الأربعاء، 6 يوليو 2022

الأضحية

 






المطلب الأوَّل:

 تعريفُ الأضْحِيَّةِ ومَشْروعِيَّتُها وحِكْمَةُ المشروعيَّة وفَضْلُها 


الفرع الأوَّل: تعريف الأضْحِيَّة

الأضْحِيَّة لغةً: اسمٌ لِمَا يُضَحَّى به، أي: يُذبَحُ أيَّامَ عيدِ الأضحى، وجمعُها: الأَضاحِيُّ

الأضْحِيَّةُ اصطلاحًا: ما يُذبَحُ من بهيمةِ الأنعامِ في يومِ الأضحى إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى


الفرع الثَّاني: مشروعيَّة الأضْحِيَّة

الأضْحِيَّة مشروعةٌ.

الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ: 

نقل الإجماعَ على مشروعِيَّتِها: ابنُ قُدامة ، وابنُ دقيق العيد ، وابنُ حَجَر ، والشوكانيُّ


الفرع الثَّالث: حِكْمةُ مَشْروعيَّتِها

مِن حِكَمِ مشروعيَّةِ الأضْحِيَّة : 

1- شُكْرُ اللهِ تعالى على نِعمةِ الحياةِ.

2- إحياءُ سُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حين أمَرَه الله عزَّ اسمُه بذَبحِ الفِداءِ عن ولَدِه إسماعيلَ عليه الصَّلاةوالسَّلامُ في يومِ النَّحرِ، وأن يتذكَّرَ المؤمِنُ أنَّ صَبرَ إبراهيمَ وإسماعيلَعليهما السَّلامُوإيثارَهما طاعةَ اللهِ ومحَبَّتَه علىمحبَّةِ النَّفْسِ والولدِكانا سبَبَ الفِداءِ ورَفْعِ البلاءِ، فإذا تذَكَّرَ المؤمِنُ ذلك اقتدى بهما في الصَّبرِ على طاعةِ الله، وتقديمِمحبَّتَه عزَّ وجلَّ على هوى النَّفْسِ وشَهْوَتِها.

3- أنَّ في ذلك وسيلةٌ للتَّوسِعةِ على النَّفْسِ وأهلِ البَيتِ، وإكرامِ الجارِ والضَّيفِ، والتصَدُّقِ على الفقيرِ، وهذه كلُّها مظاهِرُللفَرَحِ والسُّرورِ بما أنعَمَ اللهُ به على الإنسانِ، وهذا تحدُّثٌ بنعمةِ الله تعالى، كما قال عزَّ اسمُه: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ[الضحى: 11]

4- أنَّ في الإراقةِ مبالغةً في تصديقِ ما أخبَرَ به اللهُ عزَّ وجلَّ؛ مِن أنَّه خَلَقَ الأنعامَ لنَفْعِ الإنسانِ، وأَذِنَ في ذَبْحِها ونَحْرِها؛لتكونَ طعامًا له.

الفرع الرابع: فَضْلُ الأضْحِيَّة

أوَّلًا: مِنَ الكِتاب

قَولُه تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32]  

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ الأضْحِيَّة مِن شعائِرِ اللهِ تعالى ومعالِمِه

ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ

عن البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عنه: قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ فإنَّما يذبحُ لنَفْسِه، ومَن ذَبَحَ بعدالصَّلاةِ فقد تَمَّ نسُكُه وأصاب سُنَّةَ المُسْلمينَ  ))

ثالثًا: أنَّ الذَّبحَ لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ؛ من أعظَمِ العباداتِ، وأجَلِّ الطاعاتِ، وقد قَرَنَ اللهُ عزَّ وجلَّ الذَّبحَ بالصَّلاةِفي عِدَّةِ مواضِعَ مِن كتابِه العظيمِ؛ لبيانِ عِظَمِه وكَبيرِ شَأنِه وعُلُوِّ مَنزِلَتِه

المطلب الثَّاني: حكم الأضْحِيَّة، وطريقةُ تعيينها

الفرع الأوَّل: حُكْمُ الأضْحِيَّة

الأضْحِيَّة سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة في المشهور ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة ، ومذهب الظَّاهريَّة ، وهو إحدىالرِّوايتينِ عن أبي يوسُفَ وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ


الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلايَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا  ))

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّه عَلَّقَ الأضْحِيَّةَ بالإرادةِ، والواجِبُ لا يُعلَّقُ بالإرادةِ

2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بكبشٍ أقرَنَ، يطَأُ في سوادٍ، ويَبْرُكُ في سوادٍ، وينظُرُفي سوادٍ؛ فأُتِيَ به ليُضَحِّيَ به، فقال لها: يا عائشةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَثم قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، ففَعَلَتْ: ثمَّ أخَذَها وأخَذَ الكَبْشَفأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثمَّ قال: باسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، ومنْ أمَّةِ محمَّدٍثم ضحَّى به  ))

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ تَضْحِيَتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أمَّتِه وعن أهلِه؛ تُجْزِئُ عن كُلِّ مَن لم يُضَحِّ، سواءٌ كان متمكِّنًا مِنَ الأضْحِيَّةِ أو غيرَمتمَكِّنٍ


ثانيًا: مِنَ الآثارِ

1- عن حُذيفةَ بنِ أُسَيدٍ، قال: ((لقد رأيتُ أبا بكرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما وما يُضَحِّيانِ عن أهلِهما؛ خَشْيَةَ أن يُسْتَنَّ بهما، فلمَّاجِئْتُ بلَدَكم هذا حَمَلَني أهلي على الجَفَاءِ بعدَ ما علِمْتُ السُّنَّةَ ))  

2- قال عِكْرَمةُ: ((كان ابنُ عبَّاسٍ يبعَثُني يومَ الأضحى بدرهمينِ أشتري له لَحْمًا، ويقول: مَن لَقِيتَ فقل: هذه أضْحِيَّةُ ابنِعبَّاسٍ))

3- عن أبى مسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (إنِّي لأَدَعُ الأضحى وإنِّي لمُوسِرٌ؛ مخافةَ أن يرى جِيراني أنَّه حَتْمٌ عليَّ) 


ثالثًا: أنَّها ذبيحةٌ لم يجِبْ تفريقُ لَحْمِها، فلم تكُنْ واجبةً، كالعقيقةِ

الفرع الثَّاني: حُكْمُ الأضْحِيَّةِ المَنذورةِ 

مَن نَذَرَ أن يُضَحِّيَ، فإنَّه يجِبُ عليه الوفاءُ بنَذْرِه، سواءٌ كان النَّذْرُ لأضْحِيَّةٍ معيَّنةٍ أو غيرِ مُعَيَّنةٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِالفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة


الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:

عن عائشةَ، رَضِيَ اللهُ عنها عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن نَذَرَ أن يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْه، ومَن نَذَرَ أن يَعْصِيَه فلايَعْصِه  ))

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ التَّضْحيةَ قُربةٌ لله تعالى، فتلْزَمُ بالنَّذرِ؛ كسائِرِ القُرَبِ  

الفرع الثَّالث: ما يحصُلُ به تعيينُ الأضْحِيَّةِ 

تَعْيِينُ الأضْحِيَّةِ يحصُلُ بشِراءِ الأضْحِيَّةِ مع النيَّةِ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة ، وقولٌ للحَنابِلة ، وبه قال ابنُ القاسِمِ مِنَ المالِكيَّة ،واختاره ابنُ تيميَّة ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ


الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

1- عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ مانوى  ))

2- عن أبي حُصَينٍ: أنَّ ابنَ الزُّبيرِ رَضِيَ اللهُ عنه رأى هَدْيًا له، فيه ناقَةٌ عَوْراءُ، فقال: إنْ كان أصابَها بعدما اشْتَرَيتُموهافأَمْضُوها، وإنْ كان أصابَها قبلَ أن تَشْتَرُوها فأَبْدِلُوها  

ثانيًا: أنَّ الفِعْلَ مع النيَّةِ يقومُ مقامَ اللَّفْظِ، إذا كان الفِعْلُ يدلُّ على المقصودِ؛ كمن بنى مسجدًا، وأَذِنَ في الصَّلاةِ فيه

ثالثًا: أنَّه مأمورٌ بشِراءِ أضْحِيَّةٍ، فإذا اشتراها بالنيَّةِ وقَعَتْ عنه كالوكيلِ


المطلب الثَّالث: شروط صحة الأضْحِيَّة

الفرع الأوَّل: أن تكونَ مِنَ الأنعامِ

يُشْتَرَط أن تكونَ الأضْحِيَّةُ مِن بهيمةِ الأنعامِ؛ وهي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ.

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ الكتاب 

قال تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28] 

ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ

1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمىوكبر، ووضع رجله على صفاحهما  ))

2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذْبَحوا إلَّا مُسِنَّةً  إلَّا أن يَعْسُرَ عليكم، فتَذْبحواجَذَعةً مِنَ الضَّأْنِ  ))

ثالثًا: مِنَ الإجماعِ

نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ ، وابنُ رُشْدٍ ، والنوويُّ ، والصنعانيُّ  

الفرع الثَّاني: أن تكونَ قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شَرعًا

يُشْتَرَط في الأضْحِيَّةِ أن تكون قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شرعًا، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بما دون الثنيَّةِ مِن غيرِ الضَّأنِ، ولا بمادُونَ الجَذَعةِ مِنَ الضَّأنِ.

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ 

عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أنْ يَعْسُرَ عليكم، فتذبَحوا جَذَعةًمِنَ الضَّأنِ  ))

ثانيًا: مِنَ الإجماعِ

نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبْدِ البَرِّ ، والنوويُّ ، والشنقيطيُّ ، وحكاه ابْنُ حَزْمٍ في إجزاءِ الثَّنِيِّ مِنَ المَعْزِ ، والتِّرمذيُّ فيإجزاءِ الجَذَعِ مِنَ الضَّأنِ  

مسألةٌ: معنى الثَّنِيِّ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، والجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ

الثَّنِيُّ مِنَ الإبِلِ ما أتمَّ خَمْسَ سنينَ، ومِنَ البَقَرِ ما أتمَّ سَنتينِ، ومِنَ المَعْزِ ما أتمَّ سَنَةً، والجَذَعُ مِنَ الضَّأنِ ما أتمَّ سِتَّةَ أشْهُرٍ؛نصَّ على هذا التَّفصيلِ: فُقهاءُ الحَنَفيَّةِ ، والحَنابِلة ، واختارَه ابنُ عُثيمين ، وأفتت به اللَّجنةُ الدَّائمةُ

الفرع الثَّالث: السَّلامةُ مِنَ العُيوبِ المانِعةِ مِنَ الإجزاءِ

يُشْتَرَطُ في الأضْحِيَّةِ السَّلامةُ مِنَ العيوبِ المانعةِ مِنَ الإجزاءِ، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بالعوراءِ البَيِّنِ عَوَرُها، والمريضَةِ البَيِّنِمَرَضُها، والعَرْجاءِ البَيِّنِ ضَلْعُها، والعَجْفاءِ التي لا تُنقِي

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّموأشار بأصابِعِه، وأصابعي أقصَرُ مِنأصابِعِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّميُشيرُ بأُصْبُعِه؛ يقولُ: لا يجوز مِنَ الضحايا: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعَرْجاءُ البَيِّنُعَرَجُها، والمريضةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجفاءُ  التي لا تُنْقِي ))

ثانيًا: مِنَ الإجماعِ

نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ حَزْمٍ  وابنُ عَبْدِ البَرِّ ، وابنُ رُشدٍ ، وابنُ قُدامة ، والنوويُّ  

الفرع الرابع: أن تكونَ التَّضحِيةُ في وقتِ الذَّبحِ

(يُنظَر: أوَّلُ وقتِ التَّضحيةِ، وآخِرُ وَقْتِها)

الفرع الخامس: نيَّةُ التَّضحيةِ

يُشْتَرَط على المضَحِّي أن ينوِيَ بها التَّضحيةَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ، والشَّافعيَّة  والحَنابِلة

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى  ))  

ثانيًا: أنَّ الذَّبحَ قد يكون لِلَّحمِ، وقد يكون للقُرْبَةِ، والفعلُ لا يقَعُ قُرْبَةً بدونِ النيَّةِ

المطلب الرابع: وقتُ الأضْحِيَّة

الفرع الأوَّل: أوَّلُ وقْتِ التَّضحيةِ

المسألة الأولى: ذَبْحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ يومَ النَّحرِ

لا يجوزُ ذَبحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ في يومِ النَّحرِ.

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْنُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ  ))

ثانيًا: مِنَ الإجماعِ

نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ ، والقرطبيُّ  

المسألة الثَّانيَة: ذبحُ الأضْحِيَّةِ قبل الصَّلاةِ

لا يجوزُ ذَبحُ الأضْحِيَّةِ قبل صلاةِ العيدِ.

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

1- عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذاأنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ فيشيءٍ  ))

2- عن جُنْدَبَ بنِ سُفيانَ البَجَليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضَحَّيْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أضْحِيَّةً ذاتَ يومٍ، فإذاأُناسٌ قد ذبحوا ضحاياهم قبلَ الصَّلاةِ، فلما انصَرَفَ رآهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهم قد ذبَحوا قبل الصَّلاةِ، فقال:من ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيَذْبَحْ مكانَها أخرى، ومَن كان لم يَذْبَحْ حتى صَلَّيْنا فلْيَذْبَحْ على اسْمِ اللهِ  ))

ثانيًا: مِنَ الإجماعِ

نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ  والنوويُّ ، وابنُ رُشدٍ  

الفرع الثاني: ابتداءُ وَقتِ ذَبحِ الأضْحِيَّةِ

يبدأُ وقتُ الأضْحِيَّةِ بعد صلاةِ العيدِ، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة ، والحَنابِلة ، واختارَه الطَّحاوي ، والشوكانيُّ ، وابنُ عُثيمين  

الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ: 

1- عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذاأنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ فيشيءٍ  ))

2- عن جُنْدَبَ بنِ سُفيانَ البَجَليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضَحَّيْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أضْحِيَّةً ذاتَ يومٍ، فإذاأُناسٌ قد ذبحوا ضحاياهم قبلَ الصَّلاةِ، فلما انصَرَفَ رآهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهم قد ذبَحوا قبل الصَّلاةِ، فقال:من ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيَذْبَحْ مكانَها أخرى، ومَن كان لم يَذْبَحْ حتى صَلَّيْنا فلْيَذْبَحْ على اسْمِ اللهِ  ))

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ الحديثَ يدُلُّ على أنَّ مَن ذَبَح بعد الصَّلاةِ، فله نُسُكٌ، سواءٌ انتهت الخُطبةُ أم لم تَنْتَهِ، وسواءٌ ذبَحَ الإمامُ أم لم يذبَحْ، وأنَّمَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ، فعليه أن يذبَحَ أخرى مكانَها

3- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنْ ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيُعِدْ)) 

الفرع الثالث: وقتُ الأضْحِيَّةِ في غيرِ أهْلِ الأمصارِ

يَبدأُ وقْتُ الأضْحِيَّةِ لِمَن كان بمَحَلٍّ لا تُصلَّى فيها صلاةُ العيدِ كأهلِ البوادي: بَعدَ قَدْرِ فِعْلِ صلاةِ العيدِ بعدَ طلوعِ الشَّمسِقِيدَ رُمْحٍ، وهذا مذهَبُ الحَنابِلةِ ، واختارَه ابنُ عُثيمين ؛ وذلك لأنَّه لا صلاةَ في حقِّهم تُعتَبَر، فوجب الاعتبارُ بِقَدْرِها

الفرع الرابع: زَمَن التَّضحيةِ وحُكْمُ التَّضحيةِ ليلًا 

المسألة الأولى: زَمَنُ التَّضحيةِ 

اختلف الفقهاءُ في زَمَنِ التَّضحيةِ على قولينِ: 

القول الأوّل: أيَّامُ التَّضحيةِ ثلاثةٌ: يومُ العيدِ واليومانِ الأوَّلانِ مِن أيَّامِ التَّشريقِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة، والحَنابِلة

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن تُؤكَلَ لُحومُ الأضاحيِّ بعد ثلاثٍ  ))

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّهصلَّى اللهُ عليه وسلَّمنهى عن أكْلِ لُحومِ الأضاحيِّ فوقَ ثلاثةِ أيَّامٍ، ولو كان اليومُ الرابعُ يومَ ذبحٍ، لكان الذبحُمشروعًا في وقتٍ يَحرُمُ فيه الأكلُ، ثُمَّ نُسِخَ بعد ذلك تحريمُ الأكلِ، وبَقِيَ وقتُ الذَّبحِ بحالِه

ثانيًا: أنَّه وَرَدَ عن الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم تخصيصُه بالعيدِ ويومينِ بعده: منهم عمر، وعلي، وابن عمر، وابن عبَّاسٍ،وأبو هريرة، وأنس، رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا يُعرَف لهم مِنَ الصَّحابةِ مخالِفٌومِثْلُ هذا لا يُقالُ بالرأي

ثالثًا: أنَّه قد ثبت الفَرْقُ بين أيَّامِ النَّحر وأيَّامِ التَّشريقِ؛ ولو كانت أيَّامُ النَّحرِ أيَّامَ التَّشريقِ لَمَا كان بينهما فَرْقٌ، وكان ذِكْرُأحدِ العَدَدينِ يَنوبُ عن الآخَرِ  

القول الثاني: يبقى وَقتُ التَّضْحِيةِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة ، وقولٌ للحَنابِلة ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَالسَّلَفِ ، واختارَه ابنُ تيميَّة ، وابنُ القَيِّم ، والشوكانيُّ ، وابنُ باز ، وابنُ عُثيمين

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

1- عن جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((كلُّ مِنًى منحَرٌ، وكلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْحٌ))

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ الحديثَ نَصٌّ في الدَّلالةِ على أنَّ كُلَّ أيَّامِ مِنًى أيامُ نَحرٍ

2- عن نُبَيْشةَ الهُذَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرٍ للهِ عَزَّوجَلَّ  ))  

ثانيًا: أنَّ الثَّلاثةَ أيَّامٍ تختَصُّ بكونها أيامَ مِنًى، وأيامَ الرَّمْيِ، وأيَّامَ التَّشريقِ، وأيَّامَ تَكبيرٍ وإفطارٍ، ويحرُمُ صيامُها؛ فهىإخْوةٌ في هذه الأحكامِ، فكيف تَفْتَرِقُ في جوازِ الذَّبحِ بغيرِ نَصٍّ ولا إجماعٍ؟!

المسألة الثَّانيَة: حُكْمُ التَّضحيةِ في ليالي أيَّامِ النَّحرِ 

التَّضحيةَ في اللَّيلِ تُجزئُ، وهو مذهَبُ: الحَنَفيَّة ، والشَّافعيَّة ، وقول للحَنابِلة ، واختيارُ ابْنِ حَزْمٍ ، والصنعانيِّ ،والشوكانيِّ ، وابنِ عُثيمين

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ الكتاب

قولُ الله تعالى وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28] 

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ الأيَّامَ تُطلَقُ لغةً على ما يشمَلُ اللياليَ

ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ

عن جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذبْحٌ))

وَجْهُ الدَّلالةِ:

ذِكْرُ الأيَّامِ في الحديثِ وإنْ دلَّ على إخراجِ اللَّيالي بمفهومِ اللَّقَبِ، لكِنَّ التعبيرَ بالأيَّامِ عن مجموعِ الأيامِ واللَّيالي، والعَكْسُمشهورٌ متداوَلٌ بين أهْلِ اللُّغةِ، لا يكادُ يتبادَرُ غيرُه عند الإطلاقِ

ثالثًا: أنَّ الليلَ زَمَنٌ يَصِحُّ فيه الرَّميُ، وداخِلٌ في مدَّةِ الذَّبحِ، فجاز فيه كالأيَّامِ  

رابعًا: أنَّ اللهَ قد أباح ذَبْحَ الحيوانِ في أيِّ وقتٍ

خامسًا: أنَّ القول بالكراهة يحتاج إلى دليل

الفرع الخامس: المُبادَرةُ إلى التَّضحِيَةِ

يُستحَبُّ المبادرَةُ في ذبْحِ الأضْحِيَّةِ بعد دخولِ وَقْتِها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة

وذلك للآتي:

أوَّلًا: ما فيه مِنَ المبادَرَةِ إلى الخيرِ، والخروجِ مِنَ الخلافِ

ثانيًا: أنَّ اللهَ جَلَّ شأنُه أضافَ عبادَه في هذه الأيامِ بلُحومِ القَرابينِ، فكانت التَّضحِيَةُ في أوَّلِ الوَقتِ مِن بابِ سُرعةِ الإجابةِإلى ضيافَةِ اللهِ جَلَّ شأنُه

المطلب الخامس: من آدابِ التَّضحِيَة وسُنَنِها

الفرع الأوَّل: حُكْمُ حَلْقِ الشَّعر وتقليمِ الأظفار لِمَن أراد أن يضَحِّيَ

اختلفَ الفُقهاءُ في حُكْمِ حَلْقِ الشَّعْرِ وتقليمِ الأظفارِ لمَنْ أراد أن يضَحِّي، بعد رؤيةِ هلالِ ذِي الحِجَّة، على أقوالٍ، أقواهاقولان: 

القول الأوّل: يَحْرُمُ على مَن أراد أن يضَحِّيإذا رأى هلالَ ذي الحِجَّةأن يحلِقَ شَعْرَه أو أن يُقَلِّمَ أظفارَه، حتى يضَحِّيَ،وهو مذهَبُ الحَنابِلة ، ووجهٌ للشَّافعيَّة ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ ، واختارَه ابْنُ حَزْمٍ ، وابنُ القَيِّم ، وابنُ باز ، وابنُعُثيمين

الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:

عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان عِندَه ذبْحٌ يُريدُ أن يذبَحَه فرأى هلالَ ذي الحِجَّةِ؛فلا يَمَسَّ مِن شَعْرِه، ولا مِن أظفارِه، حتى يضَحِّيَ  ))

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ مُقتضى النَّهْيِ التَّحريمُ، وهو خاصٌّ يجِبُ تقديمُه على عمومِ غَيرِه

القول الثاني: يُكرَه لِمَن أراد أن يضَحِّيَ أن يحلِقَ شَعْرَه أو أن يقَلِّمَ أظفارَه حتى يضَحِّيَ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة ، والشَّافعيَّة  وهو قولٌ للحَنابِلة

الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:

1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان عِندَه ذبْحٌ يُريدُ أن يذبَحَه فرأى هلالَ ذيالحِجَّةِ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعْرِه، ولا مِن أظفارِه، حتى يضَحِّيَ  ))

2- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: ((أنا فَتَلْتُ قلائِدَ هَدْيِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدَيَّ ثمَّ قَلَّدَها رسولُ اللهِصلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدِه ثمَّ بعثَ بها مع أبي، فلم يَحْرُمْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شَيءٌ مِمَّا أحَلَّهُ اللهُ حتى نَحَرَالهَدْيَ ))  

وَجْهُ الدَّلالةِ:

1- أنَّه لم يَحْرُمْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيءٌ بِبَعْثِه بِهَدْيِه، والبَعْثُ بالهَدْيِ أكثَرُ من إرادةِ التَّضحيةِ، ولم يكنِالنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِيفعَلَ ما نَهى عنه

2- أنَّ النَّهْيَ محمولٌ على الكراهَةِ جمعًا بين النصوصِ  

مسألةٌ: حُكْمُ الفِدْيةِ لِمَن أرادَ أن يُضَحِّيَ فأخَذَ مِن شَعَرِه أو قَلَّمَ أظفارَه

لا فِدْيةَ على مَن أراد أن يُضحِّيَ، وحَلَقَ شَعْرَه أو قَلَّمَ أظْفارَه

الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ: 

 نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ قُدامة ، والمرداوي  

الفرع الثَّاني: أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ

يُستحَبُّ أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ.

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضحَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بكَبشينِ أملحَينِ أقْرَنينِ، ذبَحَهما بيَدِه، وسَمَّى وكَبَّرَ،ووَضَعَ رِجْلَه على صِفاحِهما  ))

ثانيًا: مِنَ الإجماعِ

نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ

ثالثًا: أنَّها قُربةٌ، وفِعْلُ القُربةِ أَوْلى مِنِ استنابَتِه فيها

الفرع الثالث: الأكلُ والإطعامُ والادِّخارُ مِنَ الأضْحِيَّة

يجوزُ للمُضَحِّي أن يأكُلَ من أضحِيَّتِه ويَطعَمَ ويدَّخِرَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ،والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ الكتاب 

قَولُه تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 27]

ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ

1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه نهى عن أكْلِ لُحومِ الضَّحايا بعد ثلاثٍ، ثم قال بعدُ: كُلُوا،وتَزَوَّدوا، وادَّخِروا  ))

2- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا ضحَّى أحَدُكم فلْيَأْكُلْ مِنْ أُضْحِيَّتِه  ))

المطلب السادس: الاستِنابةُ في ذَبْحِ الأضْحِيَّة

يجوز للمُضَحِّي أن يستنيبَ في ذَبْحِ أُضْحِيَّتِه، إذا كان النَّائِبُ مُسلِمًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ،والمالِكيَّة ، والشَّافعيَّة والحَنابِلة ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ  

الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:

عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحَرَ ثلاثًا وسِتِّينَ بيده، ثم أعطى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَرَ  ))

المطلب السابع: أيُّهما أفضَلُ: ذبحُ الأضْحِيَّةِ أو التصَدُّقُ بثَمَنِها؟

ذبحُ الأضْحِيَّةِ أفضَلُ مِنَ التصَدُّقِ بثَمَنِها؛ نصَّ على هذا فُقهاءُ الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ، والحَنابِلة ، واختارَه ابنُ باز ، وابنُعُثيمين

وذلك للآتي:

أوَّلًا: أنَّ إيثارَ الصَّدَقةِ على الأضْحِيَّةِ يُفضِي إلى تَرْكِ سُنَّةٍ سَنَّها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم

ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضحَّى والخلفاءُ بعده، ولو عَلِمُوا أنَّ الصَّدَقةَ أفضَلُ لعَدَلُوا إليها

ثالثًا: أنَّ الأضاحِيَّ واجبةٌ عند طائفةٍ مِنَ الفقهاء، أمَّا التصَدُّقُ بثَمَنِها فهو تطوُّعٌ محضٌ

رابعًا: أنَّ الأضاحيَّ تفوتُ بفَواتِ وَقْتِها بخلافِ الصَّدَقةِ بثَمَنِها، فإنَّه لا يفوتُ، نظيرُ الطَّوافِ للآفاقيِّ، فإنَّه أفضَلُ له مِنَالصَّلاةِ؛ لأنَّ الطَّوافَ في حَقِّه يفوتُ بخلافِ المكِّيِّ

خامسًا: أنَّ فيها جمعًا بين التقَرُّبِ إلى الله تعالى بإراقةِ الدَّمِ والتصَدُّقِ، ولا شكَّ أنَّ الجمعَ بين القُرْبَتينِ أفضَلُ

المطلب الثامن: إعطاءُ الجَزَّارِ مِنَ الأضْحِيَّة ثمنًا لذَبْحِه

لا يجوزُ إعطاءُ الذَّابحِ مِنَ الأضْحِيَّة ثمنًا لذَبحِه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة ، والمالِكيَّة ، والشَّافعيَّة ،والحَنابِلة  

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أمَرَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن أقومَ على بُدُنِه، وأن أتصَدَّقَ بلَحْمِها وجُلُودِهاوأَجِلَّتِها، وأنْ لا أعطِيَ الجزَّارَ منها، قال: نحنُ نُعطيه مِن عِندِنا  ))

ثانيًا: أنَّ ما يدفَعُه إلى الجزَّارِ أجرةُ عِوَضٍ عن عَمَلِه وجِزارَتِه، ولا تجوزُ المعاوَضةُ بشيءٍ منها

المطلب التاسع: الأضْحِيَّةُ عن المَيِّتِ استقلالًا

لا تُشْرَعُ الأضْحِيَّةُ عن الميِّتِ استقلالًا، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة ، واختارَه ابنُ عُثيمين ، وكَرِهَها المالِكيَّة

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ الكتاب 

قَولُه تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [ النجم: 39 ]

ثانيًا: لم يَرِدْ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا عن الصَّحابةِ ولا عن أحدٍ مِنَ السَّلَفِ أنَّهم ضَحَّوْا عن الأمواتِ استقلالًا

ثالثًا: أنهَّا عبادةٌ، والأصلُ أنْ لا تُفعَلَ عن الغيرِ إلَّا ما خَرَجَ بدليلٍ، لا سيَّما مع عَدَمِ الإذنِ

رابعًا: أنَّ المقصودَ بذلك غالبًا المباهاةُ والمُفاخَرةُ