العين أو السحر أو المس.و هناك أسباب أخرى..
٣٢- بعض المرضى يعتبر قول الراقي حق محض, و قبوله أمر لا نقاش فيه, فتجده يتوقف بالكامل عن كل سبب, و يقطع كل طريق إلا الطريق الذي كتبه له ذلك الراقي.
٣٣- بعض المرافقين للمرضى قد يصاب بانتقال الجان عند مرافقة المريض فيخرج من المريض و يدخل إلى الإنسان السليم, لذا فيحسن أن يتحرز المرافق بأن يقرأ ورده, و يكرر الأذكار أثناء الذهاب للرقاة.
٣٤- الجن يدخلون في بني آدم في مواضع عدة, إما في وقت الغضب الشديد, أو في وقت المعصية و البعد عن الله, أو في وقت الطرب و المزمار, أو في وقت الفتنة كالتعري, أو عند أذيتهم, و عدم التسمية, أو في أماكن تواجدهم في دورات المياه, أو في أعتاب الأبواب, أو في الأماكن المهجورة.
٣٥- للرقاة أساليب عدة في الرقية الخاصة بالمس, منها الرقية في بتأويل الأحلام, و يتم عبرها معرفة الذي أصاب المريض بالعين, و منها الرقية عن طريق التهديد و الوعيد للمتلبس إما بالذبح أو الإحراق, و منها القراءة بقصد دعوة الجان و هدايتهم و تعريفهم بطرق الحق و نصحهم بعدم أذية البشر.ز منها بسؤال المريض عن من يتهم من الناس, و هناك طرق عدة غير ما ذكر و لكن من المهم أن تكون كل طريقة تستخدم أن يتم سؤال العلماء عنها و أن توافق السنة النبوية.
٣٦- لمن أصيب بعين فعليه أن يكثر الرقية بالآيات المناسبة للعين, و إن كان يعرف الذي أصابه بالعين فله أن يأخذ منه باقي الماء الذي توضأ منه فيصب عليه, و إن لم يجد طريقاً إلى ذلك فله أن يأخذ من بعض أكله مما لامس لعابه مثل نوى التمر, أو مما لامس جسمه, مثل بعض ملابسه, أو بعض مالامس أطرافه مثل المقابض التي لامسها بيده.
٣٧- لمن أصيب بالسحر فيمكن أن يكون الشفاء بإذن الله تعالي بالرقية و الاغتسال بالسدر و أن تفك العقد ممن لديهم خبرة في ذلك.
٣٨- من أصيب بعين في مناسبة معينة, كالطالبة في فصلها, أو ضيوف من مناسبة زواج, أو من مجلس معين, فلا يتوانى المرء بالتسبب منهم و أخذ شيئاً من عرقهم أو ريقهم, و ذلك بطلب القراءة منهم ببعض الماء أو الوضوء فيه.
٣٩- قد يكون من المناسب للنساء أن يذهبن للراقيات من النساء, فلقد علمت أن هناك مجموعة من النساء اللاتي نذرن أنفسهن لهذا الأمر.
٤٠- قد تقرأ و تشفى و لكن قد يكتب الله لك خيراً من ذلك, إما رفعة بالدرجات, أو تكفير عن السيئات, أو دفع مصيبة أعظم من ذلك, أو شفاء و لكن بعد تمحيص ذنوب فلا تبتئس بل أصبر على قضاء الله وقدره.
٤١- لا تعتمد بشكل كامل على الرقاة في كل أمرك. بل أقرأ على نفسك و تتبع الأحاديث الواردة من نبي الرحمة و ألزمها حتى يكتب الله لك الشفاء.
٤٢- يقول الشيخ الدكتور/ عبدالعزيز السدحان أن الرقية يجب أن تكون بقدر معلوم محدد و لا يستزاد منها فهي مثل الدواء إن زيد عن الجرعات المقررة قد ينقلب إلى داء. لذا فحري أن يبدأ المرء بالرقية البسيطة ثم يتوسع إن لم يحس بالشفاء.
٤٣- يقول الشيخ الدكتور / عبدالعزيز السدحان أن القرآن هو الأصل في العلاج للأمراض العضوية, أو النفسية, و منه يفترض أن نبتدئ و من بعده يكون العلاج بالعقاقير.
٤٤- يقول الشيخ الدكتور/ عبدالعزيز السدحان أن الأصل في أغلب الأمراض هي عين حاسد, اما السحر و التلبس من الجان فهي أستثناء عن القاعدة و ذلك مصداق لحديث الرسول صلى الله عليه و سلم.
٤٥- يقول الشيخ الدكتور/ عبدالعزيز السدحان أن الجن قد يزيدون من الضغط على بعض الأمراض الموجودة في المرضى, و قد يكون منشأ المرض من الجان من أمثال السرطان.
("منقول" نسيم نجــد - صيد الفوائد)
http://saaid.net/female/m249.htm

ضيف لطيف اسمه الظلام…

لم يكن ينقص في تلك الليلة الشتائية العاصفة والمخيفة إلا أن تنقطع الكهرباء ، ويتحول البيت وكأنه سفينة تلاطمها العواصف .
حتى ذلك الحين لم أكن أعرف أن للظلام أيضا إحساس جميل يضفيه على أرواحنا المتجمدة،فقد أسرعت العائلة نحو الصالة، وبدأت أمي تواسي خوف الصغار؛ وجدت بعد قليل من البحث شمعة مهملة من آخر المناسبات.
جلسنا حول المدفأة ، أحضر أبي شيئاً مهملاً من الماضي البعيد، الفانوس الذي رافق الأسر في لياليهم الماضية، صارت الوجوه أوضح، وبدأت الأحاديث تنسج وتحلو لعلها تُطمئن قلوب الصغار وفي بعض الأحيان يتخللها شيء من الضحك الفاتر يقطعه قصف رعد أو لمعة برق أو زوبعة مطرية.
كان الحديث أجمل على نغمات الرياح، ورقصات الأشجار، ها هو أبي يتخلى عن سماع أخبار العالم ويجلس ليستمع لحكايات أختي الصغيرة مع معلمات المدرسة، لعله يدفئ قلبها بقليل من الطمأنينة، أو ينسيها هذا الجو غير مألوف.
ها هو الظلام يحررنا من قيود المدنية والحداثة، ويفك أيدينا من سلاسل الكمبيوتر وقيود الريموت كنترول ، ويزيل الأسلاك الشائكة بيني وبين غرف أخواني.
أخي الكبير تخلى عن دور المستمع في برنامج الاتجاه المعاكس وها هو يجلس أمامي يستعرض قدرته في النقاش ، يتدخل أبي ببعض الجمل، ثم يعود متابعاً أحاديثه مع أختي الصغيرة يروي لها حكايات الماضي أيام الفانوس وموقد الحطب.
فيما بعد بدأ الهدوء ينساب على الجلسة وأغُلقت بعض جفون الجالسين ، فأمعنت النظر في تلك الشمعة محاولاً أن أقول لها اصمدي، أرجوك لا تذوبي قبل أن تعود الكهرباء.
كانت الشمعة كوجه المرأة الباكي تهمي منها الدموع لكي تتجمع بالأسفل لتظل شاهدة على ذكراها، النظر للشمعة يُخبرك أنها كانت تبث الحياة والحب في الأسر جميعا، ولكنها ضاعت كما ضاع الحب بين أضواء أجهزة الكهرباء، استطاعت الشمعة أن تلم العائلة أكثر من مرض أمي وأكثر من كل وجبات الحلوى التي كانت توضع في الصالة، لقد جعلت عائلتنا كعنقود عنب، وفجأة عادت الكهرباء وانفرط عنقود العنب ، وذهب نور الشمعة مع أنها ما زالت تشتعل وفر الجميع إلى غرفهم وعاد صوت التلفاز يبث إزعاجه في كل مكان، وجلست أنا وحدي بجانب الشمعة أقدم اعتذاري لها فقد ذهب الجميع دون أن يقدم لها أي أحد كلمة شكر، بعد لحظات ذابت تلك الشمعة وذابت تلك الأحاديث التي جمعت كل الأسرة.
في اليوم التالي اشتريت شمعه أخرى وتمنيت أن يزورنا الظلام مرة أخرى دون أي متطفل كهربائي.

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

نيل الأوطار - كتاب الصلاة - باب حجة من كفر تارك الصلاة

[ الجزء الأول - هل يجب القتل لترك صلاة واحدة أو أكثر - باب حجة من كفر تارك الصلاة - كتاب الصلاة - نيل الأوطار ]

ص ٣٦١ - ٤٠٠ - ( عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة » رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي ) - ص ٣٦٣ - ٤٠١ - ( وعن بريدة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر » رواه الخمسة ) ٤٠٢ - ( وعن عبد الله بن شقيق العقيلي قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا منخ الأعمال تركه كفر غير الصلاة رواه الترمذي ) ٤٠٣ - ( وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه « ذكر الصلاة يوما - ص ٣٦٤ - فقال : من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف » رواه أحمد )
الشروح :
- الجزء الأول - الحديث يدل على أن ترك الصلاة من موجبات الكفر ، ولا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكرا لوجوبها إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة ، وإن كان تركه لها تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها كما هو حال كثير من الناس ، فقد اختلف الناس في ذلك ، فذهبت العترة والجماهير من السلف والخلف ، منهم مالك والشافعي إلى أنه لا يكفر بل يفسق ، فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن ، ولكنه يقتل بالسيف .
وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر ، وهو مروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل ، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه ، وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي . وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي إلى أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي . احتج الأولون على عدم الكفر بقول الله عز وجل : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وبما سيأتي في الباب الذي بعد هذا من الأدلة ، واحتجوا على قتله بقوله تعالى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) ، وبقوله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها » الحديث متفق عليه . وتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم : « بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة » وسائر أحاديث الباب على أنه مستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر وهي القتل ، أو أنه محمول على المستحل ، أو على أنه قد يئول به إلى الكفر ، أو على أن فعله فعل الكفار .
واحتج أهل القول الثاني بأحاديث الباب . واحتج أهل القول الثالث على عدم الكفر بما احتج به أهل القول الأول ، وعلى عدم القتل بحديث : « لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث » وليس فيه الصلاة . والحق أنه كافر يقتل ، أما كفره فلأن الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك الصلاة بذلك الاسم وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق - ص 362 - هذا الاسم عليه هو الصلاة ، فتركها مقتض لجواز الإطلاق ، ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها الأولون ؛ لأنا نقول : لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة ، ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفرا ، فلا ملجئ إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها وأما أنه يقتل فلأن حديث « أمرت أن أقاتل الناس » يقضي بوجوب القتل لاستلزام المقاتلة له ، وكذلك سائر الأدلة المذكورة في الباب الأول ، ولا أوضح من دلالتها على المطلوب ، وقد شرط الله في القرآن التخلية بالتوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فقال : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) ، فلا يخلى من لم يقم الصلاة .
وفي صحيح مسلم « سيكون عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد برئ عنقه ، ومن كره فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع ، فقالوا : ألا نقاتلهم ؟ قال : لا ما صلوا » فجعل الصلاة هي المانعة من مقاتلة أمراء الجور . وكذلك قوله لخالد في الحديث السابق : ( لعله يصلي ) فجعل المانع من القتل نفس الصلاة . وحديث « لا يحل دم امرئ مسلم » لا يعارض مفهومه المنطوقات الصحيحة الصريحة . والمراد بقوله في حديث الباب : « بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة » كما قال النووي : إن الذي يمنع من كفره كونه لم يترك الصلاة ، فإن تركها لم يبق بينه وبين الكفر حائل .
وفي لفظ لمسلم : « بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة » ومن الأحاديث الدالة على الكفر حديث الربيع بن أنس عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : « من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارا » ذكره الحافظ في التلخيص . وقال : سئل الدارقطني عنه فقال : رواه أبو النضر عن أبي جعفر عن الربيع موصولا وخالفه علي بن الجعدي فرواه عن أبي جعفر عن الربيع مرسلا وهو أشبه بالصواب . وأخرجه البزار من حديث أبي الدرداء بدون قوله ( جهارا ) وأخرج ابن حبان في الضعفاء من حديث أبي هريرة مرفوعا « تارك الصلاة كافر » واستنكره . ورواه أبو نعيم من حديث أبي سعيد ، وفيه عطية وإسماعيل بن يحيى وهما ضعيفان . قال العراقي : لم يصح من أحاديث الباب إلا حديث جابر المذكور ، وحديث بريدة الذي سيأتي . وأخرج ابن ماجه من حديث أبي الدرداء قال « أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا تشرك بالله وإن قطعت وحرقت ، وأن لا تترك صلاة مكتوبة متعمدا ، فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة ، ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر » قال الحافظ : وفي إسناده ضعف . ورواه الحاكم في المستدرك ، ورواه أحمد والبيهقي من طريق أخرى وفيه انقطاع . ورواه الطبراني من حديث عبادة بن الصامت ، ومن حديث معاذ بن جبل وإسنادهما ضعيفان . وقال ابن الصلاح والنووي : إنه حديث منكر . واختلف القائلون بوجوب قتل تارك الصلاة ، فالجمهور أنه يضرب عنقه بالسيف - ص ٣٦٣ - وقيل : يضرب بالخشب حتى يموت . واختلفوا أيضا في وجوب الاستتابة ، فالهادوية توجبها وغيرهم لا يوجبها فإنه يقتل حدا ، ولا تسقط التوبة الحدود كالزاني والسارق .
وقيل : إنه يقتل لكفره ، فقد حكى جماعة الإجماع على كفره كالمرتد وهو الظاهر وقد أطال الكلام المحقق ابن القيم ذلك في كتابه في الصلاة . والفرق بينه وبين الزاني واضح ، فإن هذا يقتل لتركه الصلاة في الماضي وإصراره على تركها في المستقبل ، والترك في الماضي يتدارك بقضاء ما تركه بخلاف الزاني فإنه يقتل بجناية تقدمت لا سبيل إلى تركها واختلفوا هل يجب القتل لترك صلاة واحدة أو أكثر ، فالجمهور أنه يقتل لترك صلاة واحدة ، والأحاديث قاضية بذلك ، والتقييد بالزيادة على الواحدة لا دليل عليه .
قال أحمد بن حنبل : إذا دعي إلى الصلاة فامتنع وقال : لا أصلي حتى خرج وقتها وجب قتله ، وهكذا حكم تارك ما يتوقف صحة الصلاة عليه من وضوء أو غسل أو استقبال القبلة أو ستر عورة وكل ما كان ركنا وشرطا .
٤٠١ - ( وعن بريدة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر » رواه الخمسة ) . الحديث صححه النسائي العراقي ورواه ابن حبان والحاكم ، وهو يدل على أن تارك الصلاة يكفر ؛ لأن الترك الذي جعل الكفر معلقا به مطلق عن التقييد ، وهو يصدق بمرة لوجود ماهية الترك في ضمنها والخلاف في المسألة والتصريج بما هو الحق فيها قد تقدم في الذي قبله .
٤٠٢ - ( وعن عبد الله بن شقيق العقيلي قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا منخ الأعمال تركه كفر غير الصلاة رواه الترمذي ) . الحديث رواه الحاكم وصححه على شرطهما ، وذكره الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عنه والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة ؛ لأن قوله : " كان أصحاب رسول الله " جمع مضاف ، وهو من المشعرات بذلك .
٤٠٣ - ( وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه « ذكر الصلاة يوما - ص ٣٦٤ - فقال : من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف » رواه أحمد ) الحديث أخرجه أيضا الطبراني في الكبير والأوسط . وقال في مجمع الزوائد : رجال أحمد ثقات ، وفيه أنه لا انتفاع للمصلي بصلاته إلا إذا كان محافظا عليها ؛ لأنه إذا انتفى كونها نورا وبرهانا ونجاة مع عدم المحافظة انتهى نفعها . قوله : ( وكان يوم القيامة مع قارون ) إلخ يدل على أن تركها كفر متبالغ ؛ لأن هؤلاء المذكورين هم أشد أهل النار عذابا ، وعلى تخليد تاركها في النار كتخليد من جعل منهم في العذاب ، فيكون هذا الحديث مع صلاحيته للاحتجاج مخصصا لأحاديث خروج الموحدين ، وقد ورد من هذا الجنس شيء كثير في السنة ويمكن أن يقال مجرد المعية والمصاحبة لا يدل على الاستمرار والتأبيد لصدق المعنى اللغوي بلبثه معهم مدة ، لكن لا يخفى أن مقام المبالغة يأبى ذلك وسيأتي في الباب الثاني ما يعارضه .
"والله اعلم ، منقول"

تفسير سورة الحج آيات (٢٧-٢٨-٢٩)

في كلامة تعالى جل جلالة في سور الحج :
{ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)}.

••••••••••••••••••••••••
في تفسير الميسر .
وأعلِمْ- يا إبراهيم- الناس بوجوب الحج عليهم يأتوك على مختلف أحوالهم مشاةً وركبانًا على كل ضامر من الإبل، وهو:(الخفيف اللحم من السَّيْر والأعمال لا من الهُزال)، يأتين من كل طريق بعيد; ليحضروا منافع لهم من: مغفرة ذنوبهم، وثواب أداء نسكهم وطاعتهم، وتكَسُّبِهم في تجاراتهم، وغير ذلك؛ وليذكروا اسم الله على ذَبْح ما يتقربون به من الإبل والبقر والغنم في أيام معيَّنة هي: عاشر ذي الحجة وثلاثة أيام بعده; شكرًا لله على نعمه، وهم مأمورون أن يأكلوا مِن هذه الذبائح استحبابًا، ويُطعموا منها الفقير الذي اشتد فقره.
ثم ليكمل الحجاج ما بقي عليهم من النُّسُك، بإحلالهم وخروجهم من إحرامهم، وذلك بإزالة ما تراكم مِن وسخ في أبدانهم، وقص أظفارهم، وحلق شعرهم، وليوفوا بما أوجبوه على أنفسهم من الحج والعمرة والهدايا، وليطوفوا بالبيت العتيق القديم، الذي أعتقه الله مِن تسلُّط الجبارين عليه، وهو الكعبة.

في تفسير الجامع للأحكام القرآن للقرطبي
فيها سبع مسائل :
الأولى: قوله تعالى: { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ } قرأ جمهور الناس «وأذِّن» بتشديد الذال. وقرأ الحسن بن أبي الحسن وابن مُحَيْصِن «وآذن» بتخفيف الذال ومدّ الألف. ابن عطية: وتصحّف هذا عَلَى ابنِ جِنّي، فإنه حكى عنهما «وأذن» على أنه فعل ماض، وأعرب عَلَى ذلك بأن جعله عطفاً على «بوّأنا». والأذان الإعلام، وقد تقدّم في «براءة».

الثانية: لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، وقيل له: أذّن في الناس بالحج، قال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال: أذّن وعليّ الإبلاغ؛ فصعِد إبراهيم خليل الله جبل أبي قُبيس وصاح: يا أيها الناس! إن الله قد أمركم بحج هذا البيت ليثِيبكم به الجنة ويجيركم من عذاب النار، فحُجّوا؛ فأجابه من كان في أصلاب الرجال وأرحام النساء: لَبَّيْكَ اللَّهُمّ لَبَّيْك! فمن أجاب يومئذٍ حج على قدر الإجابة، إن أجاب مرّةً فمرّة، وإن أجاب مرتين فمرّتين؛ وجرت التلبية على ذلك؛ قاله ابن عباس وابن جبير. وروي عن أبي الطُّفيل قال: قال لي ابن عباس: أتدري ما كان أصل التلبية؟ قلت: لا! قال: لما أمِر إبراهيم عليه السلام أن يؤذّن في الناس بالحج خفضت الجبال رؤوسها ورُفعت له القرى؛ فنادى في الناس بالحج فأجابه كل شيء: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْك. وقيل: إن الخطاب لإبراهيم عليه السلام تمّ عند قوله «السجود»، ثم خاطب الله عز وجل محمداً عليه الصلاة والسلام فقال: «وأذّن في الناس بالحج»؛ أي أعلمهم أن عليهم الحج. وقول ثالث: إن الخطاب من قوله «أن لا تشرك» مخاطبة للنبيّ صلى الله عليه وسلم. وهذا قول أهل النظر؛ لأن القرآن أنزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فكل ما فيه من المخاطبة فهي له إلا أن يدل دليل قاطع على غير ذلك. وهاهنا دليل آخر يدل على أن المخاطبة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو «أن لا تشرك بي» بالتاء، وهذا مخاطبة لمشاهد، وإبراهيم عليه السلام غائب؛ فالمعنى على هذا: وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت فجعلنا لك الدلائل على توحيد الله تعالى وعلى أن إبراهيم كان يعبد الله وحده. وقرأ جمهور الناس «بالحج» بفتح الحاء. وقرأ ابن أبي إسحاق في كل القرآن بكسرها. وقيل: إن نداء إبراهيم من جملة ما أمِر به من شرائع الدين. والله أعلم.

الثالثة: قوله تعالى: { يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ } وعده إجابة الناس إلى حج البيت ما بين راجل وراكب، وإنما قال: «يأتوك» وإن كانوا يأتون الكعبة لأن المنادَى إبراهيم، فمن أتى الكعبة حاجاً فكأنما أتى إبراهيم؛ لأنه أجاب نداءه، وفيه تشريف إبراهيم. ابن عطية: «رجالاً» جمع راجل مثل تاجر وتجار، وصاحب وصحاب.

وقيل: الرجال جمع رَجْل، والرَّجْل جمع راجل؛ مثل تجار وتجر وتاجر، وصحاب وصحب وصاحب. وقد يقال في الجمع: رُجّال، بالتشديد؛ مثل كافر وكفار. وقرأ ابن أبي إسحاق وعكرمة «رُجَالا» بضم الراء وتخفيف الجيم، وهو قليل في أبنية الجمع، ورويت عن مجاهد. وقرأ مجاهد «رُجَالَى» على وزن فُعَالَى؛ فهو مثل كسالى. قال النحاس: في جمع راجل خمسة أوجه، رُجّال مثل رُكّاب، وهو الذي روى عن عكرمة، ورجال مثل قيام، ورَجْلة، ورَجْل، ورَجّالة. والذي روي عن مجاهد رُجَالاً غير معروف، والأشبه به أن يكون غير منون مثل كُسالى وسُكارى، ولو نُوِّن لكان على فُعالٍ، وفُعَالٌ في الجمع قليل. وقدّم الرجال على الرُّكبان في الذكر لزيادة تعبهم في المشي. { وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ } لأن معنى «ضامر» معنى ضوامر. قال الفراء: ويجوز «يأتي» على اللفظ. والضامر: البعير المهزول الذي أتعبه السفر؛ يقال: ضَمَرَ يَضْمُر ضُموراً؛ فوصفها الله تعالى بالمآل الذي انتهت عليه إلى مكة. وذكر سبب الضمور فقال: { يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ } أي أثّر فيها طول السفر. وردّ الضمير إلى الإبل تكرمة لها لقصدها الحج مع أربابها؛ كما قال:
{ وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً }

[العاديات: 1] في خيل الجهاد تكرمة لها حين سعت في سبيل الله.
الرابعة: قال بعضهم: إنما قال «رجالا» لأن الغالب خروج الرجال إلى الحج دون الإناث؛ فقوله: «رِجَالا» من قولك: هذا رجل؛ وهذا فيه بعد؛ لقوله: «وعلى كل ضامر» يعني الركبان، فدخل فيه الرجال والنساء. ولما قال تعالى: «رجالا» وبدأ بهم دل ذلك على أن حج الراجل أفضل من حج الراكب. قال ابن عباس: ما آسَى على شيء فاتني إلا أن لا أكون حججتُ ماشياً، فإني سمعت الله عز وجل يقول: «يأتوك رجالا» وقال ابن أبي نجِيح: حج إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ماشيين. وقرأ أصحاب ابن مسعود «يأتون» وهي قراءة ابن أبي عَبْلة والضحاك، والضمير للناس.

الخامسة: لا خلاف في جواز الركوب والمشي، واختلفوا في الأفضل منهما؛ فذهب مالك والشافعي في آخرِين إلى أن الركوب أفضل، اقتداء بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، ولكثرة النفقة ولتعظيم شعائر الحج بأهبة الركوب. وذهب غيرهم إلى أن المشي أفضل لما فيه من المشقّة على النفس، ولحديث أبي سعيد قال: حجّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة، وقال:

" ارْبطوا أوساطكم بأزُرِكم "
ومشَى خِلْط الهَرْولَة؛ خرّجه ابن ماجه في سننه. ولا خلاف في أن الركوب عند مالك في المناسك كلّها أفضل؛ للاقتداء بالنبيّ صلى الله عليه وسلم.
السادسة: استدلّ بعض العلماء بسقوط ذكر البحر من هذه الآية على أن فرض الحج بالبحر ساقط. قال مالك في المَوّازِيّة: لا أسمع للبحر ذكراً، وهذا تأنس، لا أنه يلزم من سقوط ذكره سقوط الفرض فيه؛ وذلك أن مكة ليست في ضِفّة بحر فيأتيها الناس في السفن، ولا بد لمن ركب البحر أن يصير في إتيان مكة إما راجلاً وإما على ضامر، فإنما ذكرت حالتا الوصول؛ وإسقاط فرض الحج بمجرد البحر ليس بالكثير ولا بالقويّ.

فأما إذا اقترن به عدوٌّ وخوفٌ أو هَوْل شديد أو مرض يلْحَق شخصاً، فمالكٌ والشافعيّ وجمهور الناس على سقوط الوجوب بهذه الأعذار، وأنه ليس بسبيل يستطاع. قال ابن عطية: وذكر صاحب الاستظهار في هذا المعنى كلاماً، ظاهره أن الوجوب لا يسقط بشيء من هذه الأعذار؛ وهذا ضعيف.

قلت: وأضعف من ضعيف، وقد مضى في «البقرة» بيانه. والفَجّ: الطريق الواسعة، والجمع فجاج. وقد مضى في «الأنبياء». والعميق معناه البعيد. وقراءة الجماعة «يأتِين». وقرأ أصحاب عبد الله «يأتون» وهذا للركبان و«يأتِين» للجمال؛ كأنه قال: وعلى إبل ضامرة يأتين { مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ } أي بعيد؛ ومنه بئر عميقة أي بعيدة القعر؛ ومنه:
وقاتِـم الأعْـمـاق خـاوِي المـخـتَـرق

السابعة: واختلفوا في الواصل إلى البيت، هل يرفع يديه عند رؤيته أم لا؛ فروى أبو داود قال: سئل جابر بن عبد الله عن الرجل يرى البيت ويرفع يديه فقال: ما كنت أرى أن أحداً يفعل هذا إلا اليهود، وقد حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نكن نفعله. وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" ترفع الأيدي في سبعة مواطن افتتاح الصلاة واستقبال البيت والصّفَا والْمَرْوَة والموقفين والجمرتين "
وإلى حديث ابن عباس هذا ذهب الثوريّ وابن المبارك وأحمد وإسحاق وضعفوا حديث جابر؛ لأن مهاجراً المكيّ راويه مجهول. وكان ابن عمر يرفع يديه عند رؤية البيت. وعن ابن عباس مثله؟.

قال فيها ثلاث وعشرين مسئلة :
الأولى: قوله تعالى: { لِّيَشْهَدُواْ } أي أذّن بالحج يأتوك رجالاً وركباناً ليشهدوا؛ أي ليحضروا. والشهود الحضور. { مَنَافِعَ لَهُمْ } أي المناسك؛ كعرفات والمَشْعَر الحرام. وقيل المغفرة. وقيل التجارة: وقيل هو عموم؛ أي ليحضروا منافع لهم، أي ما يرضي الله تعالى من أمر الدنيا والآخرة؛ قاله مجاهد وعطاء واختاره ابن العربي؛ فإنه يجمع ذلك كله من نسك وتجارة ومغفرة ومنفعة دنيا وأخرى. ولا خلاف في أن المراد بقوله:
{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ }

[البقرة: 198] التجارة.
الثانية: { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } قد مضى في «البقرة» الكلام في الأيام المعلومات والمعدودات. والمراد بذكر اسم الله ذكر التسمية عند الذبح والنحر؛ مثل قولك: باسم الله والله أكبر، اللهم منك ولك. ومثل قولك عند الذبح
{ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي }

[الأنعام: 162] الآية. وكان الكفار يذبحون على أسماء أصنامهم، فبيّن الرب أن الواجب الذبح على اسم الله؛ وقد مضى في «الأنعام».
الثالثة: واختلف العلماء في وقت الذبح يوم النحر؛ فقال مالك رضي الله عنه: بعد صلاة الإمام وذبحه؛ إلا أن يؤخر تأخيراً يتعدّى فيه فيسقط الاقتداء به. وراعى أبو حنيفة الفراغ من الصلاة دون ذبح. والشافعيّ دخول وقت الصلاة ومقدار ما توقع فيه مع الخطبتين؛ فاعتبر الوقت دون الصلاة. هذه رواية المُزَنِيّ عنه، وهو قول الطبريّ. وذكر الربيع عن البُوَيْطِيّ قال: قال الشافعيّ: ولا يذبح أحد حتى يذبح الإمام إلا أن يكون ممن لا يذبح، فإذا صلى وفرغ من الخطبة حلّ الذبح. وهذا كقول مالك. وقال أحمد: إذا انصرف الإِمام فاذبح. وهو قول إبراهيم. وأصح هذه الأقوال قول مالك؛ لحديث جابر بن عبد الله قال: صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة، فتقدّم رجال ونحروا وظنُّوا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد نحر، فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم من كان نحر أن يعيد بنحرٍ آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبيّ صلى الله عليه وسلم. خرجه مسلم والترمذيّ وقال: وفي الباب عن جابر وجُنْدَب وأنس وعُوَيْمر بن أشقر وابن عمر وأبي زيد الأنصاريّ، وهذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم ألا يضحَّى بالمصر حتى يضحّي الإمام. وقد احتج أبو حنيفة بحديث البَرَاء، وفيه: «ومن ذبح بعد الصلاة فقد تَمّ نُسُكُه وأصاب سنة المسلمين». خرجه مسلم أيضاً. فعلّق الذبح على الصلاة ولم يذكر الذبح، وحديث جابر يقيّده. وكذلك حديث البراء أيضاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا "
الحديث. وقال أبو عمر بن عبد البر: لا أعلم خلافاً بين العلماء في من ذبح قبل الصلاة وكان من أهل المصر أنه غير مُضَحٍّ؛ لقوله عليه السلام:
" من ذبح قبل الصلاة فتلك شاة لحمٍ ".
الرابعة: وأما أهل البوادي ومن لا إمام له فمشهور مذهب مالك يتحرّى وقت ذبح الإمام، أو أقرب الأئمة إليه. وقال ربيعة وعطاء فيمن لا إمام له: إن ذبح قبل طلوع الشمس لم يجزه، ويجزيه إن ذبح بعده. وقال أهل الرأي: يجزيهم من بعد الفجر. وهو قول ابن المبارك، ذكره عنه الترمذيّ. وتمسكوا بقوله تعالى: { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } ، فأضاف النحر إلى اليوم. وهل اليوم من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس، قولان. ولا خلاف أنه لا يجزي ذبح الأضحيّة قبل طلوع الفجر من يوم النحر.
الخامسة: واختلفوا كم أيام النحر؟ فقال مالك: ثلاثة، يوم النحر ويومان بعده. وبه قال أبو حنيفة والثوريّ وأحمد بن حنبل، وروي ذلك عن أبي هريرة وأنس بن مالك من غير اختلاف عنهما. وقال الشافعيّ: أربعة، يوم النحر وثلاثة بعده. وبه قال الأوزاعيّ، وروي ذلك عن عليّ رضي الله عنه وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، وروي عنهم أيضاً مثل قول مالك وأحمد. وقيل: هو يوم النحر خاصة وهو العاشر من ذي الحجة؛ وروي عن ابن سِيرين. وعن سعيد بن جُبير وجابر بن زيد أنهما قالا: النحر في الأمصار يوم واحد وفي منًى ثلاثة أيام. وعن الحسن البصريّ في ذلك ثلاث روايات: إحداها كما قال مالك، والثانية كما قال الشافعيّ، والثالثة إلى آخر يوم من ذي الحجة؛ فإذا أهل هلال المحرم فلا أَضْحَى.

قلت: وهو قول سليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ورويا حديثاً مرسلاً مرفوعاً خرجه الدّارَقُطْنِيّ: الضحايا إلى هلال ذي الحجة؛ ولم يصح، ودليلنا قوله تعالى: { فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } الآية، وهذا جمع قِلة؛ لكن المتيقن منه الثلاثة، وما بعد الثلاثة غير متيقن فلا يعمل به. قال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على أن يوم النحر يوم أضْحَى، وأجمعوا أن لا أضحى بعد انسلاخ ذي الحجة، ولا يصح عندي في هذا إلا قولان: أحدهما: قول مالك والكوفيين. والآخر: قول الشافعيّ والشاميين؛ وهذان القولان مرويان عن الصحابة فلا معنى للاشتغال بما خالفهما؛ لأن ما خالفهما لا أصل له في السنة ولا في قول الصحابة، وما خرج عن هذين فمتروك لهما. وقد روي عن قتادة قول سادس، وهو أن الأضحى يوم النحر وستة أيام بعده؛ وهذا أيضاً خارج عن قول الصحابة فلا معنى له.

السادسة: واختلفوا في ليالي النحر هل تدخل مع الأيام فيجوز فيها الذبح أوّلا؛ فروي عن مالك في المشهور أنها لا تدخل فلا يجوز الذبح بالليل.

وعليه جمهور أصحابه وأصحاب الرأي؛ لقوله تعالى: { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ } فذَكرَ الأيامَ، وذِكرُ الأيامِ دليل على أن الذبح في الليل لا يجوز. وقال أبو حنيفة والشافعيّ وأحمد وإسحاق وأبو ثور: الليالي داخلة في الأيام ويجزي الذبح فيها. وروي عن مالك وأشهب نحوه، ولأشهب تفريق بين الهَدْي والضحِية، فأجاز الهَدْيَ ليلاً ولم يُجِز الضحية ليلاً.

السابعة: قوله تعالى: { عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ } أي على ذبح ما رزقهم. { مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ } والأنعام هنا الإبل والبقر والغنم. وبهيمة الأنعام هي الأنعام؛ فهو كقولك صلاة الأولى، ومسجد الجامع.

الثامنة: { فَكُلُواْ مِنْهَا } أمرٌ معناه الندب عند الجمهور. ويستحب للرجل أن يأكل من هَدْيه وأضْحِيّته وأن يتصدق بالأكثر، مع تجويزهم الصدقة بالكل وأكل الكل. وشذّت طائفة فأوجبت الأكل والإطعام بظاهر الآية، ولقوله عليه السلام:

" فكلوا وادّخروا وتصدّقوا "
قال الكِيَا: قوله تعالى: { فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ } يدل على أنه لا يجوز بيع جميعه ولا التصدق بجميعه.
التاسعة: دماء الكفارات لا يأكل منها أصحابها. ومشهور مذهب مالك رضي الله عنه أنه لا يأكل من ثلاث: جزاء الصيد، ونذر المساكين وفِدْية الأذى، ويأكل مما سوى ذلك إذا بلغ مَحِلّه، واجباً كان أو تطوعاً. ووافقه على ذلك جماعة من السلف وفقهاء الأمصار.

العاشرة: فإن أكل مما منع منه فهل يَغْرَم قدر ما أكل أو يغرم هَدْياً كاملاً؛ قولان في مذهبنا، وبالأول قال ابن الماجِشون. قال ابن العربي: وهو الحق، لا شيء عليه غيره. وكذلك لو نذر هَدْياً للمساكين فيأكل منه بعد أن بلغ مَحِلّه لا يَغْرَم إلا ما أكل ـ خلافاً للمدوّنة ـ لأن النحر قد وقع، والتعدّي إنما هو على اللحم، فيغرم قدر ما تعدّى فيه.

قوله تعالى: { وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } يدل على وجوب إخراج النذر إن كان دَماً أو هَدْياً أو غيره، ويدل ذلك على أن النذر لا يجوز أن يأكل منه وفاء بالنذر، وكذلك جزاء الصيد وفِدية الأذى؛ لأن المطلوب أن يأتي به كاملا من غير نقص لحم ولا غيره، فإن أكل من ذلك كان عليه هَدْيٌ كامل. والله أعلم.

الحادية عشرة: هل يَغْرَم قيمة اللحم أو يغرم طعاماً؛ ففي كتاب محمد عن عبد الملك أنه يغرم طعاماً. والأول أصح؛ لأن الطعام إنما هو في مقابلة الهدْي كله عند تعذره عبادة، وليس حكم التعدي حكم العبادة.

الثانية عشرة: فإن عَطِب من هذا الهَدْي المضمونِ الذي هو جزاء الصيد وفِدية الأَذَى ونذر المساكين شيء قبل مَحِلّه أكل منه صاحبه وأطعم منه الأغنياء والفقراء ومن أحب، ولا يبيع من لحمه ولا جلده ولا من قلائده شيئاً. قال إسماعيل بن إسحاق: لأن الهدي المضمون إذا عَطِب قبل أن يبلغ مَحلّه كان عليه بدله، لذلك جاز أن يأكل منه صاحبه ويطعم.

فإذا عطِب الهدي التطوع قبل أن يبلغ محله لم يجز أن يأكل منه ولا يُطعِم؛ لأنه لما لم يكن عليه بدله خيف أن يفعل ذلك بالهَدْي وينحر من غير أن يعطَب، فاحتيط على الناس، وبذلك مضى العمل. وروى أبو داود

" عن ناجية الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهَدْي وقال: «إن عطِب منها شيء فانحره ثم اصبغ نعله في دمه ثم خلّ بينه وبين الناس» "
وبهذا الحديث قال مالك والشافعيّ في أحد قوليه، وأحمد وإسحاق وأبو ثَوْر وأصحاب الرأي ومن اتبعهم في الهدي التطوع: لا يأكل منها سائقها شيئاً، ويخلّي بينها وبين الناس يأكلونها. وفي صحيح مسلم:
" ولا تأكل منها ولا أحد من أهل رفقتك "
وبظاهر هذا النهي قال ابن عباس والشافعيّ في قوله الآخر، واختاره ابن المنذر، فقالا: لا يأكل منها سائقها ولا أحد من أهل رفقته. قال أبو عمر: قوله عليه السلام:
" ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك "
لا يوجد إلا في حديث ابن عباس. وليس ذلك في حديث هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية. وهو عندنا أصح من حديث ابن عباس، وعليه العمل عند الفقهاء. ويدخل في قوله عليه السلام: «خلّ بينها وبين الناس» أهلُ رفقته وغيرُهم. وقال الشافعيّ وأبو ثور: ما كان من الهَدْي أصله واجباً فلا يأكل منه، وما كان تطوعاً ونسكاً أكل منه وأهدى وادّخر وتصدّق. والمتعة والقِران عنده نسك. ونحوه مذهب الأوزاعيّ. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يأكل من هَدْي المتعة والتطوّع، ولا يأكل مما سوى ذلك مما وجب بحكم الإحرام. وحكي عن مالك: لا يأكل من دم الفساد. وعلى قياس هذا لا يأكل من دم الجبر؛ كقول الشافعيّ والأوزاعيّ. تمسّك مالك بأن جزاء الصيد جعله الله للمساكين بقوله تعالى:
{ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ }

[المائدة: 95]. وقال في فِدْية الأذَى:
{ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }

[البقرة: 196]. وقال صلى الله عليه وسلم لكعب بن عُجْرة:
" أطعم ستة مساكين مُدّيْن لكل مسكين أو صُمْ ثلاثة أيام أو انْسك شاة "
ونذر المساكين مصرّح به، وأما غير ذلك من الهدايا فهو باق على أصل قوله: { والبُدْنَ جعلناها لكم مِن شعائِرِ اللَّهِ ـ إلى قوله ـ فكلوا منها }. وقد: أكل النبّي صلى الله عليه وسلم وعلّي رضي الله عنه من الهدي الذي جاء به وشَرِبا من مَرَقه، وكان عليه السلام قارِناً في أصح الأقوال والروايات؛ فكان هديه على هذا واجباً، فما تعلق به أبو حنيفة غير صحيح. والله أعلم.
وإنما أذن الله سبحانه من الأكل من الهدايا لأجل أن العرب كانت لا ترى أن تأكل من نسكها، فأمر الله سبحانه وتعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم؛ فلا جَرَم كذلك شَرَع وبلّغ، وكذلك فعل حين أهدى وأحرم صلى الله عليه وسلم.

الثالثة عشرة: { فَكُلُواْ مِنْهَا } قال بعض العلماء: قوله تعالى: { فَكُلُواْ مِنْهَا } ناسخ لفعلهم؛ لأنهم كانوا يحرّمون لحوم الضحايا على أنفسهم ولا يأكلون منها ـ كما قلناه في الهدايا ـ فنسخ الله ذلك بقوله: «فكلوا مِنها»، وبقول النبيّ صلى الله عليه وسلم:

" من ضحّى فليأكل من أضحيّته "
ولأنه عليه السلام أكل من أضحيّته وهديه. وقال الزهريّ: من السنة أن تأكل أوّلاً من الكبِد.
الرابعة عشرة: ذهب أكثر العلماء إلى أنه يستحب أن يتصدّق بالثلث ويطعِم الثلث ويأكل هو وأهله الثلث. وقال ابن القاسم عن مالك: ليس عندنا في الضحايا قسم معلوم موصوف. قال مالك في حديثه: وبلغني عن ابن مسعود، وليس عليه العمل. روى الصحيح وأبو داود قال:

" ضحّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ثم قال: «يا ثَوْبان، أصلح لحم هذه الشاة»قال: فما زلت أطعمه منها حتى قدم المدينة "
وهذا نص في الغرض. واختلف قول الشافعيّ؛ فمرّة قال: يأكل النصف ويتصدّق بالنصف لقوله تعالى: { فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ } فذكر شخصين. وقال مرة: يأكل ثلثاً ويهدي ثلثاً ويطعم ثلثاً؛ لقوله تعالى:
{ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ }

[الحج: 36] فذكر ثلاثة.
الخامسة عشرة: المسافر يخاطب بالأضحيّة كما يخاطب بها الحاضر؛ إذ الأصل عموم الخطاب بها، وهو قول كافة العلماء. وخالف في ذلك أبو حنيفة والنَّخَعيّ، وروي عن عليّ؛ والحديث حجة عليهم. واستثنى مالكٌ من المسافرين الحاج بمنًى، فلم ير عليه أضحية؛ وبه قال النخعِيّ. وروي ذلك عن الخليفتين أبي بكر وعمر وجماعة من السلف رضي الله عنهم؛ لأن الحاج إنما هو مخاطب في الأصل بالهَدْي، فإذا أراد أن يضحي جعله هدياً، والناس غير الحاج إنما أمروا بالأضحية ليتشبهوا بأهل منًى فيحصل لهم حظ من أجرهم.

السادسة عشرة: اختلف العلماء في الادخار على أربعة أقوال. روي عن عليّ وابن عمر رضي الله عنهما من وجه صحيح أنه لا يدّخر من الضحايا بعد ثلاثٍ. وروياه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وسيأتي. وقالت جماعة: ما روي من النهي عن الادخار منسوخ؛ فيدّخر إلى أي وقت أحبّ. وبه قال أبو سعيد الخُدْري وبُريدة الأسلمي. وقالت فرقة: يجوز الأكل منها مطلقاً. وقالت طائفة: إن كانت بالناس حاجة إليها فلا يدّخر؛ لأن النهي إنما كان لعلة وهي قوله عليه السلام:

" إنما نهيتكم من أجل الدّافة التي دفّت "
ولما ارتفعت ارتفع المنع المتقدّم لارتفاع موجِبه، لا لأنه منسوخ. وتنشأ هنا مسألة أصولية وهي:
السابعة عشرة: وهي الفرق بين رفع الحكم بالنسخ ورفعه لارتفاع علّته.

اعلم أن المرفوع بالنسخ لا يُحكم به أبداً، والمرفوع لارتفاع علّته يعود الحكم لعَوْد العلة؛ فلو قدم على أهل بلدة ناس محتاجون في زمان الأَضْحى؛ ولم يكن عند أهل ذلك البلد سَعة يسدّون بها فاقتهم إلا الضحايا لتعيّن عليهم ألا يدّخروها فوق ثلاث كما فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم.

الثامنة عشرة: الأحاديث الواردة في هذا الباب بالمنع والإباحة صحاح ثابتة. وقد جاء المنع والإباحة معاً؛ كما هو منصوص في حديث عائشة وسَلَمة بن الأكْوَع وأبي سعيد الخُدْريّ رواها الصحيح. وروى الصحيح عن أبي عبيد مَوْلَى ابن أزهر أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب قال: ثم صليت العيد مع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه؛ قال: فصلّى لنا قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث ليالٍ فلا تأكلوها. وروي عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث. قال سالم: فكان ابن عمر لا يأكل لحوم الأضاحي فوث ثلاث. وروى أبو داود عن نُبيشة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" إنا كنا نهيناكم عن لحومها فوق ثلاث لكي تَسَعكم جاء الله بالسَّعة فكلوا وادّخروا وأْتَجِروا ألا وإن هذه الأيام أيامُ أكل وشرب وذكرٍ لله عز وجل "
قال أبو جعفر النحاس: وهذا القول أحسن ما قيل في هذا حتى تتفق الأحاديث ولا تتضادّ، ويكون قول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وعثمانُ محصور؛ لأن الناس كانوا في شدّة محتاجين، ففعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمت الدافّة. والدليل على هذا ما حدّثنا إبراهيم بن شريك قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ليث قال: حدّثني الحارث بن يعقوب
" عن يزيد بن أبي يزيد عن امرأته أنها سألت عائشة رضي الله عنها عن لحوم الأضاحي فقالت: قدم علينا عليّ بن أبي طالب من سفر فقدّمنا إليه منه، فأبى أن يأكل حتى يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال: «كُلْ من ذي الحجة إلى ذي الحجة» "
وقال الشافعيّ: من قال بالنهي عن الادّخار بعد ثلاث لم يسمع الرخصة. ومن قال بالرخصة مطلقاً لم يسمع النهي عن الادّخار. ومن قال بالنهي والرخصة سمعهما جميعاً فعمِل بمقتضاهما. والله أعلم. وسيأتي في سورة «الكوثر» الاختلافُ في وجوب الأضحيّة وندبيّتها وأنها ناسخة لكل ذبح تقدّم، إن شاء الله تعالى.
التاسعة عشرة: قوله تعالى: { وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ } «الفقِير» من صفة البائس، وهو الذي ناله البؤس وشدّة الفقر؛ يقال: بَئس يبأس بأساً إذا افتقر؛ فهو بائس.

وقد يستعمل فيمن نزلت به نازلةُ دهرٍ وإن لم يكن فقيراً؛ ومنه قوله عليه السلام:

" لكن البائس سعد بن خَوْلة "
ويقال: رجل بَئيسٌ أي شديد. وقد بَأُسَ يبْؤس بأساً إذا اشتدّ؛ ومنه قوله تعالى:
{ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ }

[الأعراف: 165] أي شديد. وكلما كان التصدق بلحم الأضحيّة أكثر كان الأجر أوْفر. وفي القدر الذي يجوز أكله خلاف قد ذكرناه؛ فقيل النصف؛ لقوله: «فكُلُوا، وأطعِموا» وقيل الثلثان؛ لقوله: «ألاَ فكُلُوا وادّخروا وأْتَجِروا» أي اطلبوا الأجر بالإطعام. واختلف في الأكل والإطعام؛ فقيل واجبان. وقيل مستحبان. وقيل بالفرق بين الأكل والإطعام؛ فالأكل مستحب والإطعام واجب؛ وهو قول الشافعيّ.
الموفية عشرين: قوله تعالى: { ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ } أي ثم ليقضوا بعد نحر الضحايا والهدايا ما بقي عليهم من أمر الحج؛ كالحَلْق ورَمْي الجمار وإزالة شَعث ونحوه. قال ابن عرفة: أي ليزيلوا عنهم أدرانهم. وقال الأزهريّ: التَّفَث الأخذ من الشارب وقص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة؛ وهذا عند الخروج من الإِحرام. وقال النضر بن شُميل: التفث في كلام العرب إذهاب الشَّعَث، وسمعت الأزهري يقول: التفث في كلام العرب لا يعرف إلا من قول ابن عباس وأهل التفسير. وقال الحسن: هو إزالة قشف الإحرام. وقيل: التفث مناسك الحج كلّها؛ رواه ابن عمر وابن عباس. قال ابن العربيّ: لو صح عنهما لكان حجة لشرف الصحبة والإِحاطة باللغة، قال: وهذه اللفظة غريبة لم يجد أهل العربية فيها شعراً ولا أحاطوا بها خبراً؛ لكني تتبعت التفث لغةً فرأيت أبا عبيدة مَعْمر بن المُثَنَّى قال: إنه قص الأظفار وأخذ الشارب وكل ما يَحْرُم على المحرِم إلا النكاح. قال: ولم يجىء فيه شعر يُحتج به. وقال صاحب العين: التفث هو الرمي والحلق والتقصير والذبح وقص الأظفار والشارب والإِبط. وذكر الزجاج والفرّاء نحوه، ولا أراه أخذوه إلا من قول العلماء. وقال قُطْرُب: تفثَ الرجل إذا كثر وسخه. قال أميّة بن أبي الصَّلْت:
حَفُّوا رؤوسهمُ لم يحلِقوا تَفَثاً ولم يَسُلُّوا لهم قَمْلاً وصِئبانا

وما أشار إليه قُطْرب هو الذي قاله ابن وهب عن مالك، وهو الصحيح في التفث. وهذه صورة إلقاء التفث لغة، وأما حقيقته الشرعية فإذا نحر الحاج أو المُعْتَمِر هَدْيه وحلق رأسه وأزال وسخه وتطهر وتنقَّى ولبس فقد أزال تفثه ووفَّى نذره؛ والنذر ما لزم الإنسان والتزمه.
قلت: ما حكاه عن قُطْرب وذكر من الشعر قد ذكره في تفسيره الماورديّ، وذكر بيتاً آخر فقال:
قَضَوْا تَفَثاً ونَحْباً ثم ساروا إلى نَجْدٍ وما انتظروا علِيّا

وقال الثعلبيّ: وأصل التفث في اللغة الوسخ؛ تقول العرب للرجل تستقذره: ما أتفثك؛ أي ما أوسخك وأقذرك. قال أمية بن أبي الصلت:
ساخّين آباطهم لم يقذفوا تفثاً وينزعوا عنهمُ قَمْلاً وصِئبانا

الماورديّ: قيل لبعض الصلحاء ما المعنِيّ في شعث المحرِم؟ قال: ليشهد الله تعالى منك الإعراض عن العناية بنفسك فيعلم صدقك في بذلها لطاعته.
الحادية والعشرون: { وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } أمِروا بوفاء النذر مطلقاً إلا ما كان معصية؛ لقوله عليه السلام:

" لا وفاء لنذر في معصية الله "
، وقوله:
" من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه "
{ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } الطواف المذكور في هذه الآية هو طواف الإفاضة الذي هو من واجبات الحج. قال الطبريّ: لا خلاف بين المتأوّلين في ذلك.
الثانية والعشرون: للحج ثلاثة أطواف: طواف القُدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوَداع. قال إسماعيل بن إسحاق: طواف القدوم سُنّة، وهو ساقط عن المراهق وعن المكيّ وعن كل من يُحرِم بالحج من مكة. قال: والطواف الواجب الذي لا يسقط بوجه من الوجوه، وهو طواف الإفاضة الذي يكون بعد عَرَفة؛ قال الله تعالى: { ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ }. قال: فهذا هو الطواف المفترض في كتاب الله عز وجل، وهو الذي يحل به الحاج من إحرامه كله. قال الحافظ أبو عمر: ما ذكره إسماعيل في طواف الإفاضة هو قول مالك عند أهل المدينة، وهي رواية ابن وهب وابن نافع وأشهب عنه. وهو قول جمهور أهل العلم من فقهاء أهل الحجاز والعراق. وقد روى ابن القاسم وابن عبد الحكم عن مالك أن طواف القدوم واجب. وقال ابن القاسم في غير موضع من المدوّنة ورواه أيضاً عن مالك: الطواف الواجب طواف القادم مكة. وقال: من نسي الطواف في حين دخوله مكة أو نسي شوطاً منه، أو نسي السّعْي أو شوطاً منه حتى رجع إلى بلده ثم ذكره، فإن لم يكن أصاب النساء رجع إلى مكة حتى يطوف بالبيت ويركع ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يُهْدِي. وإن أصاب النساء رجع فطاف وسَعَى، ثم اعتمر وأهدى. وهذا كقوله فيمن نسي طواف الإفاضة سواء. فعلى هذه الرواية الطوافان جميعاً واجبان، والسّعْيُ أيضاً. وأما طواف الصَّدَر وهو المسمى بطواف الوداع فروى ابن القاسم وغيره عن مالك فيمن طاف طواف الإفاضة على غير وضوء: أنه يرجع من بلده فيفيض إلا أن يكون تطوّع بعد ذلك. وهذا مما أجمع عليه مالك وأصحابه، وأنه يجزيه تطوعه عن الواجب المفترض عليه من طوافه. وكذلك أجمعوا أن من فعل في حجه شيئاً تطوّع به من عمل الحج، وذلك الشيء واجب في الحج قد جاز وقته، فإن تطوُّعَه ذلك يصير للواجب لا للتطوع؛ بخلاف الصلاة. فإذا كان التطوّع ينوب عن الفرض في الحج كان الطواف لدخول مكة أحْرَى أن ينوب عن طواف الإفاضة، إلا ما كان من الطواف بعد رَمْي جمرة العَقَبة يوم النحر أو بعده للوداع. ورواية ابن عبد الحكم عن مالك بخلاف ذلك؛ لأن فيها أن طواف الدخول مع السعي ينوب عن طواف الإفاضة لمن رجع إلى بلده مع الهَدْي، كما ينوب طواف الإفاضة مع السعي لمن لم يَطُف ولم يَسْعَ حين دخوله مكة مع الهدي أيضاً عن طواف القدوم.

ومن قال هذا قال: إنما قيل لطواف الدخول واجب ولطواف الإفاضة واجب لأن بعضهما ينوب عن بعض، ولأنه قد روي عن مالك أنه يرجع من نسي أحدهما من بلده على ما ذكرنا، ولأن الله عز وجل لم يفترض على الحاج إلا طوافاً واحداً بقوله: { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ } ، وقال في سياق الآية: { وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } والواو عندهم في هذه الآية وغيرها لا توجب رتبة إلا بتوقيف. وأسند الطبريّ عن عمرو بن أبي سلمة قال: سألت زهيراً عن قوله تعالى: { وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } فقال: هو طواف الوداع. وهذا يدل على أنه واجب، وهو أحد قولي الشافعيّ؛ لأنه عليه السلام رخصّ للحائض أن تَنْفِر دون أن تطوفه، ولا يرخَّص إلا في الواجب.

الثالثة والعشرون: اختلف المتأوّلون في وجه صفة البيت بالعتيق؛ فقال مجاهد والحسن: العتيق القديم. يقال: سيف عتيق، وقد عَتُق أي قَدُم؛ وهذا قول يَعْضُده النظر. وفي الصحيح:

" أنه أوّل مسجد وُضع في الأرض "
وقيل عتيقاً لأن الله أعتقه من أن يتسلّط عليه جبار بالهوان إلى انقضاء الزمان؛ قال معناه ابن الزبير ومجاهد. وفي الترمذيّ عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنما سُمِّيَ البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار "
قال: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً. فإن ذكر ذاكر الحجّاجَ بن يوسف ونَصبه المَنْجَنِيق على الكعبة حتى كسرها. قيل له: إنما أعتقها عن كفار الجبابرة؛ لأنهم إذا أتَوْا بأنفسهم متمردين ولحرمة البيت غير معتقدين، وقصدوا الكعبة بالسوء فعُصِمت منهم ولم تنلها أيديهم، كان ذلك دلالة على أن الله عز وجل صرفهم عنها قسراً. فأما المسلمون الذين اعتقدوا حرمتها فإنهم إن كَفُّوا عنها لم يكن في ذلك من الدلالة على منزلتها عند الله مثل ما يكون منها في كف الأعداء؛ فقصر الله تعالى هذه الطائفة عن الكف بالنهي والوعيد، ولم يتجاوزه إلى الصرف بالإلجاء والاضطرار، وجعل الساعة موعدهم، والساعة أدْهَى وأَمَرّ. وقالت طائفة: سُمِّيَ عتيقاً لأنه لم يُمْلَك موضعه قطّ. وقالت فرقة: سمي عتيقاً لأن الله عز وجل يعتق فيه رقاب المذنبين من العذاب. وقيل: سمي عتيقاً لأنه أعتِق من غرق الطوفان؛ قاله ابن جُبير. وقيل: العتيق الكريم. والعتق الكرم. قال طَرفَة يصف أذن الفرس:
مُؤَلَّلَتان تَعْرِف العِتْقَ فيهما كسامِعَتَيْ مذعورة وسط رَبْرَبِ

وعِتْقُ الرقيقِ: الخروج من ذُلِّ الرق إلى كرم الحرية. ويحتمل أن يكون العتيق صفة مدح تقتضي جودة الشيء؛ كما قال عمر: حملت على فرس عتيق؛ الحديث. والقول الأول أصح للنظر والحديث الصحيح. قال مجاهد: خلق الله البيت قبل الأرض بألفي عام، وسمي عتيقاً لهذا؛ والله أعلم.

في تفسير السعدي :
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) أي: أعلمهم به، وادعهم إليه، وبلغ دانيهم وقاصيهم، فرضه وفضيلته، فإنك إذا دعوتهم، أتوك حجاجا وعمارا، رجالا أي: مشاة على أرجلهم من الشوق، (وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ) أي: ناقة ضامر، تقطع المهامه والمفاوز، وتواصل السير، حتى تأتي إلى أشرف الأماكن، (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) أي: من كل بلد بعيد، وقد فعل الخليل عليه السلام، ثم من بعده ابنه محمد صلى الله عليه وسلم، فدعيا الناس إلى حج هذا البيت، وأبديا في ذلك وأعادا، وقد حصل ما وعد الله به، أتاه الناس رجالا وركبانا من مشارق الأرض ومغاربها، ثم ذكر فوائد زيارة بيت الله الحرام، مرغبا فيه فقال: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) أي: لينالوا ببيت الله منافع دينية، من العبادات الفاضلة، والعبادات التي لا تكون إلا فيه، ومنافع دنيوية، من التكسب، وحصول الأرباح الدنيوية، وكل هذا أمر مشاهد كل يعرفه، (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ) وهذا من المنافع الدينية والدنيوية، أي: ليذكروا اسم الله عند ذبح الهدايا، شكرا لله على ما رزقهم منها، ويسرها لهم، فإذا ذبحتموها (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) أي: شديد الفقر ، (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) أي: يقضوا نسكهم، ويزيلوا الوسخ والأذى، الذي لحقهم في حال الإحرام، (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) التي أوجبوها على أنفسهم، من الحج، والعمرة والهدايا، (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي: القديم، أفضل المساجد على الإطلاق، المعتق: من تسلط الجبابرة عليه. وهذا أمر بالطواف، خصوصا بعد الأمر بالمناسك عموما، لفضله، وشرفه، ولكونه المقصود، وما قبله وسائل إليه.
ولعله -والله أعلم أيضا- لفائدة أخرى، وهو: أن الطواف مشروع كل وقت، وسواء كان تابعا لنسك، أم مستقلا بنفسه.