السبت، 8 مارس 2014

نبي الله دانيال عليه السلام


دانيال نبي من أنبياء بني إسرائيل ، لـه سفر باسمه في كتاب أهل الكتاب يتميز عن أكثر الأسفار بأمور ، وإن كان يشاركها في المشكلة العامة وهي وقوع التحريف أو التعديل ، ومن ميزاته :- 

1- وضوح عقيدة التوحيد فهو يسمي الله تعالى بإله السموات خلافاً لتك الأسفار التي تسميه رب القوات (وهي تسمية يهودية تكشف عن النظرة اليهودية لله وللناس). وهو يصف الله بما لا نظير لـه في غيره ، فهو الحي القيوم الذي لـه الحكمة والجبروت والعلم والتدبير والقدرة ، وأنه رب الملوك وكاشف الأسرار والمستحق وحده للسجود والعبادة ، وأن السحر والكهانة والتنجيم باطل...الخ. 

2- تطابق ما فيه من النبوءات مع الواقع المعلوم بالتواتر من أحداث التاريخ بحيث لا يشك فيها إلا مغرض. 

3- اشتماله على بشارات صريحة بختم النبوة وظهور الرسالة الأبدية. 

4- اشتمال نبوءته على أرقام محددة ظلت مدار بحث وجدل طوال التاريخ. 

أما دانيال نفسه فهو أشبه الأنبياء بيوسف u ، إذ هو غريب مضطهد لكن الله يرفعه بالعلم وتعبير الرؤيا لدى الملك ، وهو داعية توحيد لا تثنيه الفتن عن ذلك. 

ولـه في الإسلام حادثة مشهورة رواها ابن إسحاق وابن أبي شيبة والبيهقي وابن أبي الدنيا وغيرهم ، عن التابعين الذين شهدوا فتح "تستر" ومنهم أبو العالية ومطرف بن مالك، وفيها مما يهم موضوعنا هنا أن الجيش الإسلامي الفاتح وجدوا " دانيال وهو ميت على سرير لم يتغير منه شيء إلا شعيرات من قفاه ، وعند رأسه مصحف فأخذوا المصحف فحملوه إلى عمر t فدعا لـه كعب الأحبار فنسخه بالعربية ((قال أبو العالية فأنا أول رجل قرأه -قال الراوي عنه- : فقلت لأبي العالية : ما كان فيه ؟ قال : سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم وما هو كائنٌ بعدُ ))([1])!!. 

فالنص إذن مترجم إلى العربية ، وعلى يد الماهر الخبير كعب الأحبار ، وقرأه من قرأه فلا يستبعد أن يكون علماء الإسلام المؤلفون في البشارة بمحمد e من الكتب السابقة " كابن قتيبة وابن ظفر " قد اطلعوا عليه ، وإن لم يكن الأمر كذلك وكان مصدرهم نسخ التوراة في عصرهم فهو أبلغ وأقوى . فهم غير متهمين في نقلهم وأهل الكتاب المعاصرون لهم لم يكذِّبوهم فيه !! 

بل قال ابن قتيبة كما نقل عنه شيخ الإسلام في الجواب الصحيح : 

((وهذه البشارة الآن عند اليهود والنصارى يقرأونها ويقولون لم يظهر صاحبها بعد)). 

ومع ذلك فنحن هنا لن نعتمد على ما ننقله عن العلماء المسلمين بل على ما هو موجود بين أيدي أهل الكتاب اليوم. 

نبوءة دانيال العظمى : 

رأى الملك نبوخذ نصر (أو بختنصر) رؤيا أزعجته استدعى السحرة والعرافين لبيانها وتأويلها فعجزوا كلهم ، ولكن دانيال تضرع إلى الله تعالى فألهمه الرؤيا وتفسيرها ، ولما دخل على الملك قال له : 

((السر الذي طلبه الملك لا تقدر الحكماء ولا السحرة ولا المجوس ولا المنجمون أن يبينوه للملك ، لكن يوجد إله في السموات كاشف الأسرار وقد عرَّف [الإلـهُ] الملكَ ما يكون في الأيام الأخيرة)). 

وشرح ذلك قائلاً : 

((أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم . هذا التمثال العظيم البهي جداً وقف قبالتك ومنظره هائل . رأس هذا التمثال من ذهب جيد. صدره وذراعاه من فضة . بطنه وفخذاه من نحاس . ساقاه من حديد . قدماه بعضها من حديد والبعض من خزف . كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما . فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان . أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها . هذا هو الحلم . فنخبر بتعبيره قدام الملك :- 

أنت أيها الملك ملك ملوك لأن إله السموات أعطاك مملكة واقتداراً وسلطاناً وفخراً. وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلطك عليها جميعها. فأنت هذا الرأس من ذهب . وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل الأرض . وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لأن الحديد يدك ويسحق كل شيء وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء . وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف الفخار والبعض من حديد فالمملكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة الحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين . وأصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف فبعض المملكة يكون قوياً والبعض قصماً . وبما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس ولكن لا يتلاصق هذا بذاك كما أن الحديد لا يختلط بالخزف . وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إلـه السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد . لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب. 

الله العظيم قد عرّف الملكَ ما سيأتي بعد هذا . الحلم حق وتعبيره يقين. 

حينئذ خر نبوخذ نصر على وجهه وسجد لدانيال وأمر بأن يقدموا لـه تقدمة وروائح سرور. فأجاب الملك دانيال وقال . حقاً إن إلهكم إله الآلهة ورب الملوك وكاشف الأسرار إذ استطعت على كشف هذا السر)). 

(2 : 21 – 48) 

هذا نص الرؤيا التي توصف دائماً بأنها أشهر وأصدق الرؤى الكتابية التاريخية ، وتأويلها لا يحتاج إلى ذكاء ولا يصح فيه الخلاف لأن النبي نفسه قد أوّلها ، ولكن أهل الكتاب تعمدوا التلبيس وافتعلوا الاختلاف حسداً من عند أنفسهم من بعدما تبين لهم الحق، فقد أقروا بهذه الرؤيا وتأويلها قروناً ، دون أن يدخلهم ريب في أنها على ظاهرها، وأن المملكة الأولى (الرأس الذهبي) هي مملكة بابل ، وأن المملكة الثانية (الصدر الفضي) هي مملكة فارس ، التي قامت بعد بابل وسيطرت على العراق وبلاد الشام ومصر ، وأن المملكة الثالثة (الفخذ من النحاس) هي مملكة اليونان الذين اجتاحوا مملكة الفرس بقيادة الإسكندر المقدوني سنة 333 ق.م ، وأن المملكة الرابعة (الرجلين من حديد ثم حديد وخزف) هي الإمبراطورية الرومانية التي انقسمت إلى شرقية عاصمتها "بيزنطة = القسطنطينية" وغربية عاصمتها "روما". 

لم يكن أحد من أهل الكتاب يشك في هذا إطلاقاً ، بل كانوا جميعاً -لشدة إيمانهم به-ينتظرون المملكة الخامسة (مملكة الله) التي تدمر ممالك الشرك والكفر والظلم ، لاسيما المملكة الرابعة التي اضطهدتهم فهي التي أذاقت اليهود الخسف والهوان ودمرت القدس سنة 70 م ، ونصبت الأصنام في المسجد كما اشتهر عدد من أباطرتها بتعذيب النصارى بألوان من البشاعة والفظاعة قل نظيرها في التاريخ ، وليس "نيرون" الطاغية المشهور إلا واحداً منهم ، وظلوا مضطهدين لهم ثلاثة قرون حتى دخل قسطنطين في النصرانية المحرفة ، واستمر الاضطهاد لليهود والموحدين من النصارى وسائر الفرق المخالفة. 





الممالك الخمس الواردة في نبوءة دانيال التي عبر فيها رؤيا بختنصر 

وقد ذكرنا ما قبلها للإيضاح([2]) 

موقعها من الرؤيا أهم ملوكها الدولة 

قبل دانيال u 
داود u حكم من 1013-973 ق.م . 

سليمان u حكم 973- 933 ق . م . 

ثم انقسمت مملة بني إسرائيل إلى مملكة يهوذا وإسرائيل . 
الدولة الإسلامية التي حكمت بكتاب الله ((التوراة)) 


سرجون الثاني حكم 772 – 705 ق . م . 

أخضع الأراضي المقدسة لحكم الآشوريين . 
مملكة الآشوريين (بابل) 

المملكة الأولى في الرؤيا (الرأس الذهبي) 
بختنصر حكم من 630 – 562 ق . م . 

دمر القدس وأخذ الإسرائيليين أسرى إلى بابل وعاصره دانيال وعبر رؤياه المشهورة . 
مملكة الكلدان (بابل) 

المملكة الثانية (الصدر الفضي) 
قورش الذي قضى على الكلدان 

حكم من (550-529) ق.م. 
مملكة القدس 

المملكة الثالثة (الفخذ النحاسي) 
الإسكندر الكبير الثالث 

حكم (336 – 323) ق.م واستولى على الأراضي المقدسة (333) ق.م . 
مملكة اليونان 

المملكة الرابعة (الساقان الحديديان والأقدام من خزف وحديد) 
1- الإمبراطور أغسطين مؤسس النظام الإمبراطوري الذي في أيامه ولد المسيح u . 

2- دقليديانوس الذي قسم الإمبراطورية دولتين شرقية وغربية لكل منهما قيصر مستقل . حكم من 248-305 م. 

3- قسطنطين الأول مؤسس القسطنطينية ومعتنق النصرانية توفي سنة 327 م بعد مجمع نيقية بسنتين. 

4- هرقل حكم سنة 610 م وفتح المسلمون الأراضي المقدسة في عهده وودعها إلى الأبد. 
مملكة الروم 


في ذلك الجو القاتم من الاضطهاد كان أهل الكتاب ينتظرون المملكة الخامسة بفارغ الصبر، وكانوا يعلمون يقيناً أنها ستقوم على يد نبي آخر الزمان ، المسمى عندهم "أركون السلام" ، الذي على كتفه خاتم النبوة ، والذي بشر به الأنبياء كلهم ، حتى أن المهتدين من علمائهم جمعوا من سفر أشعياء وحده ثلاثين بشرى به([3]) وكانوا يعرفون زمن بعثته بكثير من الدلائل النصية . والعلامات الكونية ، ويترقبون تلك الدلائل العلامات حتى جاء اليوم الذي قال فيه الإمبراطور المتعبد العالم بدينهم "هرقل" : ((قد ظهر ملك أمة الختان)) وأيقن بذلك وشهد وهو زعيم الكفر الكتابي لزعيم الكفر الأمي –أبي سفيان– ((بأن ملكه سيبلغ موضع قدميَّ)) كما ثبت في الحديث الصحيح المشهور. 

وفعلاً قامت المملكة الربانية الخامسة وملكت موضع قدمي هرقل وغادر الشام وهو يقول : ((سلام عليكِ يا سورية ، سلام لا لقاء بعده)) !! 

قامت فسحقت ممالك الوثنية وسيطرت على معظم المعمورة بالعدل والسلام وكانت مساحتها تزيد على مساحة القمر ودخل تحت لوائها من كل شعوب الأرض طوائف عظيمة وهنا فقط تفرق أهل الكتاب واختلفوا !! 

) وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينةْ( 

) وءاتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ( !! 

فمنهم –وهم كثير جداً– من آمن واهتدى ، ومنهم من كفر وذهبوا في كفرهم شيعاً لا حصر لها ولا يزالون يتكاثرون وينقسمون كما تتكاثر الجراثيم !! 

ويهمنا هنا الإشارة إلى اختلافهم بشأن رؤيا دانيال الواضحة :- 

لقد انقلبوا على أعقابهم !فبعد أن كانوا لا يختلفون أبداً في تأويل المملكة الرابعة (مملكة الروم) نراهم يتعسفون تأويلها ، ويتعمدون تأجيلها أو تحويلها ، أو على الأقل التعتيم عليها ،كل ذلك تخلصاً وهروباً من الإقرار بالمملكة الأخيرة ، على ما سبق إيضاحه في الفصل السابق. 

وبلغ الأمر ذروته وعنفوانه في الحركة الأصولية " الصهيونية النصرانية ". 

وقبل أن نعرض تأويلهم ومدى صحته نذكِّر بأن الرؤيا رسمت صورة بليغة لممالك الكفر التي تعبد الأصنام المنحوتة من دون الله تعالى ، إن هذه الممالك هي بذاتها صنم لـه رأس وصدر وفخذ ورجلان وأصابع ، صنم يجسد الوثنيات كلها لكي تتضح في المقابل صورة الجبل الذي ينتصب مكان الصنم. 

رمز في منتهى البساطة وصورة في غاية الوضوح ، وما فعله هؤلاء هو تشويه هائل لا يتسق مع الصورة بحال . 

فهم -لكي يجعلوا الجبل هو الألفية عند نـزول المسيح الثاني كما يعتقد النصارى أو مملكة داود العظمى التي يرأسها المسيح اليهودي كما يعتقد اليهود– قالوا : إن هناك فجوة في نبوءة دانيال ، وجعلوها بين الساقين والقدمين !!! ومن المعلوم أن طول المسافة الزمنية بين رأس التمثال وساقيه أي بين مملكتي بابل والروم [من وفاة بختنصر إلى استيلاء تيطس على القدس] هو ستة قرون تقريباً لا أكثر. 

وهذه الفجوة التي يفتعلونها بين الساق والقدم طولها ألفا سنة !! 

والمصيبة أنها ستظل تطول حتى قيام الساعة فلنتخيل هذا التمثال الغريب الذي تطول الفجوة بين أعلاه وأسفله كل يوم !! 

إنها صورة لا يصدقها العقل فضلاً عن أن يقبلها فنان أو يستحسنها ناظر. 

وقد عرفنا لماذا افتعلوا هذه الفجوة فالسؤال إذن بماذا سدوا الفجوة ؟ 

لقد انتـزعوا " قطع غيار " شاذة من تمثال آخر وأرادوا إلحامها بالتمثال !! 

إن هذا التـزوير لم ينجح ولكنه بلا ريب ألقى ظلالاً من الضباب حول الرمز لابد من تجليته. 

وجد هؤلاء أن لدانيال رؤيا أخرى – أو بالأصح في سفره رؤيا أخرى في الفصل السابع هي رؤيا الحيوانات الأربعة ، فسرقوا الحيوان الرابع وركبوه في التمثال ، مما يذكرنا بأكذوبة "بلتداون " التي ارتكبها بعض الداروينيين حين أراد سد الحلقة المفقودة في سلسلة التطور فركّب جمجمة من أعضاء إنسان وأعضاء قرد !! 

والفرق أن الغش في الدين أعظم منه في أي شيء آخر !! 

تقول الرؤيا الأخيرة : إن دانيال رأى أنه صعد من البحر المحيط أربعة حيوانات عظيمة مختلفة : الأول كالأسد ولـه جناحا نسر... والثاني كالدب وفي فمه ثلاثة أضلع، والثالث مثل النمر وله أربعة أجنحة وأربعة رؤوس ، والرابع حيوان هائل قوي لـه أسنان من حديد أكل وداس بقية الحيوانات برجليه ، وله عشرة قرون طلع بينها قرن صغير قلعت من قدامه ثلاثة قرون ، وظهر لهذا القرن الصغير عيون وفم إنسان فتكلم بإلحاد وكفر ، ثم تكون نهاية القرن الصغير هي الهلاك على يد قديم الأيام ذي العرش الذي تخدمه الألوف المؤلفة ؟؟ !! 

وبقيت الحيوانات الأخرى حية لكن نزع عنهم سلطانهم. 

(الإصحاح السابع) 

وقد فسرت الرواية نفسها الحيوان الرابع بأنه (مملكة رابعة على الأرض مخالفة لسائر الممالك تأكل الأرض كلها وتدوسها ، والقرون العشرة من المملكة هي عشرة ملوك يقومون ويقوم بعدهم آخر وهو مخالف الأولين ويذل ثلاثة ملوك ويتكلم بكلامٍ ضد العليّ)). 

وأخيراً يبيد ملكه على يد "قديسي العليّ" الذين تؤكد هذه الرؤيا مراراً أن العاقبة لهم وأنهم يمتلكون المملكة التي لا تزول !! 

ربما لأن للحيوان الرابع أسناناً من حديد والمملكة الرابعة تكون من حديد قالوا إن المملكة الرابعة هي الحيوان الرابع لاسيما -وكل منهما هو "الرابع" لما سبقه- وقالوا إن هذه المملكة رمز لأوربا التي سيكون فيها عشر دول قومية يخضع لها العالم قبل نزول المسيح!!. 

وعليه تكون المملكة الخامسة هي الألفية السعيدة عند نـزول المسيح. 

ومن السهل إبطال هذا الرأي من وجوه كثيرة :- 

1- أن يقال ما تعبير الحيوانات الثلاثة الأخرى إذن ؟ مع أنهم مهما فسروها فلا يصح أي تعبير يناقض ما فسره دانيال نفسه ، فكيف تظل الثلاثة الممالك في التمثال هي الممالك القديمة والرابعة هي أوربا الحديثة ، إنها مفارقة واضحة ، المنطق السليم يفرض إما أن نحمل الرؤيا على الرؤيا كلياً وإما نجعلهما منفصلتين كلياً وهو الصحيح !!. 

2- الحيوانات طلعت متجاورة وغلبها الرابع دفعة واحدة. أما الممالك في الرؤيا الأولى فمتتابعة متوالية كل منها غلب ما قبله. 

3- الحيوانات الأربعة طلعت من البحر المحيط والممالك الأربع قامت في الشرق والخامسة (الإسلامية) قامت في المنطقة نفسها ثم امتدت شرقاً وغرباً حتى وصلت في أيام المغول والترك إلى شمال أوربا وسيطرت على شرقها كله. 

4- الحيوانات الثلاثة تسلط عليها الرابع لكنها بقيت حية أما الممالك الثلاث فقد اندثرت مطلقاً. 

5- تعبيرهم الرؤيا الأخيرة باطل في نفسه فإنها ذكرت حيواناً لـه عشرة قرون وفسرتها بأنه مملكة لها عشرة ملوك فتفسيرهم بأنها عشر ممالك متجاورة باطل. 

وهكذا فالقول بأن هذه الممالك العشر هي التحالف الأوربي أيام نابليون كما ذكر (بيتز ص 251) أو الاتحاد الأوربي الحالي كما يـزعم المعاصرون لا يصح تعبيراً ولا واقعاً، فهو يناقض كلا الرؤيتين ويخالف الواقع ، فأمريكا وحدها اليوم أقوى من الاتحاد الأوربي كله والاتحاد الأوربي ،لم يعد عشر دول بل زاد كثيراً. 

ونحن لا نريد أن نخوض في تعبير الرؤيا لكن في إمكاننا أن نقول : إن الحيوانات الأربع التي طلعت من وراء المحيط هي الإمبراطورية البريطانية "الأسد" وروسيا الشيوعية "الدب". 

أما الثالث : شبيه النمر ذو الرؤوس الأربعة و الأجنحة الأربعة فقد يكون الدول الكاثوليكية الاستعمارية الأربع " فرنسا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال " أو تحالف دول آسيا المسماة النمور وهي ثمان !! 

وبالطبع سيكون الحيوان الرابع الذي أكلها وداسها هو الولايات المتحدة الأمريكية (أو حلف الناتو عموماً) ، أما القديسون الذين سيدوسون أمريكا فلا يحتاجون إلى تفسير بل إلى الانتظار. 

ونقول للأصوليين : 

إن أعجبكم هذا التعبير فخذوه واستريحوا ، وإن رددتموه وقلتم : ظنٌّ وتخمينٌ. قلنا : نعم ولكن أي الظنين أولى ؟ ولماذا ظنكم أنتم يقين وظننا نحن وهم !! 

أما اليقين بهذا الشأن فهو أمران :- 

1- أن الروم ذات قرون كما أخبر النبي e: ((فارس نطحة أو نطحتان ثم يفتحها الله ولكن الروم ذات القرون كلما هلك قرن قام قرن آخر))([4]). 

2- أن المعركة بيننا وبينهم سجال إلى أن يكون الفتح الأخير لروما وينـزل المسيح u ، وهذا ما لا يعلم زمان وقوعه إلا الله ، وعليه فلا يعلم عدد قرون الروم إلا الله تعالى وربما كانت العشرة المذكورة في الرؤيا لا مفهوم لها بل مجرد رمز وهذا مذهبٌ لهم في الأعداد المذكورة في الكتاب المقدس كله([5])، هذا إن لم نقل إن في الرؤيا تحريفاً وإضافة !! 

وعلى أي حال نحن نعلم أن هذه الرؤيا والخلاف فيها قد لا يثير ثائرة القوم إلا إذا تعرفنا على القرن الصغير الملحد من هو ؟ 

فقد ذهب طائفة منهم إلى أنه دولة الإسلام ؟ 

وأن التجديف والإلحاد هو إنكار المسلمين لألوهية المسيح !! 

وهذا عجيب إذ كيف تكون المملكة الخامسة العظمى الأبدية قرناً صغيراً من قرون حيوان من الحيوانات الأربعة الذي له غير هذا القرن عشرة قرون كبرى !! 

وكيف تكون الأمة الإسلامية التي شملت العرب والفرس والترك والبربر والزنج والهنود والتتار وغيرهم مجرد قرن من الروم ؟ وقرن صغير أيضاً !! 

إن النـزول بالبحث العلمي إلى هذا الحد يوجب الإعراض والضرب صفحاً عن هذا اللغو لاسيما وأنه لا علاقة للمسيح وألوهيته بالرؤيا من قريب ولا من بعيد بل السفر كله توحيد. 

وذهبت طائفة منهم إلى أن القرن الصغير هو الوحش المذكور في سفر الرؤيا !! 

وهنا ينبغي أن نعتذر للقارئ المسلم عن الاسترسال في ذكر الغرائب الحيوانية ، ولا يظن أننا سنورد فيلم الرعب الطويل المسمى سفر الرؤيا ! 

ونرجو منه أن يتأمل معنا هذا الوحش في لقطة لا تتعدى الثواني من هذا الفيلم ، وليعلم أن القوم في الغرب أضاعوا ويضيعون في هذا ما يعد بالملايين من ساعات العمل ، بل ربما من أيام العمل ، وأن الكتب المتعلقة بها أكثر الكتب مبيعاً في أمريكا !! 

فماذا علينا لو تحملنا دقائق وصفحات لنردهم إلى الصواب ، ونريحهم من العناء ونحمد الله على اليقين. 

يقول سفر الرؤيا : 

((ثم وقفت على رمل البحر ، فرأيت وحشاً طالعاً من البحر لـه سبعة رؤوس وعشرة قرون ، وعلى قرونه عشرة تيجان ، وعلى رؤوسه اسم تجديف (أي إلحاد وزندقة) والوحش الذي رأيته كان شبه نمر ، وقوائمه كقوائم دب ، وفمه كفم أسد، وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً ، ورأيت واحداً من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي، وتعجبت كل الأرض وراء الوحش)). 

[13 : 1 – 3] 

لقد حاول "ت.ب.بيتز" -وهو أجود شارح لسفر الرؤيا- أن يصيب كبد الحقيقة، ويدل قومه على القرن الصغير الملحد ، الذي يخرج من بين قرون الروم ، ولكنه لم يستطع لأسباب : 

الأول : مشترك بين كل الباحثين وهو اختلاط الحق بالباطل في الأسفار واستحالة تمييز المحرَّف من الباقي على أصله بله المضاف والمحذوف . 

الثاني : مشترك بينه وبين أكثر باحثي أهل ملته كما أسلفنا ، وهو جعل النبوات كلها في زمن المسيح القادم ، وتجاهله المطبق للإسلام رسالة وحضارة ومملكة !! 

الثالث : يخصه ،وهو أنه هلك قبل قيام رجسة الخراب "إسرائيل " فكان من الصعب عليه أن يفسر الأحداث بدقة. 

لكن لما يتميز به شرحه سوف نجعله نموذجاً لتصحيح المنهج. 

يقرر بيتز أن الوحش هو نظير القرن الصغير في نبوة دانيال (مع التنبيه إلى أن في سفر الرؤيا وحشين اثنين !!). 

وهو في الوقت نفسه الشكل الجديد الذي ستتخذه الأمبراطورية الرومانية ، الذي سيفاجئ العالم قبل نزول المسيح لإقامة ملكوته -الذي هو المملكة الأخيرة الأبدية في نظره. 

وهو لما رأى أن الفجوة كبيرة ،وقرونها الزمنية كثيرة ، لا يسدها عشرة ملوك ولو حكم كل ملك قرناً ، جاء بتأويل جديد هو أن القرن ليس ملكاً ! بل هو شكل من أشكال الحكم كالشكل الجمهوري أو الإمبراطوري مثلاً ، ولكل شكل ملوكه الكثيرون، لكنه لم يفصل لنا كل الأشكال بل جعل السادس هو الإمبراطوري ، وافترض أن الشكل السابع عتيد. 

أن يقوم أما الثامن والنهائي فهو حكومة الوحش الذي هو القرن الصغير. (ص186). 

ولأول مرة -بل من النادر- أن تجد في كلام القوم على كثرته وإسهابه مثل هذا الكلام الرصين الذي يشبه في أوله كلام فقهاء الإسلام ، يقول : 

نلاحظ وجه شبه بين هذا الوحش وبين قرن دانيال الصغير فقد حارب القرن الصغير القديسين فغلبهم. (دا/ 7 : 21). 

كما أعطي للوحش أن يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم. (رؤ/ 13 : 7). 

وكما في دانيال يتكلم القرن بكلام ضد العلي. (7 : 25). 

هكذا في الرؤيا يفتح الوحش فمه بالتجديف على الله. (13 : 6). 

وكما أن سلطة القرن الصغير تدوم إلى زمان وأزمنة ونصف زمان (دا/ 7: 25). 

كذلك سيبقى سلطان الوحش اثنين وأربعين شهراً. (رؤ/ 13 : 5). 

وهي نفس المدة المذكورة في دانيال ولو اختلف الاصطلاح. (189-190). 

وهنا لنا وقفة يسيرة فالقوم كالعادة لابد أن يتناقضوا ويحيروا العقل ، إذ كيف يوجد شكل سياسي يحكم فيه مجموعة من الملوك ، ويكون مجموع حكمهم هذه المدة الوجيزة ؟ ثم إنه لم يثبت على رأي واحد ، بل جعله مرة شخصاً حاكماً وأخرى هيئة أو جمعية تآمرية - كما سنرى. 

فلنتابع معه الأحوال والأحداث المتعلقة بالوحش لكي نعرف هذا القرن الصغير المشؤوم ؟! 

عن هذا يقرر بيتز أمورا ً:- 

1- أن الوحش سيكون في أورشليم (193). ويقرر ((إن أورشليم هي النقطة المركزية التي تتجمع حولها الحوادث المذكورة هنا بلغة الرموز)) (194). (ونذكِّر القراء بأنه كتب هذا والقدس شبه منسية عندهم إلا من قليل من السّوّاح أو الزائرين). 

2- الوحش (إسرائيلي لكنه لا يبالي بيَهْوَه إلـه الأمة ، ولا بالمسيَّا ((الموعود المنتظر)) رجاء الأمة ، ولا حتى بالآلهة الباطلة التي طالما مالت إليـها الأمة…)). 

3- يتحالف الوحش مـع ((رأس الإمبراطورية الرومانية ومركز القوة والسلطة العالمية)) (200). 

4- يجزم (بيتز) أن هذا الرئيس الروماني ليس أحداً من الأباطرة السابقين ، بل هو الذي سيأتي عند قيام رجسة الخراب ، التي تحدث عنها دانيال ، وذكّر بها المسيح مرة أخرى ، ويقول : 

(من مواضع كثيرة في كلمة الله -أي الكتاب المقدس- يتبين أن العشرة الأسباط سيجتمعون في أورشليم بعد خلاصها وعتقها -أي قبل نزول المسيح- وهناك يحتملون نار الضيقة العظيمة في أشدها ، بينما إسرائـيل الذين رفضوا المسيح سيجتمعون إليها قبل ذلك). (ص 217) أي في يوم غضب الرب على الدولة الرجسة الذي سنعقد لـه فصلاً قادماً بعنوان ((يوم غضب الرب)). 

مرة أخرى ينبغي أن نتذكّر أنه هلك قبل قيام دولة إسرائيل بكثير. 

5- حكومة الوحش ستكون ملحدة على النظام الغربي ، لا على هدي الوحي بل هي من أكبر أسباب الإلحاد والظلام. يقول : 

((في أوربا الغربية الوطن المختار للمدنية والحرية والاستنارة والتقدم كانت نتيجة تفاعل تلك المبادئ البشرية هي قيام حكومة الوحش ملتقى الطغيان والظلام والتعاسة والتجديف)) (ص 238). 

6- وتحت زعامة الوحش يقرر بيتز اعتماداً على مفهومه لرؤيا دانيال : 

((سوف تتكون عصبة من الحكومات المتحالفة مؤقتاً)) (251). 

وصفة الحلف الذي ستعقده الإمبراطورية الرومانية الجديدة هو أن : 

((العشرة ملوك الذين يحكمونها يصنعون رأياً واحداً ويعطون الوحش ملكهم)) (ص253). 

والعجب حقاً هو أنه ((ليس الوحش هو الذي يجبرهم على إطاعة أمره بل هو عمل تطوعي يقومون به من جانبهم)) (ص253). 

كما أنه ليس من شرط الوحش أن يحكم كملك بل ((بواسطة نفوذه في مؤامرات و مشورات على أرض الإمبراطورية الرومانية القديمة أو على الأقل الجزء الغربي منها))!! (ص254). 

(ونُذَكِّر بأنه كتب هذا قبل قيام الأمم المتحدة وظهور السيطرة الصهيونية على السياسة الغربية عامة والأمريكية خاصة) !!. 

7- وعن عدو الوحش والمعركة بينهما يقول بيتز :- ((إن الحلف القائم بين الامبراطور الروماني واليهود غير المؤمنين لا يمنع غزو الجيش الشمالي ، الذي -بسبب العبادة الوثنية القائمة في أورشليم في ذلك الوقت- سيباغتهم كسيل جارف ، ويجلب الخراب على الأرض)) (214). 

ولتفسير الجيش الشمالي نجده يقول : 

((يجمع ملوك المشرق قواتهم ليغيروا على حدود أملاك الوحش ومن الناحية الأخرى سيجمع الوحش باتفاقه مع ملوك الغرب قواته ويزحف إلى معركة هرمجدون المشؤومة)) (ص240 ). 

9 - وأخيراً يحدثنا بيتز عن نتيجة المعركة : 

((قل أن يحلم الوحش ومساعده الأثيم أنهما سيؤخذان أسيرين من ساحة القتال التي يعجلان إليها ! وأنه سيلقى بهما حيين إلى عذابات بحيرة النار الأبدية ، وقل أن يجرؤ القديسون المتألمون المختبئون بين الجبال والمغاير فيؤمِّلون بأنهم سيرفعون رؤوسهم آخر الأمر)) !!. 

والآن وقد عرفنا " الوحش " نسأل : هل هذه النهاية لا تكون إلا في "هرمجدون" وعلى يد المسيح ؟. 

إن افتراض ذلك هو الخطأ المشترك بين هؤلاء وبين بعض الباحثين المسلمين أيضاً ، والفرق أن هؤلاء لا يحسبون حساباً للمنطق والعقل وسنة الله في التاريخ ، أما المسلمون فيبحثون غالباً عن سنن طبيعية لتفسير الأحداث... المسلمون كمن يخطئ طريقه في النهار أما هؤلاء فكل سيرهم في الظلمات إلا بقايا من البصيص الباهت !! 

لقد قلنا إن بيتـز كاد أن يصيب الحقيقة ، ولكي نساعد قراءه على إصابتها نورد لهم تلخيصه للأحداث كما سطره (ص213). مع حذف العناصر المشيحانية وإبقاء الموضوع في حدود المألوف ، ونقرأ كلاماً بدونها فيكون هكذا : 

((سوف تعود الإمبراطورية الرومانية إلى الوجود .. وستكون الكتلة اليهودية قد رجعت إلى أورشليم غالباً في عدم الإيمان (ونقول نحن بل قطعاً)... وبينما هم في أورشليم إذا بقوة عظيمة تهدد ذلك الشعب الراجع ، ولكي تتقي الكتلة اليهودية شر تلك القوة فإنها... تعقد عهداً مع الرئيس العظيم الذي سيكون حاكماً للإمبراطورية الرومانية في عهدها الجديد... إلا أن الحلف القائم بين الإمبراطور الروماني واليهود غير المؤمنين لا يمنع غزو الجيش... الذي بسبب العبادة الوثنية القائمة في أورشليم في ذلك الوقت سيباغتهم كسيل جارف)) (213–214). 

ولو أعدنا نحن كتابة الموضوع فسنقول ببساطة : 

1- دولة إسرائيل قرن صغير خرج من الروم من بين قرونهم الاستعمارية الكبرى وقد رجع إلى الأرض المقدسة غازياً مدنساً. 

2- الوحش أو الوحشان هما : الصهيونية ذات الوجهين أحدهما يهودي والآخر نصراني. 

3- اليهود عامة والصهيونيون خاصة هم دعاة الإلحاد والفساد في الأرض وأكثر أصحاب النظريات الإلحادية منهم : ماركس ، وفرويد ، ودوركايم ، وفيشتة وأرلر ، وماركوز ، وهسّرل ، وشيلر ، وبرجسون ، ومارتن بوبر. 

4- قيام رجسة الخراب في القدس هو احتلال اليهود لها واتخاذها عاصمة لحكمهم وهذا مما سنفصل الحديث عنه لاحقاً. 

5- الإمبراطورية الرومانية الجديدة هي الولايات المتحدة الأمريكية ويمكن أن يشتمل الاسم : الغرب كله وهنا تتداخل مع بابل الجديدة المذكورة في النبوءات الأخرى ، وهي التنبين الذي أعطى الوحش القدرة والسلطان !! وسنرى نهاية هذا التنين مع نهاية رحسه الخراب في يوم غضب الرب. 

6- الجيش الآتي من الشمال أومن الشرق هم المجاهدون المسلمون ولهذا أيضاً تفصيله في فصل آتٍ من نبوءات أخرى !!. 

وبقية القصة من التحالف والحرب وحلول غضب الرب لا إشكال فيها حينئذٍ !!. 

إلا أنه لا بد من الإشارة إلى سبب آخر يوجب تعديل كلام بيتـز ، وهو أن التثليث الذي أفسد عقيدة هؤلاء قد أفسد عقولهم أيضاً ، فهو في ص ( 211 ) ينسى كل ما قال ويؤكد أن الثلاثة الأشخاص الملقبين بالقرن الصغير والوحش والرئيس الإمبراطوري كلهم في الحقيقة شخص واحد !!!. 

والمهم أن تغييراً ذا شأن لم يمس جوهر (السيناريو) وكل ما صنعناه هو تعديل أسماء شخصيات المسرحية !!. 

والعنصر الأساس في المسرحية هو ((عودة اليهود إلى الأرض المقدسة بلا إيمان)) بل بكفرهم القديم وإلحادهم الحديث ، ومن هنا أقاموا على الأرض المباركة الطاهرة دولتهم التي سماها دانيال ((رجسة الخراب)) وهذا هو موضوع الفصل التالي. 







-------------------------------------------------------------------------------- 

([1]) انظر ابن كثير ((البداية والنهاية)) : (1/40-42) ؛ ((دلائل النبوة للبيهقي)) : (1/381) ، ((المصنف)) لابن أبي شيبة : (7/4) ؛ و ((شفاء الصدور)) لمرعي الكرمي ص (336) تحقيق جمال حبيب. 

([2]) المصدر : دوائر المعارف العالمية (حسب الأعلام) ومنها ((موسوعة كولومبيا)) ، ((موسوعة بارون)) ، ((الموسوعة العربية الميسرة)). 

([3]) انظر كتاب : ((مسلمو أهل الكتاب...)) ص (543–573) للدكتور محمد بن عبد الله السحيم.

([4]) أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) : (4/206) ، والحارث ابن أبي أسامة كما في ((زوائد الهيثمي)) : (2/713)، ونعيم بن حماد في ((الفتن) : (2/479). 

([5]) انظر كلمة ( عدد ) في : دراسات في الكتاب المقدس ، تعريب معجم اللاهوت الكتابي.

منقول من الموقع الرابط :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=113858

----•----—----•----—
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: 

فـ دانيال عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل ممن لا يُعلم وقته على اليقين، إلا أنه كان في الزمن الذي بعد داود ، وقبل زكريا و يحيى عليهم السلام، وكان في الوقت الذي قدم فيه بختنصر إلى بيت المقدس وخربه، وقتل فيه من قتل من بني إسرائيل وسبى من سبى وأحرق التوراة. وقيل: إنه أسر دانيال الأصغر، وقيل: بل وجدوه ميتاً عندما دخل بختنصر بيت المقدس، والظاهر أنه كان في بني إسرائيل دانيال الأكبر و دانيال الأصغر. والله أعلم. 
وقد أورد ابن أبي الدنيا بإسناده إلى عبد الله بن أبي الهذيل أن بختنصر سلط أسدين على دانيال بعد أن ألقاه في جُب -أي بئر- فلم يفعلا به شيئاً. فمكث ما شاء الله تعالى ثم اشتهى ما يشتهي الآدميون من الطعام والشراب، فأوحى الله إلى أرمياء وهو من أنبياء بني إسرائيل وهو بالشام أن أعد طعاماً وشراباً لـ دانيال . فقال: يا رب أنا بالأرض المقدسة، و دانيال بأرض بابل من أرض العراق، فأوحى الله إليه أن أعد ما أمرناك به فإنا سنرسل من يحملك ويحمل ما أعددت، ففعل وأرسل إليه من حمله وحمل ما أعده حتى وقف على رأس الجب، فقال دانيال من هذا؟ قال أنا أرمياء فقال: ما جاء بك؟ فقال: أرسلني إليك ربك، قال: وقد ذكرني ربي؟ قال: نعم. فقال دانيال : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، والحمد لله الذي يجيب من دعاه، والحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً. والحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة، والحمد لله الذي هو يكشف ضرنا وكربنا، والحمد لله الذي يقينا حين يسوء ظننا بأعمالنا، والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين تنقطع الحيل عنا… 
واشتهر أن الصحابة رضي الله عنهم عثروا على قبره عندما فتحوا (تستر) ثم أمرهم عمر بن الخطاب أن يغيبوا قبره خشية أن يتخذه الناس معبداً أو يشرك بالله عنده. وقيل إن الذي وجدوه رجلاً صالحاً. والأول أشهر. 
وأخرج ابن أبي الدنيا بإسناد حسن -كما قال الحافظ ابن كثير- عن أبي الزناد قال: رأيت في يد أبي بردة بن أبي موسى الأشعري خاتما نقش فصه (أسدان بينهما رجل يلحسان ذلك الرجل) قال أبو بردة وهذا خاتم ذلك الرجل الميت الذي زعم أهل هذه البلدة أنه دانيال أخذه أبو موسى يوم دفنه أي يوم دفن دانيال . قال أبو بردة فسأل أبو موسى علماء تلك القرية عن نقش ذلك الخاتم فقالوا: إن الملك الذي كان دانيال في سلطانه، جاءه المنجمون وأصحاب العلم فقالوا له: إنه يولد كذا وكذا غلام يُذهب ملكك ويفسده، فقال الملك: والله لا يبقى تلك الليلة مولود إلا قتلته. إلا أنهم أخذوا دانيال فألقوه في أجمة الأسد فبات الأسد ولبوته يلحسانه ولم يضراه. فجاءت أمه فوجدتهما يلحسانه فنجاه الله بذلك حتى بلغ ما بلغ. قال أبو موسى : قال علماء تلك القرية: فنقش دانيال صورته وصورة الأسدين يلحسانه في فص خاتمه لئلا ينسى نعمة الله عليه في ذلك.
هذا باختصار ما اقتبسته من تاريخ الحافظ ابن كثير (البداية والنهاية). 
ولا يخفى أن ما جاء في قصته هو من أخبار بني إسرائيل التي لم يثبت فيها شيء عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فلا حرج في روايتها لأنها لا تخالف شيئاً من شريعة الإسلام، وهذا داخل تحت عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " كما أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن كثير في مقدمة تفسيره. 
والله أعلم. 

منقول من الموقع الرابط : 
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=15051



نبي الله دانيال عليه السلام 

نبي الله دانيال - من أنبياء بني إسرائيل - كان ممن تم اسرهم و نقلهم إلى العراق من بيت المقدس و تم تدميرها على زمن نبوخذ نصر (السبي البابلي). ابان الغزو الفارسي

هو النبي الوحيد الذي دفن بعد نبي الإسلام محمد صلى الله عليه و سلم . والسبب في ذلك ان الفرس كانوا يبقون على جسده لانهم كان يتمطرون به إذ انه كلما اخرجوا جسده للعراء تمطر السماء فكانوا يعتبرونها علامه مقدسة شريفة بينهم.
عندما تم اسر دانيال ونقلع إلى بلاد فارس هو و رجال بني إسرائيل كان الغرض من ذلك التسلية بهم اذ كان الفرس يحفرون حفرا كبيره و يضعون فيها رجلا من بني إسرائيل و يطلقون عليه اسدين - نمرين - ليأكلانه . وكانت هذه عادة اهل فارس بالتسلية . وهذا ما لم يحدث مع دانيال اذ انهم عندما وضعوه في الحفرة و اطلقوا علية الاسود قام الاسدين باللعب معه و التمسح به و كانما يطلبان العفو منه . وعندما حاول الفرس اعادة الكره حدث نفس الامر فعلموا ان هذا الرجل مقدس وانه نبي و اكرموه و قدسوه.قام دانيال بعمل خاتم مرسوم عليه صورة رجل واسدين يقفان على اكتافه شكرا لله ان نجاه من هذه الازمة .تم اكتشاف جسد دانيال في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه و قد بشر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم لمن يكتشف جسد دانيال بالجنة. قام بدفن دانيال الصحابي المسلم أبي موسى الاشعري رضي الله عنه وقد كانت طريقة دفنه ان اخذ عددا من الفرس فطلب منهم دفن عدة قبور في اماكن مختلفة و قام بدفنه هو بنفسه في احد تلك القبور و اغلقها جميعا و امر بقتل هؤلاء الفرس حتى لا يعلم الناس مكان قبر دانيال فيخرجوه.قام ابو موسى الاشعري بطلب خاتم دانيال الذي وجدوه معه أول مره من الخليفة عمر بن الخطاب و بقي مع ابي موسى إلى ان مات و من ثم اخذه ابنه واختفى بعد ذلك إلى هذا الوقت
بينما يعتقد البعض بانه مدفون بالاسكندريه لوجود مسجد باسمه هناك 
نبي الله ودعائه المشهور 00 حمدا وشكرا 00 نبي الله دانيال وهو في الاسر 
فـ دانيال عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل ممن لا يُعلم وقته على اليقين، إلا أنه كان في الزمن الذي بعد داود ، وقبل زكريا و يحيى عليهم السلام، وكان في الوقت الذي قدم فيه بختنصر إلى بيت المقدس وخربه، وقتل فيه من قتل من بني إسرائيل وسبى من سبى وأحرق التوراة. وقيل: إنه أسر دانيال الأصغر، وقيل: بل وجدوه ميتاً عندما دخل بختنصر بيت المقدس، والظاهر أنه كان في بني إسرائيل دانيال الأكبر و دانيال الأصغر. والله أعلم. 
وقد أورد ابن أبي الدنيا بإسناده إلى عبد الله بن أبي الهذيل أن بختنصر سلط أسدين على دانيال بعد أن ألقاه في جُب -أي بئر- فلم يفعلا به شيئاً. فمكث ما شاء الله تعالى ثم اشتهى ما يشتهي الآدميون من الطعام والشراب، فأوحى الله إلى أرمياء وهو من أنبياء بني إسرائيل وهو بالشام أن أعد طعاماً وشراباً لـ دانيال . فقال: يا رب أنا بالأرض المقدسة، و دانيال بأرض بابل من أرض العراق، فأوحى الله إليه أن أعد ما أمرناك به فإنا سنرسل من يحملك ويحمل ما أعددت، ففعل وأرسل إليه من حمله وحمل ما أعده حتى وقف على رأس الجب، فقال دانيال من هذا؟ قال أنا أرمياء فقال: ما جاء بك؟ فقال: أرسلني إليك ربك، قال: وقد ذكرني ربي؟ قال: نعم. فقال دانيال : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، والحمد لله الذي يجيب من دعاه، والحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً. والحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة، والحمد لله الذي هو يكشف ضرنا وكربنا، والحمد لله الذي يقينا حين يسوء ظننا بأعمالنا، والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين تنقطع الحيل عنا… 
واشتهر أن الصحابة رضي الله عنهم عثروا على قبره عندما فتحوا (تستر) ثم أمرهم عمر بن الخطاب أن يغيبوا قبره خشية أن يتخذه الناس معبداً أو يشرك بالله عنده. وقيل إن الذي وجدوه رجلاً صالحاً. والأول أشهر. 
وأخرج ابن أبي الدنيا بإسناد حسن -كما قال الحافظ ابن كثير- عن أبي الزناد قال: رأيت في يد أبي بردة بن أبي موسى الأشعري خاتما نقش فصه (أسدان بينهما رجل يلحسان ذلك الرجل) قال أبو بردة وهذا خاتم ذلك الرجل الميت الذي زعم أهل هذه البلدة أنه دانيال أخذه أبو موسى يوم دفنه أي يوم دفن دانيال . قال أبو بردة فسأل أبو موسى علماء تلك القرية عن نقش ذلك الخاتم فقالوا: إن الملك الذي كان دانيال في سلطانه، جاءه المنجمون وأصحاب العلم فقالوا له: إنه يولد كذا وكذا غلام يُذهب ملكك ويفسده، فقال الملك: والله لا يبقى تلك الليلة مولود إلا قتلته. إلا أنهم أخذوا دانيال فألقوه في أجمة الأسد فبات الأسد ولبوته يلحسانه ولم يضراه. فجاءت أمه فوجدتهما يلحسانه فنجاه الله بذلك حتى بلغ ما بلغ. قال أبو موسى : قال علماء تلك القرية: فنقش دانيال صورته وصورة الأسدين يلحسانه في فص خاتمه لئلا ينسى نعمة الله عليه في ذلك.
هذا باختصار ما اقتبسته من تاريخ الحافظ ابن كثير (البداية والنهاية). 
ولا يخفى أن ما جاء في قصته هو من أخبار بني إسرائيل التي لم يثبت فيها شيء عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فلا حرج في روايتها لأنها لا تخالف شيئاً من شريعة الإسلام، وهذا داخل تحت عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " كما أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن كثير في مقدمة تفسيره. 
والله أعلم.



وحسب الروايات التي تتكلم عن الفتوحات في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الصحابة وخلال فتوحات العراق و فارس وجدوا قوما يقدسون جثة لشخص ما وهذه الجثة لا يظهر عليها آثار تفسخ الجثث فعنما سأل المسلمون عن الجثة أخبرهم أهل تلك المنطقة بأنها لنبي مات لكنهم لا يستطيعون دفنه فعندها ذكر أحد الصحابة ( أبو أيوب الأنصاري ) بأن هذا النبي هو دانيال وقد أخبرهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه دعا بأن يدفنه أصحاب نبي آخر الزمان فدفنه المسلمون حسب مارواه الصحابة بان امرهم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند فتح بلاد السوس وجد في قصر الهرمزان جثة مضى عليها 300سنة وقد دلهم انذاك رجل يقال له حرقوص وكان النبي (ص) اخبر اصحابه بان من يدل على جثة النبي دانيال فبشروه بالجنة وكان الصحابي أبو موسى الاشعري رضي الله عنه معهم حينئذ عند فتح تلك البلاد ووجدوا جثة النبي دانيال عليه السلام واخبروان بان جثته لم تاكلها الدابة او السباع الا شعيرات قفا راسه وعند راسه مصحفه باللغة السريانية وجرة مملوءة بالذهب وكتبوا ذلك إلى امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فامر بتغسيله والصلاة عليه ودفنه وحفلر أبو موسى الاشعري ومن معه 13قبرا ودفنوه ليلا حتى لايعلم أحد مكانه ليعبدوه من دون الله حسب رواة قصة
دانيال
منقول من الموقع :
http://soltan.mam9.com/t387-topic

الخميس، 6 مارس 2014

#رزق_الله_واسع


كلام رائع للمغامسي :  الرزق لا ينحصر في مال أو طعام .. رزق الله واسع .. قد يكون الرزق في أصدقاء طيبين .. في طمأنينة وراحة بال .. في نومة هنيئة وسقف يقيك الحاجة والذل .. في منظر يسر خاطرك ويغير مزاجك .. في شخص يحبك ويتحمل أخطاءك .. في كلمات جميلة تقرأها .. الرزق قد يكون في حنان أم أو أب .. في كتف محب تبكي عليه ..  في جلسة أخ أو أخت تزيح الهم .. في احترام من حولك .. في هدية تتلقاها من عزيز .. في قدرتك على خدمة نفسك .. في كل شيء لنا رزق من اللّـہ ..  فاللہم ارزقنا رضاك فأنت خير الرازقين .. الحمد لله والشكر لله .. قد تبكي بكاء المضطر وتنام .. والله لاينام عن تدبير أمورك .. ( إنه يدبر لك في الغيب  أمورا” لو علمتها لبكيت فرحا” )  يقول ابن عباس : لو أُطبقت السماء على الأرض لـجعل الله للمتقين فتحات يخرجون منها  ألا ترون قوله تعالى : "ومن يتق الله يجعل له مخرجا"  فلا تعجزك ضخامة الأمنيات فربما دعوة واحدة ترفعها إلى اللّـہ تجلب لك ”المستحيل”  فقط قل: يارب يقول الدكتور عبد العزيز التميمي :  من أقوى أسلحتي بعلاج الناس نفسياً أو عضوياً  أو من فقر أو هم أو مصيبة سؤال بسيـــط جدا”: [هل أطعمت أي مخلوق حي وتصدقت كل يوم كي ترى السعادة وَالراحة وَالفرج ؟]   كسرة خبز لطير .. إطعام سمكة .. قطعة سكر لنملة .. - كوب ماء تسقي شجرة ..  يومياً” على الأقل مرة واحدة   هل تستطيع فعل ذلك ؟!  الصدقة .. كلنا يريدها ( وتبسمك في وجه أخيك صدقة )  فالإنسان المعافى يحتاجها قبل المريض ، وَالمريض بعد المرض ،  وَالاحياء يفعلونها عن الاموات .. وأنت تتصدق قل: (اللهم إن هذه الصدقة  عن كل مسلم وَ مسلمة وَ مؤمن وَ مؤمنة الأحياء منهم وَالأموات) كي تأخذ الأجر عن مليارات المسلمين بإذن الله .. وأول صدقة تفعلها الآن هي  نشر هذا الكلام بنية الصدقة لأن كل من يطبقه و يعلمه  أجره لك بـإذن آلـلہ

الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

يا لبيه يا أمي يا غذى الروح فيه

http://www.youtube.com/v/3heVdxnmiXM?autohide=1&version=3&attribution_tag=nCr-sranIDmGy4owssF25Q&showinfo=1&autohide=1&autoplay=1&feature=share

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

يـا بـيـت يــوم أعـنّـي الـرّجـل و آجـيـك

http://www.youtube.com/v/0SmpzCxcUqM?version=3&autohide=1&showinfo=1&autohide=1&autoplay=1&attribution_tag=jIWSvVEynUflLURDm7JVEQ&feature=share

الاثنين، 29 يوليو 2013

في الجامع الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إنّ الله تَعَالَى يُحِبُّ أنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ …»

مسند أحمد بن حنبل- سنن البيهيقي عن / ابن عمر الطبراني في الكبير عن / ابن عباس عن / ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إنّ الله تَعَالَى يُحِبُّ أنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ »
[ صحيح • انظر الحديث رقم -١٨٨٥- في صحيح الجامع ]
الشـــرح :
١٨٧٩ - (إن الله تعالى يحب أن يؤتى رخصه) جمع رخصة وهي مقابل العزيمة (كما يجب أن تؤتى عزائمه) أي مطلوباته الواجبة فإن أمر الله تعالى في الرخصة والعزيمة واحد فليس الأمر بالوضوء أولى من التيمم في محله ولا الإتمام أولى من القصر في محله فيطلب فعل الرخص في مواضعها والعزائم كذلك فإن تعارضا في شيء واحد راعى الأفضل قال -[293]- القاضي: والعزيمة في الأصل عقد القلب على الشيء ثم استعمل لكل أمر محتوم وفي اصطلاح الفقهاء الحكم الثابت بالإمالة كوجوب الصلوات الخمس وإباحة الطيبات قال ابن تيمية ولهذا الحديث وما أشبهه كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يكره مشابهة أهل الكتاب فيما عليهم من الآصار والأغلال ويزجر أصحابه عن التبتل والترهب
(حم هق عن ابن عمر) بن الخطاب (طب عن ابن عباس) مرفوعا باللفظ المزبور (وعن ابن مسعود) بنحوه قال ابن طاهر وقفه عليه أصح .
        🍃🍂🍂🍃🌾🍂🍃🍃🍂
مسند أحمد بن حنبل- صحيح ابن حبان- هب عن / ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: « إنّ الله تَعَالَى يُحِبُّ أنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ »
[ صحيح • انظر الحديث رقم -١٨٨٦- في صحيح الجامع ]
الشـــرح : 
١٨٩٤ - (إن الله يحب أن تؤتى رخصه) جمع رخصة وهي تسهيل الحكم على المكلف لعذر حصل وقيل غير ذلك لما فيه من دفع التكبر والترفع من استباحة ما أباحته الشريعة ومن أنف ما أباحه الشرع وترفع عنه فسد دينه فأمر بفعل -[297]- الرخصة ليدفع عن نفسه تكبرها ويقتل بذلك كبرها ويقهر النفس الأمارة بالسوء على قبول ما جاء به الشرع ومفهوم محبته لإتيان الرخص أنه يكره تركه فأكد قبول رخصته تأكيدا يكاد يلحق بالوجوب بقوله (كما يكره أن تؤتى معصيته) وقال الغزالي رحمه الله: هذا قاله تطييبا لقلوب الضعفاء حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأس والقنوط فيتركوا الميسور من الخير عليهم لعجزهم عن منتهى الدرجات فما أرسل إلا رحمة للعالمين كلهم على اختلاف درجاتهم وأصنافهم اه. قال ابن حجر رحمه الله: وفيه دلالة على أن القصر للمسافر أفضل من الإتمام (1)
(حم حب هب) وكذا أبو يعلى والبزار كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا الطبراني قال الهيثمي رحمه الله: رجال أحمد رجال الصحيح وسند الطبراني حسن انتهى
_________
(1) والرخص عند الشافعية أقسام: ما يجب فعلها كأكل الميتة للمضطر والفطر لمن خاف الهلاك بعطش أو جوع وما يندب كالقصر في السفر وما يباح كالسلم وما الأولى تركه كالجمع والتيمم لقادر وجد الماء بأكثر من ثمن مثله وما يكره فعله كالقصر في أقل من ثلاث فالحديث منزل على الأولين .

الأحد، 2 يونيو 2013

تعلمت من زوجتي دروسا في التخطيط والإدارة!!



تعلمت من زوجتي دروسا في التخطيط والإدارة!!


قالت لي بعفوية الحديث بين المرأة وزوجها البعيد عن الرسميات:

 ضيعت نص عمرك تتعلم إدارة، 

أقدر اشرح لك الموضوع بنص ساعة،

 بس لو تتنازل وتسمعني يا.. صاحب

 الإدارة والتخطيط الاستراتيجي.


ضحكت وقهقهت من قلبي..
وقررت أن أثبت عجزها وأن ألقنها درسًا حال فشلها؛ لأنزل عليها العقوبة المناسبة إذا عجزت، فأضمرت في نفسي أمرين:

الأول: أعطيها الوقت الكافي لتقول ما تشاء…

والثاني: أسمع باهتمام لما عندها؛ لأكتشف الأخطاء قبل أن أفكر بالانتقام من تحديها المُر…


قالت: إذا جمعت لي الناس -على عادتك- وتريد لهم ضيافة غداء تعرف كيف أخطط يا.. يا مدير.
قلت: هاتي.. الله يصبرني.
قالت: أسالك قبل الموعد بوقت كاف ولا لا؟ مش تجي في نفس اللحظة وتريد غداء، سأرفض طلبك وأرفض استقبال ضيوفك، وأقول لك غديهم أنت في السوق.. صح؟
قلت: صح..

حينها أطرقت مفكرًا.. لقد تذكرت مبدأ من أهم مبادئ التخطيط، وهو أنه يجب أن يبدأ قبل العمل (وجوبًا إداريًا)، ولا يصح التخطيط أثناء العمل أو قبله بوقت قصير وغير كاف، كل ذلك من أجل الاستعداد اللازم لتنفيذ الهدف على أكمل وجه.


قالت: مالك مدوخ.. ايش فيك، كلامي صح قلت، وأنا بين مغالبة الضحك ومحاولة كبت الغضب.. صح.
قالت: أسالك عن عدد الضيوف، واقترح عليك نوع الغداء، ومستوى الطبخ ومكان الوليمة.. صح؟
قلت: فعلًا صح..

وتذكرت حينها أهداف التخطيط، وأنه لا توجد خطة صغيرة ولا كبير إلا بهدف أو أهداف صغيرة أو كبيرة، ولا توجد خطة بدون هدف بتاتًا ؛

لأن الهدف غاية والخطة وسيلة للوصول إليه، فلا يمكن الانشغال بالوسيلة إذا غاب الهدف،

ويجب أن تكون تلك الأهداف واضحة محددة واقعية قابلة للقياس محددة بزمن له بداية ونهاية …

<< يعني : smart >> .


نظرت مستغربة من صمتي الطويل وبماذا أفكر..
ثم واصلت:
اطلب منك توفير الطلبات كاملة
اطلب منك احتياطي زيادة في كمية الطلبات.
اطلب منك تجهز المبلغ المطلوب لتوفير الطلبات.
اطلب منك إحضار لي ثنتين من خواتي من بيت الوالد يساعدوني بجانب أولادي.
اطلب وصول الحاجات في الوقت المحدد بالضبط.
صح.. ولا لا؟

قلت بإعجاب: صح والله صح.

تذكرت حينها الموارد المالية والمادية والبشرية الواجب توفيرها من أجل التنفيذ الخطة وتحقيق الهدف.

وتذكرت الخطة البديلة (الاحتياط) لمواجهة الطوارئ في الخطة الأساسية.


قالت: عند توفر الطلبات ووصول الأخوات ابدأ بأموري كالتالي:
نخطط سويًا بسرعة ما نعمل، ونحدد طريقة ترتيب السفرة ونوع الطعام وطريقة التقديم.
نحدد متى ينتهي العمل تماما والتي ستكون قبل اللحظة التي يأتي فيها الضيوف بوقت مناسب.
أوزع الشغل عليهن واحدة تنظف وتبخر المكان.
الثانية تساعدني في طبخ الطعام.
الأولاد يحضرون الطلبات الناقصة ويساعدونا في وقت التقديم.
التأكد من جاهزية كل شيء.
الانطلاق نحو العمل.

قلت: نعم.. صدقتِ..

وتذكرت القاعدة الذهبية ،

" ابدأ وعينك في النهاية " من قواعد الإدارة،

وربما وضوح الرؤية إن جاز التعبير،

المعنى ارسم أولا كيف تصور نهاية العمل بتفاصيله الدقيقة،

وبناء على ذلك ارسم خطتك التنفيذية، فإن قدر الوضوح والدقة في تصورك لهدفك، يساعد كثيرًا في الوصول إليه.
- وتذكرت معنى الخطة التنفيذية (التشغيلية).


قالت: في الوقت المحدد يبدأ العمل وفي الوقت المحدد لنهايته (يجب) أن ينتهي.
قالت: فإذا انتهى العمل، وجاء الضيوف نبدأ بالمرحلة التالية وهي الغداء وكل ما خططنا له بكل حذافيره، ونمنع الاجتهاد من أي طرف (خاصة أنت لابد أن تترك اجتهاداتك جانبا) حتى لا تتلخبط الأمور.. صح ولا عندك اعتراض.

الآن فعلًا أيقنت أني أمام عقلية رغم بساطتها، لكنها تضع خطة عمل بسيطة وسليمة للغاية.

وأدركت أن المرأة هي المدير التنفيذي في (مؤالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهة) المنزل، وأنا.. الرئيس.

فكما يجب عليها طاعتي في تنفيذ رؤيتي ورغباتي...
ومن غير نقاش (إلا أحيانًا)، وذلك خوفًا أن تعيقني عن غايات وأهداف بعيدة أنا أفكر فيها، وهي لا تدركها، فمنعا من حدوث ذلك واستباقًا للأحداث، وقطعا للطريق عليها، اضطر لأن أكلفها بالتنفيذ، من غير نقاش، وأمارس معها دكتاتورية (منزلية مبسطة ومؤقتة) لكنها مبررة ولي عذري فيها، فليس كل دكتاتورية مرفوضة، بل قد تجب خصوصا وقت الأزمات والطوارئ.

قالت بضيق: يا ليتني أعرف أين يشرد ذهنك عني..
هل هذا وقت تفكر فيه (بغيري) ؟ 

فانفجرت ضاحكًا..
وقلت لها: (أنت فين وأنا فين) يا لله واصلي الشرح يا سيادة المديرة (أقصد مديرة البيت والمطبخ) انتن هكذا معاشر النساء.

قالت: فإذا تغدا الضيوف وانصرفوا، نبدأ في التجهيز للمرحلة الأخيرة من العمل، وهي إعادة الأوضاع في المطبخ إلى ما كانت عليه كالتالي:
- نحدد العمل
- نوزعه بيننا
- نحدد زمن البداية وزمن النهاية.

فتذكرت مراحل العمل، وان المرحلة التالية، يجب ألا تبدأ إلا بعد الانتهاء من المرحلة الأولى،

فأي تداخل بينها قدر يربك ويخرب أكثر من أن يصلح.

وإن شئت قل هكذا :
مداخلات المرحلة الثانية هي مخرجات المرحلة الأولى …
ومداخلات المرحلة الثالثة هي مخرجات المرحلة الثانية … 


قالت: هذا يا سيدي المدير كل ما في الأمر.
ثم قلت لها رائع فعلًا..
قلتها مع إعجابي بلفظة سيدي؛ لأنها تهاجمني من أول الكلام وتزعم أن لديها علما غزيرا تتطاول علي به.

طبعًا لا أخفيكم، في هذه اللحظة انبسطت غاية الانبساط…
 من البساطة في التفكير والتلقائية في الطرح والوضوح في الأهداف والإجراءات والمراحل والإمكانيات...
شيء عجيب فعلًا.

وتساءلت هل نستطيع أن ندير مؤسساتنا ومنشآتنا بهذه البساطة؟
أم ترى هل نضطر إلى أخذ دورات قصيرة في فن بساطة الإدارة المطابخ عند نساءنا في البيوت؟

قلت لها: مذكرًا لا معاتبًا؛ لأني أحسب أنها أنهت كل ما يجب عليها من أساسيات التخطيط .

قلت لها: لقد نسيت شيئًا مهمًا، وهو أهم شيء تركزين عليه بعد كل وليمة .
قالت: وما هو؟
قلت: حاولي تعرفين .

ففكرت قليلًا ثم قالت ضاحكة..
غديت ضيوفك وروحوا.. والسلام..
بقي ترضى أنت، وهو أهم شي عندي .

قلت: يا مديرة المطابخ..
وربة البيت السعيد..
بعد كل وليمة تسأليني بالتفصيل عن مستوى الغداء …وهل أعجبهم؟ وكم التكاليف؟ وهل نفس الذي حددنا أم لا؟ « صح » .

قالت: أوووه.. والله صح... 
كيف نسيت ؟
وهيأ أمتع لحظة عندي؛ لأني اشعر بالإنجاز وتحقيق الهدف، وبصراحة مادام تكلمت..
أنا دائما افتح معك الموضوع؛ لأني أريد أن أسمع منك اكبر قدر من كلمات الثناء والإعجاب عن طبخي وعن طاعتي لك وإكرامي لضيوفك، وعن حسن تدبيري.

وأنا أعتب عليك بصراحة.. بصراحة أنك تنسى تقول لي هذا الكلام على بساطته وعظيم أثره عندي.
حينها، استشعرت أمورا مهمة في علم الإدارة منها:

ضرورة تقييم العمل بعد الإنجاز ومقارنة المداخلات بالمخرجات وقياس الانحراف، وهل حقق الهدف ومستوى التحقيق وهل يبرر المصروف عليه من التعب والمال.
عامل التحفيز مهم.. مهم للغاية؛ لأنه من المبادئ الإدارية التي تجعل العامل يتفانى في تقديم الخدمة وينفذ الأوامر القادمة بكل حماس.

وللعلم هذا العامل (التحفيز) ينساه الكثير من المدراء ( كما نسيته أنا، غفلة لا تعمدًا ) ويهتمون بإنجاز الأعمال على حساب العاملين ، فهل تحتاج أن يذكروك أو يعاتبوك ، كما فعلت معي زوجتي .

قلت لها: بقي أمر واحد فقط وأخير .

قالت: لحظة ذكرتني بأمر مهم...
تأكد إني لن اسمع لك أي أمر برغبة تامة، إلا إذ رضيت عن جهدي وعبرت لي عن ذلك، وإلا فاني سأطيعك لعظيم حقك علي، لكنها طاعة جافة، منزوعة الرغبة والإبداع والتفنن والابتكار في طرق رضاك، لقد قتلت كل هذا بيديك، بسبب بخلك بمجرد كلام، فلا تلمني حينها، ووجه اللوم إلى نفسك وأسلوبك الخشن في إدارة شئون المنزل.

قلت: الأمر الأخير..
هل كنت تلاحظين أني كل مرة يأتينا الضيوف أو حينما أكلفك بأي مهمة أخرى، كنت دائما أمر عليك قبل انتهاء العمل بساعة على الأقل، لا تأكد أن كل شي على ما يرام.

قالت: نعم وما العجب في ذلك... كنت أحيانا أحب هذه الزيارة، وأحيانا أتضايق منها.

أحبها لأني اشعر بالدعم والثقة، وأنك معي إذا حصل خلل أو خطأ أو نقص ما، وأتضايق خوفا من النقد إذا لاحظت خطأ ما.

حينها تذكرت :

ما يسمى بالرقابة الإدارية (أثناء العمل) وأن أشهر أنواع الرقابة صنفان : «أثناء العمل وبعد العمل ».

فإما ما يكون منها أثناء العمل، فانه يعطي فرصة سانحة لتفادي الأخطاء الصغيرة وربما الجسيمة، ويوفر من المال والجهد الشيء الكثير.

وأما رقابة بعد العمل فهي تقييميه لن تتفادى الأخطاء الماضية، لكنها تكسب منها العبر لتفاديها في المرات اللاحقة.

لاحظت أن كثير من المدراء يهملون النوع الأول من الرقابة، فيستفحل الخطأ وهم مشغولون عنه بأمور أخرى، فلا تسل كم تتحمل المؤسسات والمنشآت من الأخطاء الرقابية القاتلة .


وفي الأخير:
وبعد هذا الحوار الساخن، أدركت أن كل الناس يفهمون الإدارة بطرقهم الخاصة، كأنها فطرة الله التي فطر الناس عليها. فيستطيع الناس امتلاك الحد الذي يستطيعون به تسيير أمور حياتهم، رحمة من الله وفضل حتى لا يضطرون لأخذ (كورسات) مخففة أو مكثفة في الإدارة من أجل ذلك.


وما عملته الإدارة الحديثة هو تأصيل هذا العلم الفطري، وتطويره أكثر وجعله ذي كفاءة وفعالية أكبر وأن يكون مناسبا لمواجهة تحديات العصر وإدارة المنشآت الصغيرة والكبيرة وحتى المنظمات عابرات القارات، وحكومات الدول ما صغر منها وما كبر، والتنظيمات المعقدة ما ظهر منها وما بطن.


🤗 أتمنى أن تنال إعجابكم مثل ما نالت إعجابي 🥰

الحكاية : زوجة ببساطة وعفوية تشرح علم الإدارة لزوجها هذي هي المراءه او الانثى ان أعدادها اعدادتا شعباً طيب الاعراقي الأم والجدة والاخت والخالة والعمة والزوجة والبنت والحفيدة .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

   ¸.•♥•.¸¸.•♥•(☜♥ⓛⓞⓥⓔ♥☞) •♥•.¸¸.•♥•.¸

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها

أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ

الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا

بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ

الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُل

شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ

https://alsaieb43ff.blogspot.com/?m=0  https://alshaieb43f.blogspot.com/?m=1







الأربعاء، 29 مايو 2013

حديث : « الأرضُ كُلُّها مَسْجِدٌ إلاَّ المَقْبَرَة والحمَّامَ »

مسند أحمد بن حنبل- سنن أبي داوود- سنن الترمڈي- سنن ابن ماجة- صحيح ابن حبان- الحاكم عن / أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: « الأرضُ كُلُّها مَسْجِدٌ إلاَّ المَقْبَرَة والحمَّامَ »
[ صحيح • انظر الحديث رقم -٢٧٦٧- في صحيح الجامع ]
الشـــرح :
٣٠٤٨ - (الأرض كلها مسجد) أي محل للسجود (إلا الحمام والمقبرة) فإنهما غير محل للصلاة فيهما تنزيها وتصح ما لم تتبين نجاسة محل منها للصلاة كما لو نبشت المقبرة هذا ما عليه الشافعية وأخذ أحمد بظاهره فأبطل الصلاة فيهما مطلقا ومنع بأن التأكيد بكل ينفي المجاز فدل على الصحة فيهما عند التحرز من النجاسة قال ابن حجر رحمه الله: وهذا الحديث يعارضه عموم الخبر المتفق عليه وجعلت الأرض طيبة وطهورا ومسجدا قال الرافعي: واحتج بهذا بعض أصحابنا على أنه لو قال جعلت هذه الأرض مسجدا لا تصير وقفا مسجدا بمجرد هذا اللفظ
(حم د ت هـ حب ك) كلهم في الصلاة وكذا البزار (عن أبي سعيد) الخدري قال الترمذي: حديث في اضطراب وتبعه عبد الحق وضعفه جمع قال النووي رحمه الله والذي ضعفوه أتقن من الحاكم الذي صححه وقال ابن حجر في تخريج الشرح هو حديث مضطرب وقال في تخريج المختصر رجاله ثقات لكن اختلف في وصله وإرساله وحكم مع ذلك بصحته الحاكم وقال في تخريج الهداية قال الترمذي: فيه اضطراب أرسله سفيان ووصله حماد واختلف فيه علي بن إسحاق وصححه ابن حبان والحاكم قال: ويعارضه عموم قوله في حديث جابر وجعلت لي الأرض طيبة وطهورا ومسجدا متفق عليه وفي حديث أبي أمامة وجعلت لي الأرض كلها مسجدا اه. وقال ابن تيمية: أسانيده جيدة ومن تكلم فيه ما استوفى طرقه .



الاثنين، 20 مايو 2013

سنن سعيد بن منصور- مسند أحمد بن حنبل عن / محمود بن لبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم : « اثنتان يَكْرَهُهُما ابنُ آدَمَ: يَكْرَهُ المَوْتَ والمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ منَ الفِتْنَةِ وَيَكْرَهُ قِلَّةَ المالِ وقِلَّةُ المالِ أقَلُّ لِلْحِسابِ » [صحيح • انظر الحديث رقم -١٣٩- في صحيح الجامع ]

الشـــرح :
١٦٦ - (اثنان يكرههما ابن آدم) غالبا قيل: وما هما قال: (يكره الموت) أي نزوله به (والموت) أي موته (خير له من الفتنة) أي الكفر والضلال أو الإثم أو الاختبار والامتحان ونحوهما وذلك لأنه مادام حيا لا يأمن الوقوع في ذلك ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ومن غير الغالب من أتحفه الله بلطف من عنده فحبب إليه الموت كما حببه لسحرة فرعون حين قال لأقطعن أيديكم فكشف لهم عما أعد لهم فقالوا لا ضير وكما لوى على علي كرم الله وجهه رعيته حتى شاقوه وقاتلوه مع كونه الإمام الحق حتى أخذ بلحيته قائلا: ما يحبس أشقاها أن يخضب هذه من هذه وأشار بيده إلى رأسه. قال الراغب: والفتنة من الأفعال التي تكون من الله تعالى كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب وغير ذلك من الأفعال الكريهة انتهى وقد تكون الفتنة في الدين كالارتداد والمعاصي وإكراه الغير على المعاصي وإليه أشار المصطفى بقوله " إذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون (ويكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب) يعني السؤال عنه كما في خبر " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسئل عن أربع " وفيه عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه أي ولو حلالا وسمى المال مالا لأنه يميل القلوب عن الله تعالى قال الراغب: والحساب استعمال العدد
(ص حم) وكذا أبو نعيم والديلمي (عن محمود بن لبيد) الأنصاري قال في الكشاف: ولد في حياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورواياته مرسلة وفي أسد الغابة نحوه قال المنذري: رواه أحمد بإسنادين رواة أحدهما محتج بهم في الصحيح قال ومحمود له رواية ولم يصح له سماع وقال الهيتمي خرجه أحمد بإسنادين أحدهما رجاله رجال الصحيح انتهى ومن ثم رمز المصنف لصحته هنا وقال في الكبير صحيح انتهى لكن عرفت أنه مرسل .

هل يجوز أن يتولى عقد النكاح ولي متأخر في الترتيب لأسباب اجتماعية

هل يجوز أن يتولى عقد النكاح ولي يتأخر في الترتيب عن الولي ، الأصلي في أثناء وجوده ، لأسباب اجتماعية ؟

الجواب :
الحمد لله
أولا :
الولاية في النكاح أمر عظيم له خطره ، شرعه الله عز وجل لعباده ، صيانة للمرأة ، ورعاية لحقها ، ونظرا لمصلحتها ، فلم يعطها أن تتولى بنفسها عقد النكاح ، لها أو لغيرها ، ولم يسمح لها أن تختار وليها في النكاح ، أو وكيلها فيه ، بل هو مرتب ترتيبا شرعيا ، وليس من وضع العباد .
قال البهوتي رحمه الله :
"ويقدم أبو المرأة" الحرة "في إنكاحها" ؛ لأنه أكمل نظرا وأشد شفقة ، "ثم وصيه فيه" ، أي : في النكاح ، لقيامه مقامه ، " ثم جدها لأب وإن علا " : الأقرب فالأقرب ؛ لأن له إيلادا وتعصيبا ، فأشبه الأب ، "ثم ابنها ، ثم بنوه وإن نزلوا" : الأقرب فالأقرب ، لما روت أم سلمة أنها لما انقضت عدتها أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها فقالت: يا رسول الله ليس أحد من أوليائي شاهدا قال: "ليس من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك" فقالت: قم يا عمر فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه رواه النسائي " ، ثم أخوها لأبوين ، " ثم لأب ، كالميراث " ، ثم بنوهما كذلك " وإن نزلوا ؛ يقدم من لأبوين على من لأب إن استووا في الدرجة ، الأقرب فالأقرب " ، ثم عمها لأبوبن ، ثم لأب لما تقدم ، ثم بنوهما كذلك ، على ما سبق في الميراث ، " ثم أقرب عصبته بسبب ، كالإرث " ، فأحق العصبات بعد الإخوة بالميراث : أحقهم بالولاية ؛ لأن مبنى الولاية على الشفقة والنظر ، وذلك معتبر بمظنته وهو القرابة ، " ثم المولى المنعِم " بالعتق ، لأنه يرثها ويعقل عنها ، "ثم أقرب عصبته نسبا" على ترتيب الميراث ، ثم إن عدموا فعصبة ولاء على ما تقدم ، "ثم السلطان" ، وهو الإمام أو نائبه قال أحمد: والقاضي أحب إلي من الأمير في هذا فإن عدم الكل زوجها ذو سلطان في مكانها.. " انتهى من "الروض المربع (335-336) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" جهات الولاية في عقد النكاح خمس، أبوة، ثم بنوة، ثم أخوة، ثم عمومة، ثم ولاء، فإن كانوا في جهة واحدة قدم الأقرب منزلة، والأقرب هو الذي يجتمع مع الآخر قبل المحجوب، فمن بينه وبين الجد ثلاثة أقرب ممن بينه وبين الجد أربعة، وهلم جرّاً، فإن كانوا في منزلة واحدة فالأقوى، فأخ شقيق وأخ لأب، الولي الأخ الشقيق " انتهى من الشرح الممتع (12/84) .
ثانياً :
الواجب مراعاة الترتيب بين الأولياء ، على ما ذكر ، فلا يجوز أن يتقدم الولي الأبعد على الولي الأقرب في عقد النكاح .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" إذا زوجها الولي الأبعد مع حضور الولي الأقرب ، فأجابته إلى تزويجها من غير إذنه : لم يصح . وبهذا قال الشافعي .
وقال مالك : يصح لأن هذا ولي له أن يزوجها بإذنها كالأقرب .
ولنا : أن هذا مستحق بالتعصيب ، فلم يثبت للأبعد مع وجود الأقرب ؛ كالميراث . وبهذا فارق القريب البعيد " انتهى من " المغني " (7/364) ، وينظر: "الموسوعة الفقهية" (33/90).
وقال البهوتي رحمه الله :
"وإن زوج الأبعد أو" زوج "أجنبي" ولو حاكما "من غير عذر" للأقرب "لم يصح" النكاح لعدم الولاية من العاقد عليها مع وجود مستحقها " . انتهى من "الروض المربع" (336) .
ومن الأعذار التي تبيح تخطي الولي الأقرب ، إلى من هو أبعد منه في عقد النكاح : ألا يكون أهلا لأن يعقد ذلك .
قال الحجاوي رحمه الله في "زاد المستقنع" :
" فَإِنْ عَضَلَ الأَقْرَبُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلاً، أَوْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً لاَ تُقْطَعُ إِلاَّ بِكُلْفَةٍ، وَمَشَقَّةٍ زَوَّجَ الأَبْعَدُ " .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه :
" قوله: «أهلاً» يعني ليس أهلاً للولاية، مثل أن يكون صغيراً أو فاسقاً، أو مخالفاً في الدين، أو ما أشبه ذلك؛ فإن وجود من ليس بأهل كالعدم لا فائدة من وجوده " انتهى من الشرح الممتع (12/89) .
والحاصل : أن الولي الأبعد لا يجوز أن يعقد النكاح ، مع وجود الولي الأقرب ، إلا أن يكون هناك عذر شرعي يبيح ذلك .
فإن كانت الأسباب الاجتماعية المشار إليها في السؤال تمنع الولي الأقرب من عقد النكاح ، كأن يكون سفيها ، لا يحسن التصرف ، أو يكون فاسقا ، أو غير ذلك من الأعذار الشرعية : جاز أن يعقد النكاح من هو أبعد منه .
وأما إذا كانت الأسباب الاجتماعية لا تعلق لها بالمانع الشرعي : فإنه لا عبرة بها ، ولا يجوز التذرع بها لتخطي مقام الولي الأقرب ، وتعدي حقه في الولاية التي جعلها الشرع له .
فإذا احتاج الناس ، لسبب ما ، أن يعقد النكاح من هو أبعد ، ورضي الولي الأقرب بذلك : فللولي الأقرب أن يوكل ذلك البعيد ، أو غيره ممن يصلح لعقد النكاح ، حتى ولو لم تكن له ولاية أصلا .
سئل علماء اللجنة :
" أحيانا يعقد للمرأة أخوها ، مع وجود والدها أو جدها ، تفويضا وموافقة ، فهل يصح العقد على تلك الصيغة ؟ أي يعقد الولي الأدنى مع وجود الولي الأعلى وموافقته ؟ " .
فأجابوا :
" إذا عقد الولي الأبعد للمرأة في النكاح مع وجود الولي الأقرب ، بدون عذر شرعي للولي الأقرب ، ولا وصية منه : فإن عقده باطل ، ولا يصح معه النكاح ؛ لأنه لا ولاية له على المرأة ، مع وجود مستحقها وهو الولي الأقرب منه .
لكن من يحق له أن يعقد للمرأة ، إذا تنازل عن الولاية لمن هو أدنى منه ، أو أوصى من هو أهل للولاية بأن يعقد لموليته : جاز عقده ، وصح النكاح ؛ لأنه حق له تنازل عنه لمن وكله فقام مقامه .
وعلى ذلك : فإنه يجوز للأخ أن يلي عقد أخته ، إذا وكله وفوضه وليها الأحق بعقد نكاحها. وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى من فتاوى اللجنة (18/174) .


موقع الإسلام سؤال وجواب
http://islamqa.info/ar/ref/150788&b=4&f=norefer

قال جل جلاله في سورة النساء : { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) }

التفسير الميسر :
وأعطوا النساء مهورهن, عطية واجبة وفريضة لازمة عن طيب نفس منكم. فإن طابت أنفسهن لكم عن شيء من المهر فوهَبْنه لكم فخذوه, وتصرَّفوا فيه, فهو حلال طيب.


في تفسير الجلالين 
{ وَءَاتُواْ } أعطوا { ٱلنّسَاءَ صَدُقَٰتِهِنَّ } جمع (صَدُقَة) ( مهورهن) { نِحْلَةً } مصدر عطية عن طيب نفس { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْءٍ مّنْهُ نَفْساً } تمييز محول عن الفاعل، أي طابت أنفسهن لكم عن شيء من الصداق فوهبنه لكم { فَكُلُوهُ هَنِيئاً } طيباً { مَّرِيئاً } محمود العاقبة لا ضرر فيه عليكم في الآخرة نزلت ردًّا على من كره ذلك.


وفي تفسير السعدي :
ولما كان كثير من الناس يظلمون النساء ويهضمونـهن حقوقهن، خصوصا الصداق الذي يكون شيئا كثيرًا، ودفعة واحدة، يشق دفعه للزوجة، أمرهم وحثهم على إيتاء النساء ( صَدُقَاتِهِنَّ ) أي: مهورهن ( نِحْلَةً ) أي: عن طيب نفس، وحال طمأنينة، فلا تمطلوهن أو تبخسوا منه شيئا. وفيه: أن المهر يدفع إلى المرأة إذا كانت مكلفة، وأنـها تملكه بالعقد، لأنه أضافه إليها، والإضافة تقتضي التمليك.

( فَإِنْ طِبْنَ لَكُم عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ ) أي: من الصداق ( نَفْسًا ) بأن سمحن لكم عن رضا واختيار بإسقاط شيء منه، أو تأخيره أو المعاوضة عنه. ( فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) أي: لا حرج عليكم في ذلك ولا تبعة.

وفيه دليل على أن للمرأة التصرف في مالها -ولو بالتبرع- إذا كانت رشيدة، فإن لم تكن كذلك فليس لعطيتها حكم، وأنه ليس لوليها من الصداق شيء، غير ما طابت به.


قال القرطبي فيه عشر مسائل:
الأُولى ـ قوله تعالى: { وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ } الصّدُقات جمعٌ، الواحدة صَدُقة. قال الأخفش: وبنو تميم يقولون صُدْقة والجمع صُدْقات، وإن شئت فتحت وإن شئت أسكنت. قال المازنيّ: يقال صِداق المرأة (بالكسر)، ولا يقال بالفتح. وحكى يعقوب وأحمد بن يحيى بالفتح عن النحاس. والخِطاب في هذه الآية للأزواج؛ قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد وابن جريج. أمرهم الله تعالى بأن يتبرّعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم. وقيل: الخِطاب للأولياء؛ قاله أبو صالح. وكان الوليّ يأخذ مهر المرأة ولا يعطيها شيئاً، فنُهُوا عن ذلك وأمِروا أن يدفعوا ذلك إليهن. قال في رواية الكلبيّ: إن أهل الجاهلية كان الوليّ إذا زوّجها فإن كانت معه في العِشرة لم يعطها من مهرها كثيراً ولا قليلا، وإن كانت غريبة حملها على بعير إلى زوجها ولم يعطها شيئاً غير ذلك البعير؛ فنزل: { وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً }. وقال المُعْتَمِر بن سليمان عن أبيه: زعم حضرميّ أن المراد بالآية المتَشَاغِرون الذين كانوا يتزوّجون ٱمرأة بأُخرى، فأُمِروا أن يضربوا المهور. والأوّل أظهر؛ فإن الضمائر واحدة وهي بجملتها للأزواج فهم المراد؛ لأنه قال: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ } إلى قوله: { وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً }. وذلك يوجب تناسق الضمائر وأن يكون الأوّل فيها هو الآخر.

الثانية ـ هذه الآية تدلّ على وجوب الصداق للمرأة، وهو مُجَمعٌ عليه ولا خلاف فيه إلا ما روي عن بعض (أهل العلم) من أهل العراق أن السيّد إذا زوّج عبده من أَمَته أنه لا يجب فيه صداق؛ وليس بشيء؛ لقوله تعالى: { وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } فعمّ. وقال: 
{ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ }

[النساء: 25] وأجمع العلماء أيضاً أنه لا حَدّ لكثيره، واختلفوا في قليله على ما يأتي بيانه في قوله: 
{ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً }

[النساء: 20]. وقرأ الجمهور «صَدُقَاتِهِنّ» بفتح الصاد وضم الدال. وقرأ قتادة «صُدْقاتِهِن» بضم الصاد وسكون الدال. وقرأ النَّخَعيّ وابن وَثّاب بضمهما والتوحيد «صُدُقَتَهُنّ».
الثالثة ـ قوله تعالى: { نِحْلَةً } النِّحلة والنُّحلة، بكسر النون وضمها لغتان. وأصلها من العطاء؛ نحلْتُ فلاناً شيئاً أعطيته. فالصداق عطِيّة من الله تعالى للمرأة. وقيل: «نِحْلة» أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تنازع. وقال قتادة: معنى «نِحلة» فريضة واجبة. ابن جُريج وابن زيد: فريضةً مُسَمّاةً. قال أبو عبيد؛ ولا تكون النِّحلة إلا مسمّاة معلومة. وقال الزجاج: «نحلة» تَديُّناً. والنِّحلة الديانة والمِلّة. يقال: هذا نِحلته أي دينه. وهذا يحسن مع كون الخطاب للأولياء الذين كانوا يأخذونه في الجاهلية، حتى قال بعض النساء في زوجها: 
لا يأخذُ الحُلْوانَ من بناتنا   

تقول: لا يفعل ما يفعله غيره. فانتزعه الله منهم وأمر به للنساء.
و «نِحْلَةً» منصوبة على أنها حال من الأزواج بإضمار فعل من لفظها تقديره أنحلوهن نِحلة. وقيل: هي نصب على التفسير. وقيل: هي مصدر على غير الصدر في موضع الحال.

الرابعة ـ قوله تعالى: { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً } مخاطبة للأزواج، ويدل بعمومه على أن هِبة المرأة صدَاقها لزوجها بِكْراً كانت أو ثيّبا جائزة؛ وبه قال جمهور الفقهاء. ومنع مالكٌ من هِبة البِكر الصّداقَ لزوجها وجعل ذلك للوَلِيّ مع أن المِلك لها. وزعم الفرّاء أنه مخاطبة للأولياء؛ لأنهم كانوا يأخذون الصداق ولا يُعطون المرأة منه شيئاً، فلم يُبَح لهم منه إلاّ ما طابت به نفس المرأة. والقول الأوّل أصح؛ لأنه لم يتقدّم للأولياء ذِكْر، والضمير في «مِنْهُ» عائد على الصداق. وكذلك قال عِكرمة وغيره. وسبب الآية فيما ذُكِر أن قوماً تحرّجوا أن يرجع إليهم شيء مما دفعوه إلى الزوجات فنزلت { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ }.

الخامسة ـ وٱتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها، ولا رجوع لها فيه. إلا أن شُرَيْحَا رأى الرجوع لها فيه، واحتج بقوله: { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً } وإذا كانت طالبة له لم تطب به نفساً. قال ابن العربيّ: وهذا باطل؛ لأنها قد طابت وقد أكل فلا كلام لها؛ إذ ليس المراد صورة الأكل، وإنما هو كناية عن الإحلال والاستحلال، وهذا بَيّن.

السادسة ـ فإن شرطت عليه عند عقد النكاح ألاّ يتزوّج عليها، وحطّت عنه لذلك شيئاً من صداقها، ثم تزوّج عليها فلا شيء لها عليه في رواية ابن القاسم؛ لأنها شرطت عليه ما لا يجوز شرطه. كما اشترط أهل بَرِيرَةَ أن تعتقها عائشة والولاء لبائعها، فصحّح النبيّ صلى الله عليه وسلم العقد وأبطل الشرط. كذلك هٰهنا يصحّ إسقاط بعضِ الصداق عنه وتبطل الزيجة. وقال ابن عبد الحكم: إن كان بقي من صداقها مثلُ صداق مثلها أو أكثرُ لم ترجع عليه بشيء، وإن كانت وَضعت عنه شيئاً من صداقها فتزوّج عليها رجعت عليه بتمام صداق مثلها؛ لأنه شَرط على نفسه شرطاً وأخذ عنه عِوَضاً كان لها واجباً أخذه منه، فوجب عليه الوفاء لقوله عليه السلام:

" المؤمنون عند شروطهم ".
السابعة ـ وفي الآية دليل على أن العتق لا يكون صداقاً؛ لأنه ليس بمال؛ إذْ لا يمكن المرأة هبته ولا الزوج أكله. وبه قال مالك وأبو حنيفة وزُفَر ومحمد والشافعي. وقال أحمد بن حنبل وإسحاق ويعقوب: يكون صداقاً ولا مهر لها غير العتق؛ على حديث صفية ـ رواه الأئمة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أعتقَها وجعل عتقَها صداقَها. ورُوي عن أنَس أنه فَعَله، وهو راوي حديث صَفِيّة. وأجَاب الأوّلون بأن قالوا: لا حجة في حديث صَفِيّة؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان مخصوصاً في النكاح بأن يتزوّج بغير صداق، وقد أراد زينَبَ فحُرمت على زيد فدخل عليها بغير وليّ ولا صداق.
فلا ينبغي الاستدلال بمثل هذا؛ والله أعلم.

الثامنة ـ قوله تعالى: { نَفْساً } قيل: هو منصوب على البَيَان. ولا يجيز سيبويه ولا الكُوفِيّون أن يتقدّم ما كان منصوباً على البَيَان، وأجاز ذلك المَازِنيّ وأبو العباس المُبردّ إذا كان العاملُ فِعْلاً. وأنشد: 
ومـا كـان نفْسـاً بِالفُرَاقِ تَطِيـبُ   

وفي التنزيل { خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ } [القمر: 7] فعلى هذا يجوز «شَحْماً تفَقّأت. ووجهاً حَسُنت». وقال أصحاب سيبويه: إن «نفسا» منصوبة بإضمار فعل تقديره أعني نفساً، وليست منصوبة على التمييز؛ وإذا كان هذا فلا حجة فيه. وقال الزجاج. الرواية: 
ومـا كـان نفسـي...   

وٱتفق الجميع على أنه لا يجوز تقديم المميز إذا كان العامل غير متصرّف كعشرين درهماً.
التاسعة ـ قوله تعالى: { فَكُلُوهُ } ليس المقصود صورةَ الأكل، وإنما المراد به الاستباحةُ بأيّ طريق كان، وهو المعنيُّ بقوله في الآية التي بعدها 
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَامَىٰ ظُلْماً }

[النساء: 10]. وليس المراد نفسَ الأكل؛ إلا أن الأكل لما كان أوفى أنواعِ التمتُّع بالمال عُبِّر عن التصرفات بالأكل. ونظيره قوله تعالى: 
{ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ }

[الجمعة: 9] يعلم أن صورة البيع غيرُ مقصودة، وإنما المقصود ما يشغله عن ذكر الله تعالى مثل النكاح وغيره؛ ولكن ذُكر البيعُ لأنه أهمّ ما يشتغل به عن ذكر الله تعالى.
العاشرة ـ قوله تعالى: { هَنِيئاً مَّرِيئاً } منصوب على الحال من الهاء في «كُلُوهُ» وقيل: نعت لمصدر محذوف، أي أكلاً هنيئاً بطيب الأنفس. هَنَأه الطعام والشّراب يَهْنَئُه، وما كان هنيئاً؛ ولقد هَنُؤَ، والمصدر الهِنْءُ. وكل مالم يأت بمشقّة ولا عناء فهو هنِيءٌ. وهَنِيءٌ اسم فاعل من هَنُؤَ كظريف من ظَرُف. وهَنِيء يهْنأ فهو هَنِيء على فَعِل كزَمِن. وهَنأَنِي الطعام ومَرأني على الإتباع؛ فإذا لم يذكر «هَنأني» قلت: أمرأني الطعام بالألف، أي ٱنهضم. قال أبو عليّ: وهذا كما جاء في الحديث:

" ٱرجعنَ مأزُورَات غيرَ مأجورات "
فقلبوا الواو من «مَوْزورات» ألِفاً إتباعاً للفظ مأجورات. وقال أبو العباس عن ابن الأعرابيّ: يقال هَنِيء وهَنأنِي ومَرأَنِي وأمرأنِي ولا يقال مرئني؛ حكاه الهَروِيّ. وحكى القُشيريّ أنه يقال: هنئني ومَرِئني بالكسر يَهْنَأني ويَمْرَأني، وهو قليل. وقيل: «هَنِيئاً» لا إثم فيه، و «مَرِيئاً» لا داء فيه. قال كثير: 
هَنِيئاً مَرِيئاً غيرَ داء مُخامِر   لِعَزّة من أعْراضِنا ما ٱستَحَلَّتِ

ودخل رجل على علقمة وهو يأكل شيئاً وهبته ٱمرأته من مهرها فقال له: كل من الهَنِيءِ المَرِيءِ. وقيل: الهَنيءُ الطيِّب المساغ الذي لا يَنغِّصه شيء، والمريء المحمود العاقبة، التام الهضم الذي لا يضر ولا يؤذِي. يقول: لا تخافون في الدنيا به مطالبة، ولا في الآخرة تَبِعَة. يدل عليه ما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ } فقال:
" إذا جادت لزوجها بالعطية طائعةً غير مُكرهة لا يقضي به عليكم سلطان، ولا يؤاخذكم الله تعالى به في الآخرة "
وروي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا اشتكى أحدكم شيئاً فليسأل امرأته درهماً من صداقها، ثم ليشتر به عسلاً فليشربه بماء السماء؛ فيجمع الله عز وجل له الهنيءَ والمَرِيءَ والماء المبارك. والله أعلم.


قال البغوي :
( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) قال الكلبي ومجاهد: هذا الخطاب للأولياء، وذلك أن وليّ المرأة كان إذا زوجها فإن كانت معهم في العشيرة لم يعطها من مهرها قليلا ولا كثيرًا، وإن كان زوجها غريبًا حملوها إليه على بعير ولم يعطوها من مهرها غير ذلك. فنهاهم الله عن ذلك وأمرهم أن يدفعوا الحق إلى أهله.

[قال الحضرمي: كان أولياء النساء يُعطي هذا أُخته على أن يعطيه الآخرُ أُخته، ولا مهرَ بينهما، فنُهوا عن ذلك وأمروا بتسمية المهر في العقد. أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن الشِّغَار".

والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوج الرجل الآخر ابنته، وليس بينهما صداق" 

وقال الآخرون: الخطاب للأزواج أمروا بإيتاء نسائهم الصداق، وهذا أصح، لأن الخطاب فيما قبل مع الناكحين، والصَّدُقَات: المهور، واحدها صدقة ( نِحْلَة ) قال قتادة: فريضةً، وقال ابن جريج: فريضة مسماة، قال أبو عبيدة: ولا تكون النحلة إلا مسماة معلومة، وقال الكلبي: عطية وهبة، وقال أبو عبيدة: عن طيب نفس]  ، وقال الزجاج: تدينا.

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل، أنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا الليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"  .

( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا ) يعني: فإن طابت نفوسُهن بشيء من ذلك فوهبنً منكم، فنقل الفعل من النفوس إلى أصحابها فخرجت النفس مفسرا، فلذلك وحد النفس، كما قال الله تعالى:  وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا ( هود -77 )( العنكبوت -33 )  وَقَرِّي عَيْنًا  ( مريم -26 ) وقيل: لفظها واحد ومعناها جمع، ( فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) سائغًا طيبًا، يقال هنأ في الطعام يهنأ بفتح النون في الماضي وكسرها في الباقي  ، وقيل: الهنأ: الطيب المساغ الذي لا ينغصه شيء، والمريء: المحمود العاقبة التام الهضم الذي لا يضر، قرأ أبو جعفر ( هَنِيئًا مَرِيئًا ) بتشديد الياء فيهما من غير همز، وكذلك "بري" ، "وبريون" ، "وبريا"وكهية" والآخرون يهمزونها.


قال ابن كثير 
وقوله: ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: النحلة: المهر.

وقال محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: نحلة: فريضة. وقال مقاتل وقتادة وابن جريج: نحلة: أي فريضة. زاد ابن جريج: مسماه. وقال ابن زيد: النحلة في كلام العرب: الواجب، يقول: لا تنكحها إلا بشيء واجب لها، وليس ينبغي لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكح امرأة إلا بصداق واجب، ولا ينبغي أن يكون  تسمية الصداق كذبا بغير حق.

ومضمون كلامهم: أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حَتمًا، وأن يكون طيب النفس بذلك، كما يمنح المنيحة ويعطي النحلة طيبًا بها، كذلك يجب أن يعطي المرأة صداقها طيبا بذلك، فإن طابت هي له به بعد تسميته أو عن شيء منه فليأكله حلالا طيبًا؛ ولهذا قال [تعالى] ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا )

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سِنان، حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِي، عن سفيان، عن السدي، عن يعقوب بن المغيرة بن شعبة، عن علي قال: إذا اشتكى أحدكم شيئًا، فَلْيسأل امرأته ثلاثة  دراهم أو نحو ذلك، فليبتع بها عسلا ثم ليأخذ ماء السماء فيجتمع هنيئًا مريئًا شفاء مباركا.

وقال هُشَيم، عن سيار، عن أبي صالح قال: كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها، فنهاهم الله عن ذلك، ونزل: ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا وكيع، عن سفيان عن عمير  الخثعمي، عن عبد الملك  بن المغيرة الطائفي، عن عبد الرحمن بن البَيْلَمَاني  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) قالوا: يا رسول الله، فما العلائق بينهم؟ قال: "ما تراضى عليه أهْلوهُم"  .

وقد روى ابن مَرْدُويه من طريق حَجَّاج بن أرْطاة، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن البَيْلمَاني  عن عمر بن الخطاب قال: خَطَبَ  رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنكحوا الأيامى" ثلاثا، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، ما العلائق بينهم؟ قال: "ما تراضى عليه أهلوهم".


قال الطبري :
القول في تأويل قوله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة، وفريضة لازمة؛ يقال منه: نحل فلان فلانا كذا، فهو ينحله نحلة ونحلا. كما:6773 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} يقول: فريضة.6774 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: أخبرني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} يعني بالنحلة: المهر.6775 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} قال: فريضة مسماة.6776 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول في قوله: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} قال: النحلة في كلام العرب: الواجب، يقول: لا ينكحها إلا بشيء واجب لها صدقة، يسميها لها واجبة، وليس ينبغي لأحد أن ينكح امرأة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا بصداق واجب، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبا بغير حق.وقال آخرون: بل عنى بقوله: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} أولياء النساء، وذلك أنهم كانوا يأخذون صدقاتهن. ذكر من قال ذلك:6777 - حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم، عن سيار، عن أبي صالح، قال: كان الرجل إذا زوج أيمة أخذ صداقها دونها، فنهاهم الله تبارك وتعالى عن ذلك، ونزلت: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} وقال آخرون: بل كان ذلك من أولياء النساء، بأن يعطي الرجل أخته الرجل، على أن يعطيه الآخر أخته، على أن لا كثير مهر بينهما، فنهوا عن ذلك. ذكر من قال ذلك:6778 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرمي أن أناسا كانوا يعطي هذا الرجل أخته ويأخذ أخت الرجل، ولا يأخذون كثير مهر، فقال الله تبارك وتعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} قال أبو جعفر: وأولى التأويلات التي ذكرناها في ذلك التأويل الذي قلناه، وذلك أن الله تبارك وتعالى ابتدأ ذكر هذه الآية بخطاب الناكحين النساء، ونهاهم عن ظلمهن والجور عليهن، وعرفهم سبيل النجاة من ظلمهن؛ ولا دلالة في الآية على أن الخطاب قد صرف عنهم إلى غيرهم. فإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذين قيل لهم: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} هم الذين قيل لهم: {وآتوا النساء صدقاتهن} وأن معناه: وآتوا من نكحتم من النساء صدقاتهن نحلة، لأنه قال في الأول: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} ولم يقل: فانكحوا، فيكون قوله: {وآتوا النساء صدقاتهن} مصروفا إلى أنه معني به أولياء النساء دون أزواجهن، وهذا أمر من الله أزواج النساء المدخول بهن والمسمى لهن الصداق أن يؤتوهن صدقاتهن دون المطلقات قبل الدخول ممن لم يسم لها في عقد النكاح صداق..القول في تأويل قوله تعالى: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} يعني بذلك جل ثناؤه: فإن وهب لكم أيها الرجال نساؤكم شيئا من صدقاتهن، طيبة بذلك أنفسهن، فكلوه هنيئا مريئا. كما:6779 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا بشر بن المفضل، قال: ثنا عمارة، عن عكرمة: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} قال: المهر.6780 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثني حرمي بن عمارة، قال: ثنا شعبة، عن عمارة، عن عكرمة، عن عمارة في قول الله تبارك وتعالى: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} قال: الصدقات.6781 - حدثني المثنى، قال: ثني الحماني، قال: ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} قال: الأزواج.6782 - حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن عبيدة، قال: قال لي إبراهيم: أكلت من الهنيء المريء! قلت: ما ذاك؟ قال: امرأتك أعطتك من صداقها.6783 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، قال: دخل رجل على علقمة وهو يأكل من طعام بين يديه، من شيء أعطته امرأته من صداقها أو غيره، فقال له علقمة: ادن، فكل من الهنيء المريء!6784 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} يقول: إذا كان غير إضرار ولا خديعة، فهو هنيء مريء كما قال الله جل ثناؤه.6785 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} قال: الصداق، {فكلوه هنيئا مريئا} 6786 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول في قوله: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} 6787 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، قال: زعم حضرمي أن أناسا كانوا يتأثمون أن يرجع أحدهم في شيء مما ساق إلى امرأته، فقال الله تبارك وتعالى: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} 6788 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} يقول: ما طابت به نفسا في غير كره أو هوان، فقد أحل الله لك ذلك أن تأكله هنيئا مريئا.وقال آخرون: بل عني بهذا القول: أولياء النساء، فقيل لهم: إن طابت أنفس النساء اللواتي إليكم عصمة نكاحهن بصدقاتهن نفسا، فكلوه هنيئا مريئا. ذكر من قال ذلك:6789 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا سيار، عن أبي صالح في قوله: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} قال: كان الرجل إذا زوج ابنته عمد إلى صداقها فأخذه، قال: فنزلت هذه الآية في الأولياء: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، التأويل الذي قلنا وأن الآية مخاطب بها الأزواج؛ لأن افتتاح الآية مبتدأ بذكرهم، وقوله: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} في سياقه.وإن قال قائل: فكيف قيل: فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا، وقد علمت أن معنى الكلام: فإن طابت لكم أنفسهن بشيء؟ وكيف وحدت النفس والمعنى للجميع، وذلك أنه تعالى ذكره قال: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} قيل: أما نقل فعل النفوس إلى أصحاب النفوس، فإن ذلك المستفيض في كلام العرب من كلامها المعروف: ضقت بهذا الأمر ذراعا وذرعا، وقررت بهذا الأمر عينا، والمعنى: ضاق به ذرعي، وقرت به عيني، كما قال الشاعر:إذا التياز ذو العضلات قلنا إليك إليك ضاق بها ذراعافنقل صفة الذراع إلى رب الذراع، ثم أخرج الذراع مفسرة لموقع الفعل. وكذلك وحد النفس في قوله: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا} إذ كانت النفس مفسرة لموقع الخبر وأما توحيد النفس من النفوس، لأنه إنما أراد الهوى، والهوى يكون جماعة، كما قال الشاعر:بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليبوكما قال الآخر:في حلقكم عظم وقد شجيناوقال بعض نحويي الكوفة: جائز في النفس في هذا الموضع الجمع والتوحيد؛ فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا وأنفسا، وضقت به ذراعا وذرعا وأذرعا، لأنه منسوب إليك، وإلى من تخبر عنه، فاكتفى بالواحد عن الجمع لذلك، ولم يذهب الوهم إلى أنه ليس بمعنى جمع لأن قبله جمعا.قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أن النفس وقع موقع الأسماء التي تأتي بلفظ الواحد مؤدية معناه إذا ذكر بلفظ الواحد، وأنه بمعنى الجمع عن الجمع.وأما قوله: {هنيئا} فإنه مأخوذ من هنأت البعير بالقطران: إذا جرب فعولج به، كما قال الشاعر:متبذلا تبدو محاسنه يضع الهناء مواضع النقبفكان معنى قوله: {فكلوه هنيئا مريئا} فكلوه دواء شافيا، يقال منه: هنأنى الطعام ومرأني: أي صار لي دواء وعلاجا شافيا، وهنئني ومرئني بالكسر، وهي قليلة، والذين يقولون هذا القول يقولون يهنأني ويمرأني، والذين يقولون هنأني، يقولون: يهنئني ويمرئني، فإذا أفردوا، قالوا: قد أمرأني هذا الطعام إمراء، ويقال: هنأت القوم: إذا علتهم، سمع من العرب من يقول: إنما سميت هانئا لتهنأ، بمعنى: لتعول وتكفي.